جامعات سورية ثكنات عسكرية

حلب - مجد نبهان

الجامعات السورية ثكنة عسكرية، قاعاتها استراحات للجنود، وباحاتها ساحات للاسلحة ثقيلها وخفيفها" .. هذا ما قاله الطالب في السنة الثالثة في كلية الاقتصاد بجامعة حلب أحمد مراد.

يقول مراد: منذ أن بدأت الثورة السورية بدأ الحراك الثوري في مختلف الجامعات السورية وهذا أمر طبيعي فثورتنا ثورة الشباب، ومنذ أن انطلقت أولى الصيحات في أولى المظاهرات انتهك الحرم الجامعي بكل اشكال وأساليب القمع غير المتحضر،حتى تحولت كلياتنا ثكنات سكرية يقيم فيها عناصر الأمن وقوات جيش النظام.

ويسرد طالب كلية الاقتصاد ان العام الماضي كان أخف وطأة وكانت القوات التابعة للنظام تأتي إلى الجامعة عند قيام المظاهرات لقمع الطلاب بكل الوسائل كالضرب وأحياناً إطلاق النار المباشر أو غير المباشر أما مع بداية العام الدراسي فقد تحولت كلياتنا بمكان زرعت فيه عناصر جيش النظام الذين يفوق عددهم عدد الطلاب القادرين على الوصول إلى الجامعة اصلاً.

واضاف نداوم في كلياتنا بنفسيات محطمة بسبب الظروف المحيطة، ومن المستحيل أن نصل إلى قاعات المحاضرات من دون التعرض لإهانة من قبل عناصر الجيش الموجودين الذين أغلبهم لا يحملون أية شهادة علمية كما لا يحملون أية اخلاق.

زاهر قطان أحد طلاب الدراسات العليا في كلية العلوم يشير الى ساحة صغيرة يقف امامها وهو يقول لمضمون جديد: شهدت هذه الكلية جرائم قتل متعددة، وفي هذه الساحة الصغيرة قتل أكثر من طالب بسبب هتاف ردده أو لافته مناهضة للنظام حملها، حتى أن بعض الدكاترة هنا تعرضوا للضرب والإهانة من قبل عناصر النظام وما يسمون بالشبيحة، فأية جامعات تلك وأي تعليم عالٍ يهان فيه المحاضر والطالب من قبل أناس لا يفقهون شيئاً وقد لا يعرفون كتابة أسمائهم.

ويضيف القطان: نأتي بشكل يومي مجبرين فلدي بحث علمي علي ان أتمه لأحصل على درجة الماجستير .. وأصل إلى المختبر الذي أقوم به بأبحاثي وأنا محطم نفسياً من هول ما أشاهد ففي طريقي إلى الكلية ومن مدخل الجامعة وحتى باب الكلية وإلى باب مخبري قد أتلقى عدة إهانات مختلفة، مشيرا إلى أنه بات يكره الجامعة والعلم والبحث العلمي وهو يجلس ساعات من دون أن ينجز إلا القليل.

ويجلس قطان، وهو يقول وكأنه يحدث نفسه: "هل أكمل أبحاثي أمأمكث في منزلي وأنسى الأمر حالياً.. لكنهذا يعني اني سأضيّع سنين من عمري من دون فائدة.

حيرة يعيشها كل طلاب الجامعات السورية وظروف قاسية يجبرون على تحملها.وحسب ما اطلع عليه "مضمون جديد" فان معظم الطلاب يفكرون بترك الجامعة لأنهم حتى ولو تخرجوا فهم لا يعرفون شيئاً عن مستقبلهم، وهل سيجنون فائدة من تعبهم ومخاطرتهم تلك.

يقول عبد الحميد رحمون طالب في السنة الاولى بكلية الهندسة الميكانيكية لــ مضمون جديد: بالنسبة لي داومت في الكلية الأسبوع الاول فقط،ولم احتمل أن تتحول كليتي الى ثكنة عسكرية ويا ليتها كانت لجيش وطني بل لجيش يقتل الشعب.

واضاف لن اغامر بحياتي من اجل دراستي،فقد اتلقى رصاصة من قناص واخسر حياتي لذا أوافق على خسارة دراستي ومن يدري قد تنتهي هذه الظروف واعود إلى كليتي .

ويضيف رحمون: لا فائدة ترجى من الذهاب إلى الجامعة ففي معظم الاحيان يتغيب المدرس لأسباب عدة حاجز عسكري يمنعه من المرور أو يؤخره في الوصول الى الجامعة او طريق مغلق أو غير ذلك من الظروف.

أحد موظفي رئاسة الجامعة التقاه مضمون جديد وبسرية تامة من دون ان يشعر به أحد المخبرين المنتشرين في كل مكان علىلا حد قوله.

قال لــ مضمون جديد: آتي إلى هنا فقط لأحصل على مرتبي آخر الشهر ولو كان معي ثمن طعام لاطفالي لما عرضت نفسي لخطر الوصول إلى الجامعة أبداً لكنني مجبر فأطفالي الخمسة يحتاجون هذا المرتب .

ويضيف: اعان الله طلابنا على هذا الشقاء تمنيت قدومكم أيام الامتحانات لتروا نفسيات الطلاب الحائرة والشحوب الذي يعتلي وجوههم .. تجد في وجوههم الكثير مما لا تستطيع قراءته بشكل جيد اهو الخوف من مستقبل مجهول ينتظرهم أم هو القلق الامتحاني أم الرغبة في الخروج من هذا القفص الخانق بأسرع وقت ممكن.

الكل يدخل قاعة الامتحان بمعنويات محطمة والكل يخرج منها كما دخل، أسمع أحياناً الطلاب حين يتحدثون بعبارات الاحتجاج والرفض خفية، يكفيهم هذا الشعور بالقمع. ويتساءل كيف سيكون هؤلاء الطلاب بناة هذا الوطن مستقبلاً وهم يرون من يحطمه ويحطمهم معه .. يحلمون بالانعتاق من كل هذه القيود .. تلك القيود التي تقتل أية موهبة أو أي حلم داخل كل شاب.

وناشد هذا الموظف الذي شدد على عدم الاشارة الى اسمه منظمة اليونسكو المسؤولة عن التعليم للتنبه لحال الجامعات السورية والعمل بالتنسيق مع الامم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان لحماية الطالب الجامعي نفسياً وجسدياً.

أضف تعليقك