الوعر في حمص .. الخوف عندما يخرس براءة الاطفال

حمص - أحمد البكور

"مضمون جديد" وصل الى حي الوعر في حمص، لكن بمئة حيلة وحيلة. رغم انه اقل الاحياء الحمصية تأثيرا بحملة تطهير الحياة التي تمارسها قوات النظام هناك.

من أجل ذلك تحول حي "الوعر" الى منطقة جاذبة للاجئين من الأحياء الأخرى، رغم انه حي شعبي مزدحم في أوقات الرخاء فكيف اليوم.

عبد الجليل الشاب من أبناء المنطقة الذي مكن "مضمون جديد" من الوصول إلى حيه.
عبدالجليل جال بنا في أحد الشوارع القريب من المدرسة التي بدورها لا تزال متخمة بالعوائل الفقيرة بعد ان حولت صفوفها غرف مؤقتة للسكن بعد ارتفاع أثمان الإيجار بل وندرته.

حدثنا عبد الجليل عن معانات هذه الأسر، وعن الحالة الصحية والنفسية المزرية التي يعاني منها الاهالي فقال: أصبحنا نعيش صعبة .. رعب وخوف دائمين .. وأحدنا لايدري هل يكتب له أن يعيش يوما آخر أم أن منيته دنت؟

لكن بالنسبة الى عبدالجليل فان الخاصرة الاضعف في كل هذا المشهد هم الاطفال الذين قال انهم لم يعودوا كما كانوا.

ليس هناك أطفال يركضون ويلعبون فوجوههم شاحبة صفراء وأصيب 70 % منهم باليرقان، وهذا غيض من فيض ناهيك عن "اللايشمانيا" المرض الجلدي العضال.

أحد الأطفال كان يجلس على أحد الأرصفة وقد ظهرت ' بثور' كبيرة الحجم في وجنتيه . علمنا لدى سؤالنا أحد الاطباء الموجودة في الحي ويدعى الدكتور "مجد" بان ما يعاني منه الطفل "اللايشمانيا" وهي حشرة تشبه الذباب من حيث الشكل ولكنها خطرة جدا وهي حاملة لجراثيم ذات تأثير عظيم على المصاب وتترك تشوهات جلدية على المريض المصاب ومشاكل نفسية وبالأخص عند الفتيات وأسباب الإصابة بهذه الآفة هي العوامل المساعدة على تكاثر هذه الحشرة الناتجة عن تراكم القمامة في مكان قريب من الحي والتلوث الحاصل في الصرف الصحي والخدمي وصعوبة الصيانة لضعف الإمكانات المادية والمبيدات في ظل الظروف الراهنة وغياب أجهزة الدولة العاملة في مجال النظافة الأمر الذي ساهم في تفاقم المشكلة وتفشيها.

يقول عبدالجليل ايام زمان كانت البلدية ترش المبيدات ضد هذه الآفات لكن النظام استبدلها بقذائف المدفعية الثقيلة والصواريخ.

تحولنا إلى شارع آخر في الحي وتحدثنا مع سيدة كانت ترقبنا من بعيد فسألها "مضمون جديد" عن أحوالها واوضاع اسرتها.

تقول أم مصطفى في العقد الاربعين من عمره: أنها أصبح لديها مشكلة أخرى وهي لختلاج أطفالها "معن' و"محمد" أثناء نومهم والبكاء والرعب والصراخ الشديدين، خصوصا لدى اشتداد واحتدام المعارك.

وأضافت أن المشكلة النفسية والعصبية لدى صغار الحي هي ذاتها. وقد أخبرنها نسوة في الحي أن الأمر ذاته ما يواجهنه مع أطفالهن.

ام مصطفى قالت بعض الاطفال وصل حد فقدانه للنطق نتيجة صدمة شديدة سببها انفجار مروع وقذائف الدبابات بالقرب من المنطقة ليلا.

سارعنا للقاء والدي الفتى الذي أصيب بفقدان النطق ورغم رفضهما التحدث إلينا في بداية الأمر لكن والد الطفل تحدث غاضبا: هل هذه حياة يعيشها أمثالنا .. انظر ما حل بهذا الطفل، ويقصد الذي فقد النطق خوفا.

يسأل خوفا وقلقا واضطرابا: هل سيشفى لقد أخبرنا أنه يجب أن يخضع لعلاج عصبي ونفسي طويل واضطراب الحالة النفسية يؤثر سلبا على العلاج غير الموجود أصلا.

كان الرجل يحكي قصته بحرقة بينما زوجه ام الطفل تجلس بالقرب منا وقد امتلأت عيناها بالدمع .. لكن بصمت.. صمت لا يشبه الصاروخ الذي دفعنا الى مغادرة الحي والعودة من حيث اتينا.

أضف تعليقك