أشجار الزيتون تموت في تلرفعت

حلب – مجد نبهان - مضمون جديد

علي الحلو مزارع سوري مقيم في مدينة تلرفعت بالريف الريف الحلبي الشمالي. الحلو فَقَد المورد الوحيد لرزقه هذا العام، بعد أن أمطر النظام السوري أرضه بالقذائف والصواريخ والنيران التي لم تبق ولم تذر.
"يريدون قتلنا حتى ولو استعملوا اسلوب تجويعنا حتى الموت". يقول الحلو لـ "مضمون جديد".
بحسب المزارع الحلبي فان النظام السوري يستهدف المزرعات لتخريف الاراضي وتجويع أصحابها.

يقول المزراع الذي تحول الى باحث عن لقمة تسد جوع أطفاله الستة بعد تخريب الصواريخ لارضه: احتراق الأراضي الزراعية في مدينة تلرفعت سيؤدي إلى مجاعة حقيقية في المدينة التي يعتمد غالبية سكانها في قوت يومهم على ما تنتجه تلك الأراضي من محاصيل، يستهلكون جزءا منها ويبيعون الجزء الفائض لتأمين باقي حاجياتهم الأساسية.

تلرفعت مدينة ثارت مبكرا على النظام السوري. تقع في ريف حلب الشمالي على بعد حوالي 40 كم عن حلب، عدد سكانها حوالي 35 ألف نسمة، وهي مدينة زراعية خصبة الأراضي مياهها وفيرة كونها سطحية سهلة الاستخراج.

وتعرضت هذه المدينة للقصف المدفعي والصاروخي العنيف من قبل الجيش السوري على مختلف مناطق ريف حلب الثائرة. وأدى هذا القصف الى تأثيرات سلبية كبيرة على البيئة، وخاصة في شقها الزراعي.

ومن لا يعرف تلرفعت فهي مدينة زراعية بامتياز تنتج كميات ضخمة جدا من الحبوب كالقمح والشعير والعدس، وأراضيها تزرع لدورتين زراعيتين فتنتج ايضا في الموسم الصيفي الكثير من انواع الخضراوات كالبندورة والبامياء والبصل والفول وغيرها من المحاصيل الصيفية.

ومن الاشجار المثمرة تشتهر بالشجرتين المباركتين التين والزيتون، كما الجوز الذي يتوفر لغناها بالمياه بسبب قرب المياه الجوفية من سطح الأرض.

يخشى أهالي المدينة ان لا تعود تربة اراضيها كما كانت عليه قبل الثورة السورية. لكن على حد تعبير الحلو: نحن لا نفكر بمستقبل هذه التربة وهذه الأرض وبصراحة نحن نفكر من أين نحصل على طعام أطفالنا بعد أن خسرنا الموسم الزراعي كله، خاصة أننا ضمن هذه الظروف لا نستطيع أن نعمل في أي مجال آخر لكسب رزقنا.

ومنذ بدء القصف على تلرفعت والاهالي كما يقولون يراقبون أراضيهم تحترق واحدة تلو الأخرى، فبعد ان تسقط القذيفة يقع الحريق ليمتد إلى مساحات واسعات من الاراضي.

عبد الغني السراج أحد المختصين بالكيمياء الذين يقطنون القرية قال لــ مضمون جديد: ان الحرائق التي تتعرض لها اراضي المدينة الزراعية ستؤثر على جودة التربة بلا شك، فهي تدمر الكثير من العناصر المهمة من أجل الزراعة، معربا عن خشيته ان لا تعود هذه الأراضي تعطي المحصول الذي كانت تعطيه في السابق في انتظار استعادة التربة لعافيتها وإمكاناتها العضوية ومواصفاتها السابقة.

وجال "مضمون جديد" على بعض الأراضي الزراعية المحترقة، المغطاة بطبقة سوداء هي نواتج احتراق المادة العضوية سواء المزروعة أو الموجودة مسبقاً داخل التربة.

ووفق السراج فإن خطورة هذه المادة تكمن في اختلاطها بأعماق التربة بسبب العوامل الجوية من رياح وأمطار وغيرها من العوامل.

واضاف إن ذلك الاختلاط سيؤدي بالتأكيد إلى انخفاض تركيز المادة العضوية والمعدنية وبالتالي ضعف الخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة، مما يعني سوء الإنتاج الزراعي.

محمد النجار مواطن آخر من مدينة تلرفعت وهو رب أسرة مؤلفة من أربعة أطفال وأمهم وقد ترك منزله داخل المدينة عند اشتداد القصف عليها وعند سماعه باقتحام قادم . خرج ليسكن في غرفة صغيرة واحدة خارج المدينة في كرم الزيتون الخاص به، كان قد بناها سابقا لاستعمالها لنزهاته وأسرته فيقيمون فيها عدة ساعات ويعودون لبيتهم.

النجار تحدث – مضمون جديد – قائلاً: عندما كنا نأتي إلى هنا في السابق كنا نجلس بين أشجار الزيتون، أما اليوم فنجلس بين أشجار الفحم المحترق، لقد سقطت عدة قذائف على هذه البقعة بسبب القصف العشوائي الذي كانت قذائفه تهطل كالمطر على المدينة.

ويشعر المزارعون في تلرفعت بالغيظ الشديد كما يقولون جراء احتراق مساحات واسعة من اشجار الزيتون. وعلى حد تعبير النجار فهي كنز حقيقي وكأنها ولية امرك فكيف تحرق؟

ويخشى النجار أن ما تبقى من اشجار زيتون لن يكون منتجاً فعلى حد قوله أن شظايا القذائف والمواد الكيميائية التي انبعثت منها واستقرت على سطح التربة، قد تحدث تغييرات كبيرة عليها.
وينتظر انتهاء الازمة للبحث في البحث عن اجابات على لسان خبراء لاسئلة كثيرة باتت شظايا بين اغصان اشجارهم المحروقة.

أضف تعليقك