أزمة سكن خانقة في حلب.. والتقديرات بوضع اسوأ بعد هدوء القتال
حلب - محمد إقبال بلّو - مضمون جديد
كانت حلب قبل الازمة السورية مدينة مكتظة بالسكان. فاصبحت مدينة مكتظة بالدمار. حلب مدينة منكوبة عم الدمار أحياءها.
يصل عدد سكان حلب الى الخمسة ملايين نسمة. لكن حلب لا تدر ما يبقى لها بعد توقف آلات القتل والدمار.
أحياء بكاملها سويت بالارض.. وأخرى سكنها الاشباح، في حلب القصف لا يتوقف.. قصف من مدفعي ومن الطائرات المروحية ومن طائرات الميغ، وقصف بالهاون، ومن راجمات الصواريخ.
تقول المعارضة: بعد ان فقدت قوات النظام السيطرة على جزء كبير من المدينة يكاد يشكل حوالي سبعين بالمئة، فقدت معها عقلها، فتحولت الى الة للقتل، فقط للقتل. لكن؟
"
أين سينزح الملايين من البشر"، يقول بلال عبد الرحيم لـ "مضمون جديد"، وهو مواطن من سكان حلب الذي لم يجد مكاناً يذهب إليه هو وعائلته المكونة من سبعة أشخاص.
بلال يسكن حي السكري الذي يتعرض للقصف في معظم الاوقات. الحي الذي تم تمركزت فيه عناصر الجيش الحر المعارض والسيطرة عليه.
يقول عبدالرحيم لـ "مضمون جديد" عندما قصف النظام الريف الحلبي، بدا سكان الريف ينزحون إلى المدينة فامتلأت الشقق بالسكان ولم يبق أي منزل فارغ.. كل المنازل أجرّت لعائلات الريف المنكوب وفي بعض الحالات قدمت مجاناً.
أما الآن بعد قصف معظم أحياء حلب نزح الكثيرون إلى القرى القريبة التي لا تتعرض للقصف وعددها لا يزيد على عدد الأصابع، والبعض الآخر انتقل للعيش عند أقاربه في الأحياء التي ما زالت شبه آمنة في حلب.
كثير من الحلبيين سكنوا المدارس الموجودة في تلك الأحياء، أما الفئة الأكبر فما زالت تسكن بيوتها وتتعرض للقصف كل يوم، التي يزيد عددها عن المليوني نسمة هؤلاء التي لم يجدوا أي مكان يهربون إليه للنجاة بأرواحهم، فكلما دمر بناء ينتقل أصحابه ليقيموا عند من لم تقصف بيوتهم بعد.
هذا حال الحلبيين هذه الأيام، هي مرحلة عصيبة من تاريخ مدينة عرفت لشهور طويلة من الثورة بأنها الأكثر.
يقول أحمد محمد السعد وهو أب لستة أطفال لـ "مضمون جديد" بيوت حلب الآن تغص بساكنيها، حتى أنك تجد بيتاً مؤلفاً من غرفتين يحوي أكثر من خمسة عشر شخصاً، أو تقيم فيه عدة أسر، بعد أن دمر جزء كبير من المدينة، ولم يعد هناك مكان لإقامة الملايين من السكان.
منازل حلب اليوم، للرجال غرفة وللنساء والأطفال غرفة .. هكذا ينتظرون الفرج، كما يقولون .
ويؤكد السعد، وحسب الوضع الراهن واحتمال استمراريته لأيام ليست بالقليلة، فإن نصف حلب على الأقل ستدمر، وبالتالي سنجد أمامنا في المستقبل أزمة سكن كبيرة.
يضيف، كيف سيعيش أربعة ملايين أو خمسة في منازل كانت سابقاً تحتوي على أقل من مليون نسمة وإلى متى سيستمر الحال هذا.
يقول: جميعنا نقول أن – الناس لبعضها – ومن سلم منزله سيرحب بمن تهدم منزله، لكننا هنا أمام سؤال مهم عن المدة التي يستطيع المضيف استقبال ضيفه بهذه الحفاوة التي سيتضاءل حجمها بمرور الأيام إلى أن يصبح تذمراً.
المهندس محمد خالد الحمادي، حلبي يعمل في مجال العقار قال لـ "مضمون جديد"، لنفترض أن الأوضاع تحسنت فيما بعد، وتوقف القصف والتدمير للمدينة، ترى كيف سيستوعب ما تبقى من منازلها العدد الهائل من السكان.
"
حينها سنواجه أزمة سكن خانقة، وستصبح أسعار البيوت خيالية كما أن أسعار الإيجار ستكون كذلك، ولا سبيل أمام شعب محطم مادياً ونفسياً أيضاً".
ويضيف أرى أن الحلول مغلقة، فمعظم سكان حلب اليوم لا يملكون ثمن خيمة، حتى الأغنياء منهم ,, فتجار حلب اعتادوا أن يشتروا بأموالهم بيوتاً وعقارات في الفترة الأخيرة كونها أصبحت التجارة الاربح في سورية، ومعظم الأموال الحلبية هي عبارة عن منشآت ومبان تحطمت ودمرت.
ويخشى الحمادي، أن يكون لذلك آثاراً كارثية على حلب فمثلاً. يقول: إن الشباب سيعزفون عن الزواج لعشر سنوات قادمة على الأقل، وهذا قد يسبب مشاكل اجتماعية وأخلاقية كبيرة من دعارة وجرائم اغتصاب وغيرها من الانحرافات عند جيل الشباب.
كما سيسبب ذلك – وفق الحمادي – باقامة أكثر من عائلة واحدة في بيت واحد قد يشتركون في ثمنه أو قيمة استئجاره وكم سيسبب هذا من نزاعات قد يتطور بعضها إلى مشاجرات وجرائم تابعة لها .
ما يقوله الحمادي: إن الوضع مأساوي حقاً والمشكلة أنه سيكون مأساوياً أيضاً بعد انتهاء هذه الحرب ولمدة سنوات.
المهندس الشاب يقول: حتى ولو توفر من سيدعم المدينة المنكوبة برؤوس الأموال، فبحكم اختصاصي بالهندسة المدنية، فإن إعادة الإعمار والبناء هذه ستستغرق وقتاً طويلاً وستوجد الكثير من العوائق التي تبطئ ذلك.
هذه هي صور من معناة الشعب الحلبي التي نتمنى أن لا تستمر ونناشد الدول العربية الغنية بالثروات النفطية وغيرها من الدول والمنظمات العالمية بالبدء فوراً بوضع الخطط الهندسية والمالية لتنفيذ الإعمار لهذه المدينة المنكوبة حالما تسمح الظروف .. بذلك عسى أن يتم إنقاذ ما تبقى من أهالي حلب الشهباء.
إستمع الآن