العدالة التصويتية والتمثيلية والتخلص من روح"كلوب باشا" أساس الإصلاح السياسي
تبدو مهمة إعادة إنتاج الإصلاح السياسي شاقة الى حد بعيد، وعلى الأطراف المعنية بإدارة ورشة الحوار التأكد تماما بأن خارطة عملها المقبلة يتوجب عليها الاستناد الى سياسة إنتاج جديدة كليا تعالج الاختلال في قانوني الإنتخاب والأحزاب على أسس ومعايير جديدة وليست العودة الى سياسة الترقيع والقص والتركيب.
قوانين الاصلاح السياسي ليست قطعة قماش يمكن للحكومات العودة اليها في كل مناسبة لإعادة تكييفها بما يتناسب وحجم الترهل السياسي للجسد الديمقراطي "نحافة وبدانة"، ولا تصلح بالتأكيد لمقاييس الموضة السياسية المتغيرة حسب الفصول، وبحسب القيم الحكومية الرسمية لمقاييس الحاجة والرغبة الوظيفية.
اليوم تتصدى الحكومة ومجلس الأمة وبتوجيهات ملكية تكررت مرتين في اقل من شهرين لإعادة معالجة النواظم التشريعية والميكانيكية للآلة السياسية الأردنية المتمثلة بقانوني الأحزاب والانتخابات العامة، وهذا ما دفع الحكومة عبر وزارة التنمية السياسية للمسارعة لعقد حوارات مع عديد الأحزاب المرخصة حول قانون الأحزاب المقترح، وحول رؤية الأحزاب نفسها لقانونها ولقانون الانتخاب.
وبحسب ما أعلنه رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات فان المجلس سيباشر بعقد حواراته الخاصة بهذين الملفين الأسبوع الجاري، لكن وحتى اليوم فان المجلس لم يعلن للعموم عن خطة عمله، ولم نعرف ما هي الأجندة التي سيعتمدها لإجراء حواراته، كما أننا لا نعرف هوية الجهات التي سيشاركها الحوار بغية إنتاج قانوني أحزاب وانتخاب جديدين كليا بعد أن يتم إصلاح التالف منهما.
من هنا تبدو المهمة شاقة وشائكة فشركاء الحوار التقليديون"الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني " قدموا كل ما لديهم عبر السنوات السابقة وعبر الحوارات الأخيرة التي لا تزال مستمرة مع الحكومة، ولا أظن أن لدى هؤلاء الشركاء التقليديون أي جديد يمكنهم إضافته لمقترحاتهم المتكررة.
ومع ذلك فالحوار مع هؤلاء ليس نقيصة بل مطلب وضرورة، ولكن يتوجب على إدارة الحوار الإستناد إلى مرجعيات متوافرة لديها تأتي في مقدمتها توصيات لجنة الحوار الوطني التي وضعت في شهر حزيران سنة 2011، وقبلها كانت معطيات الميثاق الوطني"1991 "، ثم حوارات اللجنة القانونية النيابية مع الأحزاب سنة 2007 التي أدارت ظهرها في حينه لكل ما قدمته الأحزاب من مقترحات، ثم خلاصة التجارب الإنتخابية التي خضناها في السنوات العشر الأخيرة ــ على الأقل ــ بما فيها خلاصة تجربة الإنتخابات الأخيرة"2020 ".
وحتى نحقق النجاح وحتى التفوق الذي يطمح الجميع اليه يتوجب أولا وقبل الشروع بوضع أي مشروع قانون للإنتخابات العامة اعتماد مبدأ إعادة تركيب الجغرافية الإنتخابية في المملكة استنادا لعدد السكان وليس للثقل العشائري والجغرافي لضمان العدالة التصويتية لجميع المواطنين وبالتالي توزيع المقاعد البرلمانية على هذا الأساس، وليس على أساس المحافظة على المكاسب وغيرها من المبررات التي لا تزال تقتل كل إصلاح سياسي منشود.
وفي هذا الجانب بالذات يتوجب إدارة الظهر تماما لسياسة"كلوب باشا" التي جعلت دوائر البدو الثلاث دوائر مغلقة، وظلت هذه السياسة تحكمنا حتى الآن، فاليوم والأردن يعبر مئويته الثانية بات من الضرورة بمكان تحرير دوائر البدو من الإغلاق الانتخابي، وجعلها دوائر مفتوحة وحرة.
إذا نجحت إدارة الحوار في اعتماد هاتين القاعدتين فسيكون من السهل تماما التوصل إلى قانون انتخاب يكفل العدالة التصويتية والتمثيلية لكل المواطنين، وبعد ذلك يمكن لإدارة الحوار اعتماد أي نظام انتخابي ( 12 نظام انتخابي في العالم ) ليكون العمود الفقري الذي يستند اليه قانون الإنتخاب المأمول.