كيف راج "شاي الفقاعات" في مختلف دول العالم؟ ولماذا يعزف عنه الشباب الصيني؟
عرف قطاع "شاي الفقاعات" -الذي يضم نحو 500 ألفِ نقطةِ بيع وعددًا ضخمًا من العلامات التجارية بعضها مُدرج في البورصة- نموا سريعا في الصين خلال السنوات القليلة الماضية.
ويعد المراهقون -الذين يميلون بطبيعتهم لتجربة كل ما هو جديد- الأكثر إقبالا على المنتج الذي لاقى رواجا كبيرا في أوساط الشباب الصيني، لحلاوة طعمه وتوافره بألوان مبهجة ونكهات مختلفة.
و"شاي الفقاعات" هو مشروب شاي يتميز باحتوائه على كرات التابيوكا ويأتي بمجموعة واسعة من النكهات، مع أو بدون حليب، وقد اكتسب شهرة كبيرة في الصين بالتزامن مع الطفرة الاقتصادية التي عاشتها البلاد في العقود الأخيرة.
ويصنع "شاي بوبا" أو "شاي الحليب اللؤلؤي" من الشاي والحليب والمُحليات، ويكون عادةً غنيًا بالسكر والسعرات الحرارية، كما تحتوي لآلئ التابيوكا على صمغ الغوار.
ازدهرت صناعة شاي الفقاعات في الصين في السنوات الأخيرة متأثرة بالطفرة الاقتصادية (غيتي)
ورغم النجاح الذي حققه هذا المنتج، فإن المستثمرين فيه بدؤوا يشعرون بالقلق مع تراجع الطلب عليه مؤخرًا، بسبب ارتفاع نسبة البطالة بين فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16و24 عاما. وشهدت هذه الفئة ارتفاعا ملحوظا في معدلات البطالة، وصل إلى 17.1%، وهو أعلى مستوى منذ بداية السنة حسب الاحصائيات والأرقام.
ويبدو أن الشباب الصيني بدأ يتأثر بالأزمة الاقتصادية، ويبحث عن المنتجات الأقل سعرا، مما قد يضطره للتخلي عن "شاي الفقاعات" بحسب توقعات الخبراء الاقتصاديين.
وسُجلت في المدن الكبرى ومراكز التسوق زيادة كبيرة في وقت قياسي للمحال التي توفر هذه المشروبات ولنقاط بيعها، وباتت السوق "مشبَعة" بحسب ما لاحظت الخبيرة في الجيل الجديد من أنواع الشاي ستايسي تشين، التي يبلغ عدد متابعيها على شبكات التواصل الاجتماعي الصينية نحو 180 ألفا.
ولاحظت الشابة أن ثمة في هذا المجال "الكثير من العلامات التجارية والمنتجات الجديدة في السوق"، مشيرةً إلى أن "خفض الأسعار" هو السبيل الوحيد لتمكّن العلامات التجارية من الاستمرار في ظل تراجع ميل المستهلكين إلى الإنفاق.
وأشارت نجمة شبكات التواصل خلال بحثها عن نكهات جديدة في أحد المتاجر إلى أن "سعر كوب كبير من الشاي الحلو هو 4 يوانات فقط، أي نحو 55 سنتا من الدولار".
وعرف قطاع "شاي الفقاعات" الذي يضم نحو 500 ألف نقطة بيع وعددا لا يحصى من العلامات التجارية، بعضها مُدرج في البورصة، نموا سريعا في السنوات الأخيرة.
شركات تلجأ إلى خفض الأسعار
ومن الشركات الأكثر خفضا للأسعار علامة "ميكسيو بينغتشينغ" التي أسسها شقيقان عام 1997 وكانت في الأصل مجرّد شركة للمثلّجات (آيس كريم).
وذكّرت إيفلين تشانغ من شركة التسويق "تشاينا سكيني"، بأن "ميكسيو" كانت "أول من استثمر في مجال الشاي بالحليب المنخفض السعر".
وهذا الخيار الذي اعتمدته الشركة يؤتي ثماره اليوم نظرا إلى الوضع الاقتصادي.
وبات الشعار البصري للشركة، وهو عبارة عن رجل ثلج مبتسم يحمل مخروط آيس كريم، حاضرا بكثافة في مختلف أرجاء الصين.
ولاحظت غوو جون (21 عاما) أن "ثمن أنواع الشاي الأخرى مرتفع جدا"، وحصلت الشابة التي تعيش في بكين على خصم أتاح لها التلذذ بالليموناضة المثلجة بسعر زهيد جدا هو 2.8 يوان (نحو 40 سنتا من الدولار).
وشرحت غوو جون أن "الضغط في العمل كبير، ووضع الاقتصاد ليس جيدا، والرواتب ليست عالية، لذلك يتصرف (الشباب) بعقلانية كبيرة" عندما يستهلكون.
أما إيفلين تشانغ من "تشاينا سكيني"، فأفادت بأن "الكثير من المقاهي والمطاعم تتكيف (وبالتالي) تخفض أسعارها".
حتى إن مقاهي "ستاربكس" الأميركية التي كان الصينيون يعتبرونها أمكنة عصرية توفر منتجات عالية الجودة، باتت اليوم تواجه صعوبات بسبب لجوء سلاسل محلية عدة إلى خفض الأسعار.
وقالت نجمة الشبكات الاجتماعية ستايسي تشين التي اشتهرت بما تنشره عن شاي الفقاعات "في السابق، كان الجميع (في الصين) يرون في القهوة منتجا مستوردا وفاخرا".
وأضافت "أستطيع اليوم شراء المنتج الفاخر نفسه لقاء 9.9 يوانات"، أي نحو دولار واحد و38 سنتا، وسألت "لماذا يجب أن أدفع أكثر من 20 يوانا لشراء الشاي بالحليب؟".
ليس في الصين وحدها
ورغم المسافات التي تفصلها عن الصين، ينتشر "شاي الفقاعات" في العديد من دول العالم، والتي يعرف فيها بأسماء مختلفة كـ"فقاعات الشاي" و"شاي بوبا"، واستطاع أن يكسر الحدود ليصبح أحد المشروبات المهمة لجيل الألفية.
ففي العام 2020 تحول "شاي الفقاعات" إلى رمز رسمي لتايوان وخُصص له يوم وطني حدد بـ30 أبريل/نيسان. وبحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية، فإن المشروب الجديد أصبح يُقدم كبديل للمشروبات الغازية والصودا مع الوجبات السريعة.
تحول "شاي الفقاعات" إلى رمز رسمي لتايوان وخُصص له يوم وطني حدد بـ30 أبريل/نيسان (غيتي)
سلبيات "شاي الفقاعات"
وكما ذكر سابقا، يصنع "شاي بوبا" من الشاي والحليب والمُحليات التي تجعله غنيًا بالسكر والسعرات الحرارية، مما قد يساهم في الإصابة بالسمنة أو حتى مرض السكري حال الإسراف في تناوله.
أما لآلئ التابيوكا التي يحتويها، فتحتوي بدورها على صمغ الغوار، وهو مادةٌ مضافة قد تتسبب الإصابة بالإمساك.
وبحسب صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، فإن الأطباء أزالوا أكثر من 300 حصوة من كليتي امرأة تبلغ من العمر 20 عامًا في تايوان بعد دخولها المستشفى وهي تعاني من حمى وآلام شديدة في الظهر.
واكتشف الأطباء حصوات تشبه "الكعك الصغير المطهو على البخار"، يبدو أنها تكونت بسبب إسراف الشابة في شرب "شاي الفقاعات".
مركز "تشي مي" الطبي في مدينة تاينان قال عبر موقعه على الإنترنت، إن التصوير المقطعي المحوسب أشار إلى أن الحصوات يتراوح حجمها بين 5 ملم و2 سم، وكشف اختبار الدم المصاحب عن زيادة في عدد خلايا الدم البيضاء.
وأوضحت التحاليل والكشوفات أن الشابة كانت تفضل شرب "شاي الفقاعات" على الماء الذي لم تكن تستمتع بشربه، هذا ما أدى إلى تكوّن الحصى.