"بخاف على قطع رزقي" يقول أحد العمال المهاجرين رغم تعرضه للعديد من الانتهاكات من قبل صاحب العمل، فيجد نفسه مضطرا للعمل لساعات طويلة دون استراحة أو حصوله على إجازة، كي يحافظ على مصدر رزقه الذي يعيل به أسرته، على حد قوله.
فرغم التشريعات الصادرة لتنظيم عمل العمال المهاجرين، إلا أن التقارير العمالية المحلية، ترصد عدة أشكال من الانتهاكات التي يتعرضون لها، فمنهم من لا يحصل على عطل أسبوعية أو إجازات السنوية، فيما لا يتم شمول آخرين بمظلة الضمان الاجتماعي.
وتشير التقارير إلى أن عمال الزراعة والعاملين في المنازل، يتحملون كامل نسبة الاقتطاع للضمان الاجتماعي التي تقدر بـ21.0 % من مجموع الأجر، فيما لا يتمتع سوى 1% فقط من إجمالي العمال المهاجرين بالتأمين صحي
وخلال ازمة كورونا تعرض العمال المهاجرين الى العديد من الإشكاليات كتسريح البعض من أعمالهم وعدم تحصيلهم لمستحقاتهم المالية، بالاضافة الى عدم تمكنهم من العودة الى بلادهم بسبب توقف حركة الطيران .
ولتحسين بيئة عمل العمالة المهاجرين وتوفير الحمايات اللازمة لهم، تقدم تحالف مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل إلى الحكومة مسودة نموذجية مقترحة لنظام عمال الزراعة في الأردن، وذلك لغايات إصدارها بموجب قانون العمل.
وطالب التحالف بضرورة الإسراع في إصدار نظام عمال الزراعة إضافة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات لحماية العاملين في القطاع.
رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة أبو نجمة يؤكد بانه رغم المحاولات المتكررة منذ 12 عاما لإصدار هذا النظام إلا أنه دون استجابة، مرجعا ذلك لاعتقاد بعض اصحاب القطاعات بان منح العاملين حقوقهم يحملهم أعباء اضافية.
ويشير أبو نجمة إلى أن هناك محاولات من قبل بعض الجهات لتضخيم أعداد العمالة المهاجرة خاصة المخالفة بهدف تسويق بعض السياسات المعنية لغايات تمريرها، كحرمان العمال من حقوقهم أو التقليل من امتيازاتهم.
وبحسب إحصاءات رسمية تقدر أعداد العمال المهاجرين بنحو مليون ومائة ألف، منهم أكثر من 341 ألفا مسجلين لدى وزارة العمل، ونحو 700 ألف غير مسجلين، ويعملون في الاقتصاد غير المنظم على نحو غير نظامي، وتشكل العمالة المصرية الجزء الأكبر منهم، تليها السورية.
ويوضح ابو نجمة ان البعض يعتقد بأن العمال المهاجرين يشكلون خطرا على حقوق العمالة المحلية، وهذا الأمر غير دقيق، في ظل وجود وظائف تعزف عنها العمالة المحلية، لعدم توفر شروط العمل اللائق.
العديد من التقارير العمالية الصادرة عن منظمات المجتمع المدني المحلية تشير الى تسجيل مئات الانتهاكات بحق عاملات المنازل في الأردن العام الماضي 2019، من أبرزها حجز جواز السفر وعدم منحهن الأجور والحرمان من العطل الرسمية، بالاضافة الى الضرب والإهانات وتحديد الإقامة في المنزل.
ويبلغ عدد عاملات المنازل في الأردن وفقا لأرقام وزارة العمل الاخيرة، نحو 46 ألفا يحملن تصاريح عمل رسمية سارية المفعول، وهنالك تقديرات تشير الى أن أعدادهن تقارب الـ 90 ألفا، منهن حوالي 50 ألفا لا يحملن تصاريح عمل.
الحقوقي والناشط في مجال حقوق العمال من مركز عدالة المحامي سالم المفلح يؤكد ان عاملات المنازل تعد من الفئات المهمشة لما تتعرض له من العديد من الانتهاكات كالحجز الوثائق الرسمية للعمالة وعدم دفع الأجور لسنوات طويلة وعدم تجديد الإقامة وتصاريح العمل.
ويشير المفلح إلى أن بيئة العمل التي تعمل لديها العاملة تجعلها غير قادرة على تقديم شكوى، في وقت يشترط فيه القانون على عدم السماح بالتفتيش داخل منزل صاحب العمل إلا بموافقته.
ويوضح أن نظام العاملين في المنازل، يتضمن العديد من البنود الناظمة لعمل عاملة المنزل ويمنحها الحقوق اللازمة، الا ان الاشكالية تكمن في تطبيقه وعدم التوعية الكافية لبنوده من قبل اصحاب العمل.
وكانت الحكومة قد أقرت مؤخرا نظاما معدلا لنظام العاملين في المنازل شملت التعديلات توفير المزيد من الحماية لهن، من بينها إلزام صاحب العمل بدفع أجرة العاملة خلال 7 أيام من تاريخ الاستحقاق، والمحافظة على سرية الشكاوى والبت فيها، واستعانة مفتش العمل بالضابطة العدلية للدخول الى المنازل للتحقيق في الشكاوى في حال رفض أصحاب المنازل السماح بالدخول.
ولمساندة عاملات المنازل ضحايا العنف والاتجار بالبشر أنشأ اتحاد المرأة الاردني دار ايواء بهدف حل مشاكلهن وايوائهن بحسب المدير التنفيذي في إتحاد المرأة الأردنية مكرم عودة
وتشير عودة الى انه تم استقبال خلال العام 134 حالة عنف من عاملات المنازل، منهم 34 حالة من الجنسية البنغالية، و 2 من نيبال ، و60 من اوغندا، و 12 من اثيوبيا ، و26 من الفلبين، بينما استقبل الاتحاد خلال ازمة كورونا 34 حالة لعاملات منازل تعرضن للطرد خوفا من نقل المرض لصاحب العمل.
مدير مديرية التفتيش في وزارة العمل المهندس هيثم النجداوي يؤكد بانه من النادر جدا استقبال شكاوى من قبل عاملات المنازل، موضحا وجود نظام خاص لتنظيم عملهم يساهم بالحد من الانتهاكات.
ويشير النجداوي إلى أن قانون العمل لم يميز ما بين العمالة المهاجرين والمحليين في الحقوق، كما يحق لأي عامل بغض النظر عن جنسيته بتقديم شكوى والمطالبة بحقوقه.
ويوضح أن الوزارة لديها خط ساخن، ومترجمين بمختلف اللغات لتسهيل عملية التواصل مع العمالة المهاجرين ممن يتقدمون بشكوى ضد اصحاب العمل.
هذا ويعتبر حقوقيون بانه لا تزال هناك فجوات كبيرة في مجال حماية العمال في قطاعات مختلفة من الاقتصاد المحلي الواردة في إعلان منظمة العمل الدولية وفي الاتفاقيات الأساسية الثماني، لم تتحقق بعد بشكل كامل في العديد من القطاعات بما في ذلك قطاع البناء والعمل المنزلي وصناعة الملابس.