رغم المساعي المبذولة من مختلف الجهات المعنية الهادفة إلى تمكين المرأة اقتصاديا، إلا أن مشاركتها في سوق العمل المحلي لا تزال من أدنى النسب عالميا، الأمر الذي يتطلب جهودا مضاعفة لتغيير هذا الواقع.
وتشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة خلال الربع الأول من العام 2019، إلى انخفاض نسبة مشاركة النساء الأردنيات بالعمل إلى 15% مقابل 18.3% خلال الربع الأول من عام 2017، حيث تراجعت مشاركتهن بمقدار 3.3% خلال عامين.
ويرى خبراء في مجال تمكين المرأة أن أبرز التحديات والعقبات التي تواجهها وتحول دون مشاركتها في سوق العمل، تتمثل بالتمييز بالأجور وتدنيها، وعدم توفر حضانات لأطفالهن في بعض أماكن العمل، والتنقل من وإلى العمل، وعدم مواءمة مخرجات النظام التعليمي مع متطلبات سوق العمل، وغيرها من التحديات.
تصف الخبيرة الدولية في حقوق الإنسان والمرأة، المحامية اسمى خضر خلال حديثها لـ برنامج "عمال البلد" بالشراكة مع مركز تضامن العمالي المشاركة الاقتصادية للمرأة بالمتدنية جدا، والتي تحتاج إلى جهود مضاعفة لمعالجتها.
وتؤكد خضر ان الاقتصاد الاردني بحاجة الى مساهمة المرأة في سوق العمل، لما تتمتع به من قدرات فائقة وخبرات متميزة تؤهلها للقيام بمختلف الأعمال.
ومن التحديات التي تواجه المراة وتحد من مشاركتها الاقتصادية بحسب خضر "قلة فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة، بالإضافة الى العقلية الذكورية السائدة في المجتمع التي لا تزال تقتصر دور المرأة ضمن اطار الاعمال المنزلية.
وتشدد على ضرورة تفعيل النص الدستوري الذي يؤكد على المساواة ما بين الجنسين بما ينعكس على مختلف التشريعات، بالإضافة الى ربط النص القانوني بالزامية التطبيق وتنفيذ عقوبات على المخالفين.
تقرير البنك الدولي الأخير يشير الى وجود فجوة بين أجور النساء والرجال العاملين في مهن مماثلة في القطاع الخاص ولديهم نفس التحصيل العلمي والخبرة بنسبة تبلغ حوالي 17 %.
ولمواجهة هذه الإشكالية دعا التقرير إلى اتخاذ إجراءات في مجالات عدة، كتعزيز النمو الاقتصادي، ورسم سياسات فعالة لسد الثغرات القانونية، وتشجيع سلوكيات أكثر مساواة، وإمكانية الوصول إلى رعاية جيدة للأطفال، وتوفير وسائل نقل آمنة.
كما تظهر إحصاءات مؤسسة الضمان الاجتماعي الى تدني نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، وخصوصا في القطاع الخاص، إذْ لا تتجاوز نسبة مشاركتها 15% ، بينما تصل في القطاع العام إلى 37%.
وتؤكد أخصائية النوع الاجتماعي في منظمة العمل الدولية، ريم أصلان أن أسباب وجود فجوة كبيرة في الأجور ما بين الجنسين في ذات المهنة الواحدة، هي اعتقاد بعض النساء بأن دخلها الشهري مكمل للرجل وليس امر اساسي، ما يجعلها تقبل باجر اقل من الحد الادنى للاجور.
و لمعالجة هذه الإشكالية تشدد اصلان على ضرورة تحصيل رواتب العاملات من خلال الربط الإلكتروني والبنوك، ما يساهم بحصول العاملات على حقهن بالاجور دون تلاعب اصحاب العمل.
ومن ضمن التحديات التي تدفع المرأة الى الانسحاب من سوق العمل هو التحرش الجنسي الذي قد يتعرضن له بعض العاملات من قبل أصحاب العمل.
أظهر مسح لجمعية اتحاد المرأة الأردنية يحمل عنوان " العنف الجنسي ضد المرأة وانسحاب المرأة من العمل، بأن نسبة النساء العاملات اللواتي صرحن عن العنف الجنسي بلغت 82.4 %، مقارنة بـ70.4 % لغير العاملات، ما يعني أن لحالة العمل علاقة بزيادة احتمالية التعرض للعنف الجنسي، حسب المسح الذي أكد أن النسبة الأعلى للتعرض للعنف الجنسي كانت من نصيب الطالبات 88 %.
مسؤولة برنامج العنف المبني على النوع الاجتماعي في مؤسسة نور الحسين أريج سمرين تؤكد بانه رغم وجود التشريعات والقوانين التي قد تحد من هذه الإشكالية في أماكن العمل، إلا انه من الضروري تمكين المرأة لتغيير هذا الوضع من خلال إقبالها على التبليغ بما يحدث معها.
وتوضح سمرين أن هذا يتطلب دور كبير وجهود مكثفة من قبل مؤسسات المجتمع المدني لتعزيز التوعية في ذلك، مع ضمان الحصول على حقها وفق القوانين والانظمة، للحد مما تتعرض له من جميع أشكال العنف والتمييز داخل سوق العمل.
ومن أبرز التعديلات التي طالت مشروع قانون العمل خلال مناقشته في شهر شباط الماضي، وأثارت جدلا واسعا حولها، المادة المتعلقة بالتحرش الجنسي، حيث توصلت اللجنة الى اضافة تعديلات على نص المادة 69 تم التوافق عليه، تمنح الوزير صلاحية اغلاق اي مؤسسة، في حال تقدمت احدى السيدات بشكوى ضدها.
تنص المادة 6 من القانون، إذا اعتدى صاحب العمل أو من يمثله في اثناء العمل، او بسببه، بالضرب او التحقير او باي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي او بالعرض او اي فعل منافي للحياء او القيام باعمال غير اخلاقية بأي وسيلة سواء بالقول أو الحركة وبالاشارة تصريحا او تلميحا.
وفي تصريحات سابقة لأمين عام وزارة العمل فاروق الحديدي يقول ان المادة المتعلقة بالتحرش الجنسي، وضعت لحفظ حقوق العاملات الأردنيات في أماكن عملهن، فضلا عن الحفاظ على حقوقهن حال تعرضهن للتحرش وترك مكان العمل.
مديرة مديرية عمل المرأة والنوع الاجتماعي في وزارة العمل الدكتورة ايمان العكور تشير الى أن الوزارة قامت بتشكيل لجنة في عام 2011 لمعالجة التمييز في الأجور، بهدف تحسين بيئة العمل لتعزيز دور المرأة في المشاركة الاقتصادية.
كما أن تعديلات قانون العمل الاخيرة، عالجت المادة 72 المتعلقة بإنشاء الحضانات في أماكن العمل واعطت أشكالا عديدة لتسهيل عملية فتح الحضانات لدعم المراة العاملة بحسب العكور
وتؤكد على ضرورة توعية العاملات بمختلف بنود القانون لمعرفة حقوقهم ضمن القانون، وحمايتها من اي انتهاك او تمييز قد تتعرض له يجبرها على انسحاب من سوق العمل.
هذا وعملت وزارة العمل مؤخرا على تعديل وإصدار كثير من التشريعات بقانون العمل، التي من شأنھا حماية حقوق العامل بسوق العمل وتوفير بيئة عمل لائقة للمرأة لتعزيز مشاركتها الاقتصادية.