نشرت مجلة "وايرد" الأمريكية في نسختها الإنجليزية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الثورة القادمة في مجال النقل الجوي، حيث ستعتمد الطائرات المستقبلية على قوة الجاذبية حتى تتمكن من السفر بسرعة خيالية حول الأرض، وذلك من خلال تجاوز الغلاف الجوي والطوفان في المدار مستغلّة الزخم الناتج عن الدوران حول الأرض لكي تضاعف سرعتها وتبلغ معدلات خيالية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الإنجاز الذي حققه فريق "سبيس إكس" عندما أعاد صواريخه الجانبية الثقيلة من طراز "فالكون" إلى قاعدة كيب كانافيرال الجوية في شباط/فبراير الماضي، بعد وضع إحدى سيارات "تسلا رودستر" في الفضاء، كان بمثابة نقطة تحول كبيرة في مجال الفضاء.
وأضافت المجلة أن هذا الإنجاز دفع بشركات على غرار "بلو أوريجين" و"فيرجن غالاكتيك" لرفع نسق استثماراتها في مجال سباق رحلات الفضاء التجارية.
فعلى سبيل المثال، يقوم جيف بيزوس بتصفية مليار دولار سنويا من أسهم شركة أمازون لتمويل "بلو أوريجين".
قد تعتقد أن الرحلات الفضائية المدارية أصبحت أكثر كلفة وصعوبة من الناحية التقنية، إلا أننا قد نشهد في المستقبل القريب توفر رحلات طيران شبه مدارية.
ونوهت المجلة بأن الخيال العلمي كان يلمح في السابق إلى أن الرحلات شبه المدارية ستسمح لك بالسفر في كامل أرجاء كوكب الأرض في أقل من ساعة.
ففي رحلة من لندن إلى سيدني، سيكون من الصعب الحصول على وجبة أثناء الطيران أو مشاهدة فيلم حركة تم تصويره في هوليوود.
ويتمثل الاختلاف بين الرحلة شبه المدارية والسفر في الفضاء في أنه يصعب في الرحلات شبه المدارية تحقيق السرعة المدارية.
لذلك، لا يمكن أن تتبع المركبة الفضائية مسارا ثابتا مع انحناء الأرض، ما يعني أنه سيتم باستمرار سحب المركبة نحو سطح كوكبنا.
من جانب آخر، وعلى الرغم من عدم دخول هذه الرحلات في المدار، إلا أن المسافرين سيدخلون مجال الفضاء، ومن المحتمل أن تصل هذه الرحلات إلى ارتفاع يصل إلى حوالي 100 كيلومتر.
وأوردت المجلة أن الرحلات شبه المدارية لن تكون رخيصة الثمن، إذ أنه، وفقا لوزارة النقل في المملكة المتحدة، من المرجح أن يكلف مقعد واحد على متن هذه الرحلات أكثر من 200 ألف جنيه إسترليني. ولكن أين نحن الآن من هذه التكنولوجيا؟
وأشارت المجلة إلى أننا لا زلنا في بداية الطريق نحو الرحلات شبه المدارية، حيث تتمثل المشكلة الأساسية لهذه الرحلات في أنها تتعارض بطبيعتها مع رحلات الفضاء، والسياحة الفضائية وغيرها، وقد يكون من الصعب فصل أحد هذه الرحلات عن الآخر.
وفي هذا الصدد، تعمل الشركات المتنافسة في مجال السياحة الفضائية، على غرار "بلو أوريجين" و"فيرجن غالاكتيك" و"سبيس إكس"، في الوقت الحالي على تحقيق وصول سريع نحو الفضاء وبالتحديد فوق خط كارمان.
وذكرت المجلة أن التحديات التي يواجهها العاملون في هذا الميدان تتمثل، كما هو الحال عند تطوير أي طائرة جديدة، في إنتاج ودمج المحركات وهيكل الطائرة من أجل تحقيق الأداء المطلوب. علاوة على ذلك، ستجعل الظروف القاسية التي تواجهها المركبة، الأمر أكثر صعوبة.
وفي هذا السياق، تعتبر كل من الحرارة وقوة الدفع وسعة خزان الوقود من أكبر التحديات التي سيعمل العلماء على تجاوزها، فالحرارة قد تتطلب توفير مواد جديدة لتكوين المركبة إلى جانب تصاميم جديدة لبنائها. والجدير بالذكر أن قوة الدفع تحظى بأهمية كبيرة نظرا لأن تحقيق التكامل بين المحرك وهيكل الطائرة سيجنب أي كسر في التصميم، في حين أن أهمية سعة الوقود يكمن في أن الوقود السائل يتطلب خزانات كبيرة الحجم لتخزينه، ما قد يتطلب توفير محرك أكبر ووقودا أكثر، مما يجعل هيكل الطائرة أكبر حجما وأثقل وزنا.
بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير البنية التحتية لدعم هذه المراكب وتسهيل الوصول إلى الوقود والإمدادات اللازمة والعمل على ضوابط تنظيمية لهذا المجال، مع توفير تدريب خاص للقائمين عليها.
وفي الختام، قالت المجلة إن نشأة هذه الرحلات قد تؤدي إلى تجزئة بينها وبين الرحلات الجوية التقليدية، مما يجعل الرحلات شبه المدارية للأغنياء فقط بسبب تكلفتها التي من المقدر أن تكون باهظة، في حين تبقى الرحلات الجوية التقليدية لعامة الناس.