مساهمة خليجية خجولة في مؤتمر لندن لدعم الأردن

مساهمة خليجية خجولة في مؤتمر لندن لدعم الأردن
الرابط المختصر

حضرت اليابان وأوروبا، وغاب الخليج، عن المنح المقدمة للأردن في مؤتمر لندن الذي خصص لدعم المملكة، والذي حصد الأردن من خلاله مبلغ 2.5 مليار دولار، لمواجهة أزمة خانقة تعصف باقتصاد البلاد.

 

ولم يخرج الدعم الخليجي الذي قدم للأردن في مؤتمر لندن عن سياق الاتفاق الذي أبرمته دول خليجية العام الماضي في اجتماع مكة المكرمة، والذي يتضمن ودائع في البنك المركزي وكفالات لقروض، الأمر الذي اعتبره خبراء ومسؤولون لا يجدي نفعا، إذ أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، الأحد، عن إيداع 334 مليون دولار في البنك المركزي الأردني.

 

 

وقال الجدعان في تصريحات صحفية على هامش مؤتمر لندن: "وافقنا على تقديم الدعم للأردن من خلال الصندوق العربي، ونبحث مع الأشقاء في الكويت والإمارات مجالات دعم إضافية".

 

 

 

وأظهرت مخرجات المؤتمر أن الجزء الأعظم من المساعدات هو قروض ميسرة أو كفالة قروض أما الهبات فهي متواضعة جدا، الأمر الذي دفع خبراء اقتصاد للتحذير من مزيد من الأعباء الاقتصادية على الموازنة وعلى المواطن المثقل بالضرائب.

 

 

وحصلت الأردن على 690 مليون دولار على شكل قروض من بنك الاستثمار الأوروبي، إلى جانب 60 مليون دولار منحة، ومن بريطانيا 840 مليون دولار منحا على مدار 5 سنوات، إلى جانب 140 مليون دولار على شكل قروض، و250 مليون دولار كفالات لقروض، أما اليابان فقد قدمت 100 مليون دولار منحة و300 مليون دولار على شكل قروض، وأعلنت الوكالة الفرنسية للتنمية تجدد دعمها للأردن بقيمة مليار يورو للفترة 2019- 2022.

 

 

لا مخرج للأزمة

المحلل السياسي والاقتصادي، فهمي الكتوت، رأى أن الأرقام المعلنة من الدول المانحة لا تشكل أي مخرج للازمة الاقتصادية في الأردن؛ كون الأردن يحتاج سنويا إلى 5 مليارات دولار لتغطية تمويل نفقاته المتصاعدة.

 

وقال الكتوت، لـ"عربي21"، إن المخرج يتمثل في "نهج جديد مبني على سياسات جديدة، وحكومة وطنية انتقالية تتولى وضع البلاد على عتبة مرحلة جديدة تشمل تعديلات دستورية وقانونية، وانتخابات نيابية وفق قانون يعكس إرادة الشعب ومكافحة الفساد وتجفيف منابعة ومحاسبة الفاسدين وإعادة أموال الدولة المنهوبة وبناء اقتصاد وطني منتج باستثمار موارد البلاد" .

 

 

ويعاني الأردن من أزمة اقتصادية خانقة، إذ ارتفع إجمالي الدين العام، الداخلي والخارجي، المستحق إلى 28.3 مليار دينار (39.9 مليار دولار) حتى كانون أول/ ديسمبر 2018، بنسبة 94 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وسط تباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاع في التضخم.

 

وأكدت الحكومة الأردنية أن القروض التي حصلت عليها في مؤتمر لندن لن تساهم في رفع الدين العام كونها قروضا ميسرة.

 

 

وقالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، جمانة غنيمات، لـ"عربي21" إن "القروض الميسرة التي حصل عليها الأردن خلال مبادرة لندن تسهم بتوفير الاحتياجات التمويلية المقررة ضمن قانون الموازنة بكلف أقل دون زيادة حجم الدين عن المدرج في الموازنة والمستهدف فيها".

 

 

وتضيف: "هذه القروض الميسرة تسهم في تحقيق أهداف استراتيجية في إدارة الدين العام التي تسعى إلى تخفيض كلف الاقتراض بما يسهم في تخفيض عجز الموازنة وبالتالي تخفيض المديونية، والقروض المشار إليها لن تؤدي إلى زيادة إضافية في حجم المديونية المستهدفة بل تندرج ضمن خطة الحكومة الهادفة إلى تخفيض نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي".

 

 

وتسببت الأوضاع الاقتصادية باحتجاجات شعبية في الشارع الأردني بعد رفع أسعار السلع الأساسية وفرض رسوم وضرائب مختلفة، وانتشار البطالة بين صفوف الشباب الذين خرج بعضهم في مسيرات باتجاه الديوان الملكي.

 

ورأى المحلل الكتوت أن "مخرجات مؤتمر مبادرة لندن لا تختلف كثير عن مخرجات اجتماع مكة الذي عقد في حزيران/ يونيو حيث قررت 3 دول خليجية، هي السعودية والإمارات والكويت، دعم الاقتصاد الأردني".

 

 

 

وتابع بأن دول الخليج "لم تقدم شيئا في مؤتمر لندن كونها ترى أنها قدمت الدعم في اجتماع مكة، والذي أظهرت أرقام الموازنة الأردنية لعام 2018-2019 أنه دعم متواضع تمثل بـ100 مليون دولار على مدار خمس سنوات على شكل دعم للخزينة، في حين أن القسم المتبقي هو وديعة في البنك المركزي مقابل فوائد".

 

 

وحسب الكتوت فإن "السعودية لا ترى مصلحة لتقديم الدعم للأردن، فالعلاقة تسوء بين البلدين وليست إيجابية بسبب ما يدور في الغرف المغلقة".

 

 

وبدأت الأجواء المشحونة بين الأردن والسعودية، منذ أن دعمت السعودية توجهات الإدارة الأمريكية في ما يتعلق بالملف الفلسطيني وتحديدا ملف القدس المحتلة، إذ يعتبر الأردن والقيادة الأردنية أنفسهم أوصياء على المقدسات هناك.

 

 

وزاد العلاقات توترا انفتاح السياسة الخارجية الأردنية في الاتجاهات كافة، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية بالجملة مع العراق ومصر، مع تعزيز التقارب مع تركيا والإبقاء على تحالفات مع المعسكر السعودي-الإماراتي، في خطوة لجمع ملفات متناقضة في حقيبة واحدة.

 


وتلقت الأردن دعما خليجيا العام الماضي، في ما عرف باجتماع مكة، ونص الاجتماع على حزمة من المساعدات الاقتصادية يصل مقدارها إلى 2.5 مليار دولار، تمثلت في وديعة في البنك المركزي الأردني، وضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن، ودعم سنوي لميزانية الحكومة الأردنية لمدة 5 سنوات، وتمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية.

 

 

جواد العناني نائب رئيس الوزراء الأسبق، يشير بدوره إلى أن "ما خرج به مؤتمر مكة ليس كافيا، كون معظم المساعدات كانت وديعة في البنك المركزي قابلة للاسترداد والبعض طلب فائدة على تلك الوديعة، أما الجزء الذي سيذهب لدعم الموازنة فقليل جدا".

 

 

وبخصوص مؤتمر لندن، رأى العناني ، أن "الأردن كان بإمكانه الحصول على هذه المساعدات دون الذهاب إلى لندن"، معتبرا ما جمع من مساعدات وقروض في المؤتمر كان "نتيجة جهود الملك عبدالله الثاني، لتقوم والحكومة الأردنية بتجيير ذلك لنفسها"، متسائلا: "أين الاستثمارات التي جاء بها مؤتمر لندن؟".

 

وتابع: "حصل الأردن على نوعين من التسهيلات في لندن، هما المنح والقروض وهي الأكثر، وستذهب هذه القروض لمشاريع البنية التحتية كون موازنة الدولة لن تستطيع تنفيذ ما هو مرصود لذلك (1.90 مليار دينار)، لتنفيذ مشاريع رأسمالية".

 

واعتبر أن "هذه القروض حتى لو كانت طويلة الأجل فإنها في النهاية مستحقة الدفع وستزيد من عبء المديونية".

وحاول الأردن الخروج من أزمته الاقتصادية من خلال المساعدات والمنح، وهو نهج يرى فيه محتجون أردنيون أن على الحكومة الإقلاع عنه، رافعين سقف هتافاتهم واللوم على حكومة عمر الرزّاز، والملك عبد الله الثاني، إذ أصدرت قبائل أردنية بيانات شديدة اللهجة تطالب القصر بتغيير طريقة إدارة البلاد.