الاصلاح الضريبي جزء من الاصلاح الاقتصادي، وهذا الاصلاح يعتمد على اتباع سياسات مالية ونقدية تساعد في رفع نسبة النمو من خلال رفع الانتاج في القطاعات الانتاجية خاصة الصناعة والزراعة بحيث تصبح حصتهما من الناتج المحلي الاجمالي تزيد عن (50%) باعتبار ان هاذين القطاعين الاكثر استقطاباً للعمالة من جهة والاكثر تأثيراً في الميزان التجاري الذي يميل لصالح الاستيراد من جهة اخرى وبأرقام هائلة ادت الى الضغط على ميزان المدفوعات مما رفع من حاجة الاردن للعملة الصعبة لتغطية فاتورة الاستيراد المتصاعدة سنوياً, انعكاساً لتراجع حجم الصادرات السلعية الاردنية من جهة ولعدم قدرة هذه السلع في منافسة السلع الاجنبية المستوردة من جهة اخرى بسبب ارتفاع كلف المنتج الاردني بعد ان اصبحت اسعار الطاقة وكلفة العمل من حيث الرواتب او مزاياها كنسب الضمان الاجتماعي, او بالضرائب على مدخلات الانتاج او على السلع بعد عرضها بالأسواق لأغراض الاستهلاك سبباً مباشراً للانكماش الاقتصادي الذي يتصاعد سنة بعد سنة.
تحتل الضرائب الركن الثاني من اركان المالية العامة بعد ركن النفقات وركن المديونية والمرتبطان جدلياً فيما بينهما، ومنهما يتم صناعة السياسات المالية واشتقاقاتها السياسات الاقتصادية والسياسات النقدية وانعكاساً لهذه السياسات تصدر التشريعات وتتخذ الاجراءات الهادفة الى تحقيق هذه السياسات.
احتلت الضرائب في الموازنة الاردنية عبر السنوات الماضية نسبة تراوحت ما بين ال (70%) وحتى (75%) من الواردات المحلية بينما تراوحت في السنوات ما قبل سنة 1995 ما بين (50%) وحتى (55%) اما الواردات غير الضريبية فقد غطت حاجة الخزينة لمواجهة النفقات وتصاعدت هذه النسبة للسنوات اللاحقة حيث اصبحت في سنة 2000 بما نسبته (68.4%) وفي سنة 2010 ما نسبته (68%) وفي سنة 2015 ما نسبته (70%) وفي سنة 2017 ما نسبته (71%) وفي موازنة العام الحالي 2018 بلغت نسبته (66%).
وبلغت قيمة الإيرادات العامة في موازنة الدولة الاردنية 2022 8.9 مليارات دينار (12.55 مليار دولار)، مقارنة مع 8.1 مليار دينار(11.42 مليار دولار) في 2021، بينما بلغت المنح الخارجية 848 مليون دينار (1.195 مليار دولار).
اولاً: ضريبة الدخل وضريبة المبيعات
بدراسة تفصيلية لمكونات الضرائب من مباشرة الى ضريبة غير مباشرة لنفس الفترة اعلاه يتضح انها بلغت تحصيلات ضريبة الدخل في سنة 1990 بنسبة (27.5%) من التحصيلات الضريبية، بينما بلغت نسبة الضرائب غير المباشرة (72.5%) عن التحصيلات الضريبية وفي سنة 1995 تراجعت نسبة ضريبة الدخل المحصلة من الارباح الى (19%) وارتفعت نسبة الضرائب غير المباشرة جمارك ومبيعات الى (81%) وفي سنة 2000 اصبحت حصة الضريبة على الدخل من بند الضرائب ما نسبته (17%) والضرائب غير المباشرة ما نسبته (83%) وفي سنة 2005 انخفضت الضرائب على الدخل الى نسبة (16%) والضرائب غير المباشرة الى نسبة (84%) اما في سنة 2010 ارتفعت الضريبة المباشرة (الدخل) الى نسبة (23%) والضرائب غير المباشرة (مبيعات وجمارك) الى نسبة (77%) لتعود في سنة 2015 الضريبة المباشرة (الدخل) الى نسبة (20%) والضرائب غير المباشرة (مبيعات وجمارك) الى (80%) وحافظت على هذه النسب في سنوات (2017, 2018).
بقراءة اخرى للنمو في تحصيلات ضريبة الدخل (الضرائب المباشرة) وتحصيلات ضريبة المبيعات والجمارك (غير المباشرة) نجد ما يلي:
بلغت الضرائب المباشرة على الدخل لسنة 1990 مبلغ (100) مليون دينار بينما بلغت في سنة 1995 مبلغ (150) مليون ينار بزيادة نسبتها (50%) عن سنة 1990 واصبحت في سنة 2000 مبلغ (175) مليون دينار بزيادة نسبتها (17%) اما في سنة 2005 فبلغت (220) مليون دينار بزيادة نسبتها (26%) عن عام 2000 اما في سنة 2010 فقد بلغت ضريبة الدخل على الارباح مبلغ (690) مليون دينار وبزيادة نسبتها (213%) عن عام 2005 اما في سنة 2015 فقد بلغت الضريبة على الدخل مبلغ (880) مليون دينار بنسبة (13%) عن سنة 2010 اما في سنة 2017 فقد بلغت الضريبة على الدخل مبلغ (1046) مليون دينار بزيادة نسبتها (19%) عن سنة 2015 وفي سنة 2018 تراجعت تحصيلات ضريبة الدخل الى مبلغ (980) مليون دينار بفارق سالب معدله (6%) تقريباً عن سنة 2017.
اما الضرائب غير المباشرة وذات العلاقة بضريبة المبيعات او الرسوم الجمركية فقد كانت تحصيلاتها على الوجه الاتي:
في سنة 1990 بلغت الضرائب غير المباشرة مبلغ (265) مليون دينار, وقد بلغت الضرائب غير المباشرة في سنة 1995 مبلغ (630) مليون دينار بزيادة نسبتها (138%) عن سنة 1990, وفي سنة 2000 بلغت الضرائب غير المباشرة مبلغ (834) مليون دينار بزيادة نسبتها (33%) عن سنة 1995 اما في سنة 2005 فقد بلغت الضرائب غير المباشرة مبلغ (1148) مليون دينار بزيادة نسبتها (38%) عن سنة 2000 اما في سنة 2010 فقد بلغت الضرائب غير المباشرة (مبيعات وجمارك) مبلغ (2331) مليون دينار بزيادة نسبتها (103%) عن سنة 2005 اما في سنة 2015 فقد بلغت الضرائب على السلع والخدمات (مبيعات و جمارك) مبلغ (3490) مليون دينار بزيادة نسبتها (50%) عن سنة 2010 اما في سنة 2017 فقد بلغت الضرائب غير المباشرة (مبيعات وجمارك) مبلغ (3555) مليون دينار بزيادة نسبتها (2%) عن عام 2015 اما في موازنة سنة 2018 فقد قدرت التحصيلات الضريبية غير المباشرة (مبيعات وجمارك) مبلغ (4040) مليون دينار بزيادة متوقعة نسبتها (14%) عن سنة 2017.
1. الضرائب على الدخل ودول العالم
تشير تقارير البنك الدولي المتعلقة بمؤشرات التنمية العالمية ان نسبة ضريبة الدخل المحصلة من الارباح التجارية في الاردن هي اقل بكثير من المستويات العالمية اذ وصل معدلها الى (13%) من الارباح المتحققة في حين ان معدلها العالمي بلغ (16.1%) وتراوحت النسبة من (29.8%) لبلد مثل نيوزيلندا, (26%) لاستراليا, (25.3%) للمكسيك, (24.9%) لتايلند, (24.1%) للنرويج, (21.5%) لمنطقة اليورو وتهبط النسبة الى دون ال (11%) في دول العالم الثالث كأُكرانيا بنسبة (10.8%), قبرص (9%), البوسنة (6.9%), لبنان (6.1%), والارجنتين بنسبة (2.3%).
باستعراض الضرائب على الدخل المحصلة من الشركات والافراد للسنوات 2010-2017 يتضح ما يلي:
القطاع | الشركات | الموظفون والمستخدمون | الافراد | المجموع |
2010 | 485.621 | 90.442 | 63.944 | 640.007 |
2011 | 544.956 | 70.522 | 70.026 | 685.504 |
2012 | 567.881 | 56.014 | 89.948 | 713.843 |
2013 | 533.736 | 51.757 | 118.202 | 703.695 |
2014 | 612.268 | 74.734 | 79.338 | 766.340 |
2015 | 677.400 | 67.000 | 113.986 | 858.386 |
2016 | 752.421 | 66.328 | 125.966 | 944.715 |
2017 | 758.199 | 66.110 | 133.365 | 957.674 |
اما تحصيلات ضريبة الدخل لنفس الفترة حسب القطاعات فكانت على الوجه الاتي:
القطاع | 2010 | 2011 | 2012 | 2013 | 2014 | 2015 | 2016 | 2017 | |
الصناعة والتعدين | 27.682 | 31.056 | 32.371 | 30.425 | 34.902 | 38.614 | 42.891 | 42.666 | |
الاتصالات | 22.657 | 25.426 | 26.495 | 24.902 | 28.566 | 31.605 | 35.105 | 34.921 | |
التأمين | 6.199 | 6.956 | 7.249 | 6.813 | 7.816 | 8.647 | 9.605 | 9.554 | |
التعدين | 6.518 | 7.315 | 7.622 | 7.164 | 8.218 | 9.092 | 10.099 | 10.046 | |
الشركات المالية | 7.386 | 8.289 | 8.637 | 8.118 | 9.312 | 10.303 | 11.444 | 11.382 | |
الصرافة | 0.703 | 0.789 | 0.823 | 0.773 | 0.887 | 0.981 | 1.09 | 10.84 | |
باقي الشركات | 186.36 | 209.133 | 217.927 | 204.824 | 234.961 | 259.952 | 288.745 | 287.23 | |
بنوك | 221.562 | 248.637 | 259.092 | 243.513 | 279.343 | 309.064 | 343.287 | 341.458 | |
صناعات وتعدين (خاضع لنسب مختلفة) | 2.446 | 2.745 | 2.861 | 2.689 | 3.084 | 3.412 | 3.79 | 3.77 | |
|
وساطة مالية | 4.108 | 4.61 | 4.804 | 4.515 | 5.179 | 5.73 | 6.365 | 6.332 | |
الموظفون والمستخدمون | 90.442 | 70.522 | 56.014 | 51.757 | 74.734 | 67 | 66.328 | 66.11 | |
الافراد | 63.944 | 70.026 | 89.948 | 118.202 | 79.338 | 113.986 | 125.966 | 133.365 | |
المجموع | 640.007 | 685.504 | 713.843 | 703.695 | 766.34 | 858.386 | 944.715 | 957.674 | |
2. الضريبة على المبيعات
في سنة 1994 تم وضع قانون الضريبة العامة على المبيعات السلعية والخدمية بواقع (7%) بعد الغاء ضريبة الاستهلاك, وفي سنة 1995 تم رفعها الى نسبة (10%) وفي عام 2000 الى (13%) والى (16%) في عام 2004 وهذا التطور على النسب وبالنتيجة على التحصيلات كان يسير بعلاقة عكسية مع تخفيض النسب الضريبية على ارباح الشركات والافراد حيث ارتفعت النسب والمبالغ المحصلة من الغالبية العظمى من المستهلكين وانخفضت تحصيلات الخزينة من ارباح الشركات والافراد على حدٍ سواء.
3. الضرائب على الملكية
كانت تحصيلات ضريبة بيع العقار متواضعة بسبب الاعفاءات التي تمت لعمليات بيع الشقق التي تقل مساحتها عن (150) م² وقد شهدت التحصيلات على المعاملات العقارية نشاطاً في السنوات 2003-2008 حيث ارتفعت اسعار الاراضي ونشطت شركات الاسكان بشكل كبير الا ان التذبذب في تحصيلات هذا النوع من الضريبة كان مستمراً فمن مبلغ (98) مليون في سنة 2006 الى مبلغ (132) مليون دينار عام 2014 وتراجعاً الى (108) مليون عام 2017.
4. الرسوم الجمركية (الضريبة على التجارة والمعاملات المالية)
انعكاساً لدخول الاردن في منظمة التجارة العالمية فقد تم تخفيض النسب الجمركية على فاتورة الاستيراد بشكل عام’ كما ان الاتفاقيات التي عقدتها الحكومات على ضوء ذلك مع حكومات دول اخرى متعددة تمشياً مع عضويتها لدى منظمة التجارة العالمية فقد تم تخفيض الكثير من الرسوم على السلع المستوردة من تلك الدول خاصة منها المستوردة من اوروبا وامريكا على وجه الخصوص وبقية بلدان العالم على وجه العموم اذ ان الضرائب على التجارة والمعاملات المالية لم ترتفع اثر ذلك انعكاساً لارتفاع حجم هذه التجارة, ففاتورة الاستيراد قفزت في السنوات الماضية من حوالي (4) مليار في منتصف التسعينات الى ما يزيد عن (12) مليار دينار في عام 2017 بالإضافة الى ارتفاع فاتورة التصدير.
لقد بلغت الرسوم الجمركية في عام 2006 مبلغ (346) مليون دينار لتنخفض الى (304) مليون دينار في عام 2017.
ثانياً: العبء الضريبي
يشير تقرير البنك الدولي حول مؤشرات التنمية العالمية ان الاردن يحتل المرتبة (11) من بين (24) دولة شملها التقرير وبعبء ضريبي نسبته (18.3%) من الناتج المحلي والمتوسط العالمي بلغ ما نسبته (14.1%) وهو اقل بكثير من العبء لدول مثل نيوزيلندا (27.4%), قبرص (26.3%), النرويج (25.8%), بلجيكا (25.1%), تركيا (18.4%), كندا (11.9%), المكسيك (10.9%).
و باستعراض العبء الضريبي المتعلق بضريبة الدخل الى الناتج المحلي الاجمالي فانه بلغ للسنوات 2006 الى 2017 بمعدل (3.31%) فقط.
حسب بيانات البنك الدولي بلغت تحصيلات ضريبة الدخل الى اجمالي الايرادات في الاردن بحدود (12%) بينما هي بلغت بالنسبة لبعض دول العالم كاستراليا (64.4%), كندا (53.6%), نيوزيلندا (52%), ماليزيا (49.3%, الفلبين (41.2%), اسبانيا (36.3%) والمعدل العالمي بلغ (22.1%) والمتمم (100%) من الضرائب الاخرى (مبيعات, ملكية, شركات, جمارك) مما يؤكد على ان السياسة الضريبية في الاردن سارت بالاتجاه المعاكس في الاصلاح الاقتصادي.
ثالثاً: عدد الضرائب ومؤسسات الاعمال
تؤكد دراسة البنك الدولي ان الدول المتقدمة والتي لديها اقتصاديات مزدهرة تنخفض الضرائب فيها على مؤسسات الاعمال بينما هي في ارتفاع على مؤسسات الاعمال في دول العالم الثالث والتي ينتشر فيها الفساد والاستبداد على حد سواء, فالضرائب في اوكرانيا بلغ عددها (55), البوسنة (45), الفلبين (38), الاردن (25) اما كندا فبلغت (8), والبرتغال (8), ونيوزيلندا (8), وروسيا (4).
رابعاً: الطاقة الضريبية
تعني الطاقة الضريبية مقدرة المكلفين على الدفع وهي مرتبطة بمفاهيم مختلفة مثل الكفاءة الاقتصادية، العدالة الاجتماعية والسياسات المالية والنقدية، وتعني كذلك المبلغ المقتطع من الدخل القومي للدولة والمحول الى الخزينة لمواجهة النفقات المدرجة في موازنتها السنوية.
ان الضرائب المقتطعة يتوجب ان ترتبط بزيادة الانتاج او انخفاض الاستهلاك مع مراعاة الوعاء الضريبي الذي من المفيد ان تقتطع منه الضرائب فالقطاع الخدمي مثلاً يتوجب ان تكون فيه الضرائب مرتفعة, وبضرائب اقل تكون الضرائب المقتطفة عن قطاعات الصناعة او الزراعة اما الافراد فالصحيح ان تكون حصيلته هي الاقل بكل الاحوال, مع مراعاة مقدرة المكلفين على الدفع, والسبب يعود لارتباط انتاج هذه الاقتصاديات بالاستهلاك الواسع للسلع من اجل المحافظة على قانون العرض والطلب الذي يحدد حاجة المجتمع من السلع المستهلكة والمنتجة على حد سواء.
خامساً: الاصلاح الضريبي
ان تغيير النهج الذي كان عنواناً لحراك ايار/2018 هو المطلوب فالاصلاح السياسي هو الذي سيؤدي الى اصلاح اقتصادي وبتفاعلهما قد يخففان من الاحتقان الاجتماعي الذي اسبابه غياب العدالة في اكثر من ملف (البطالة، ارتفاع نسبة الفقر...الخ) وما نتج عنهما من انتشار للمخدرات وحالات العنف داخل الاسرة الواحدة او داخل الحي الواحد او داخل الوطن بشكل عام.
ان خطة استراتيجية لإصلاحات سياسية واقتصادية للسنوات القادمة لا يلغي ضرورة التراجع عن قرارات الحكومة السابقة التي اتخذتها بخصوص فرض ضريبة مبيعات على الكثير من السلع والخدمات ذات المساس الواسع بأصحاب الدخول المرتفعة من جهة بالإضافة الى اعفاء مدخلات الانتاج الصناعي والزراعي كوسيلة لتخفيض كلف هذه السلع حتى تستطيع ان تنافس السلع المستوردة للأردن من جهة ثانية او لتنافس السلع في البلدان التي يصدر اليها المنتج الاردني, من جهة ثالثة وعلى ضوء ذلك تتم دراسة وافية لرفع نسبة الضريبة على الارباح دعماً للحاصلات الضريبية بعد ان يعتمد نظام الفواتير المتعلقة بخدمات (التعليم, الصحة, السكن, الايجارات او فوائد القروض سكنية) وبعد تنزيل هذه النفقات المعززة بموجب فواتير تفرض ضريبة دخل على ما تبقى من دخل المكلفين الافراد وبعيداً عن الاعفاءات المطلقة؟ القابل للادخار او الاستثمار بهذه السياسة تستطيع الحكومة ان تحد من التهرب الضريبي من قبل المكلفين, حيث تستطيع ان تنشئ بنكاً للمعلومات يتعلق بمقدمي هذه الخدمات وحقيقة الايرادات التي يحصلوا عليها جراء اعمالهم المهنية او الخدمية المختلفة.