رغم تراجع الأوضاع الاقتصادية وزيادة معدلات البطالة في المملكة، إلا أن عدد الاحتجاجات العمالية قد انخفض في العام الماضي، ويعزو الخبراء ذلك إلى ضعف التمثيل النقابي للعمال، الذي قد يساهم في تحقيق المكاسب لصالح القضايا العمالية.
يشير تقرير المرصد العمالي إلى العديد من الأسباب لهذا التراجع، منها أن الغالبية العظمى من الاحتجاجات العمالية لا تنفذ من قبل فئات عمالية ممثلة نقابيا، وتشكل هذه الفئات 43.2% من إجمالي الاحتجاجات في العام 2022.
في العام الماضي، نفذ العمال 162 احتجاجا، بينما كانت الاحتجاجات حوالي 225 في العام 2021، و تنوعت الاحتجاجات بين مختلف الفئات العمالية، بما في ذلك متقاعدي شركة الفوسفات وسائقي تطبيقات النقل الذكي والمعلمين والمتعطلين عن العمل.
لا يزال هناك مطالبات مستمرة لحماية حق العمال في التمثيل النقابي، وبعد قرار إصدار قانون العمل مؤخرا، تجددت هذه المطالبات من قبل عدد من المنظمات والجهات المدافعة عن حقوق العمال لفتح النقاش حول بنود القانون وضمان تحقيق العدالة للعمال.
يوضح رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة، المهندس عزام الصمادي، بأنه حتى الآن لا توجد نقابات عمالية تمثل العمال بشكل حقيقي، وذلك بسبب عدم وجود حرية العمل النقابي.
ويشير الصمادي إلى ضرورة وضع قانون ينظم العمل النقابي بشكل ديمقراطي، حيث يمكن تعزيز دور النقابات في تحقيق العدالة بين العمال، وربما تساهم في تخفيض معدلات البطالة في الأردن.
ويجب ملاحظة أن الأردن يصنف كواحدة من الدول التي لا تسمح بحرية العمل النقابي بسبب التشريعات التي تعيق تنظيم النقابات المهنية، وفق الصمادي.
Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد · رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة يوضح الإجراءات التي يجب اتخاذها لتعزيز أهمية النقابات العمالية
تحذيرات عديدة، سواء كانت دولية أو محلية، تستمر في التحذير من التضييق على حرية العمل النقابي وتنظيمه في الأردن. ومن الممكن أن يساهم هذا التضييق في زيادة حالة الاحتقان الشعبي، خاصة في ظل التردي السياسي والاقتصادي الحالي، وفق خبراء في مجال العمل.
لذلك، يشدد الخبراء على أهمية مصادقة الأردن على اتفاقية العمل الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية، وضرورة حماية حق التنظيم النقابي وتمكين العمال وأصحاب العمل من ممارسة هذا الحق بحرية ودون أي تمييز، وينبغي أيضا للنقابات العمالية وضع دساتيرها ولوائحها وانتخاب ممثليها بحرية، وتنظيم إدارتها وأنشطتها وبرامجها دون أي تدخل.
وفي سياق آخر، يشير ذات تقرير المرصد العمالي إلى أن عدم جدية أصحاب العمل والحكومة في تلبية مطالب العاملين هو سبب إضافي لتراجع الاحتجاجات العمالية. فقد تم تلبية مطالب 18 احتجاجا فقط من مجموع الاحتجاجات العمالية، مما يعكس عدم جدية الحكومة في معالجة مشاكل العمال وتلبية مطالبهم.
بين مسؤول الإعلام والاتصال في المرصد العمالي، مراد كتكت، أن ما يدفع العاملين إلى الاحتجاج للمطالبة بزيادة الأجور والعلاوات، وفرض الضغوط عليهم من خلال وعود بتلبية مطالبهم، وللمطالبة بحماية حقوقهم في التنظيم النقابي وحرية العمل.
ومع ذلك، بحسب كتكت، يعاني الكثيرون من الخوف من الفصل من العمل والضغط الرسمي، مما دفع بعضهم إلى الانسحاب من الاحتجاجات.
ويوضح أن تلبية مطالب العمال يعد من الضروريات الحتمية للحد من الاحتجاجات العمالية، ويتعين على أصحاب العمل والحكومة تحمل مسؤولياتهما تجاه هذه الفئة الهامة من المجتمع.
توصيات التقرير
خرج التقرير بعدة توصيات من أبرزها ضرورة تطبيق مبادئ ومعايير العمل اللائق والمبادئ والحقوق الأساسية في العمل بمختلف عناصرها على جميع العاملين بأجر في الأردن، وتعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بتشكيل النقابات العمالية والسماح لجميع العاملين بأجر في الأردن بتشكيل نقاباتهم بحرية.
وشدد التقرير الى ضرورة إعادة النظر بسياسات الأجور باتجاه رفعها بما يتناسب مع المستوى المعيشي في الأردن، وزيادة فاعلية عمليات التفتيش التي تقوم بها وزارة العمل على سوق العمل لضمان تطبيق نصوص قانون العمل، إلى جانب تطوير نظم إنفاذ التشريعات العمّالية، لوضع حد للتجاوزات التي تجري عليها.
وتركت النقابات المستقلة غير المعترف بها قانونيا أثرا من خلال قياداتها اعتصامات ووقفات احتجاجية استطاعت انتزاع حقوق عمالية، مثل النقابة المستقلة للعاملين في البلديات، والكهرباء، والموانئ.
ويستند القائمون على هذه النقابات إلى النصوص الدستورية، إذ تنص المادة (16/2) من الدستور الأردني، على أن (للأردنيين حق تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف الدستور).
وأوجبت المادة 23 منه على أن تضمن الدولة للعمال تنظيما نقابيا حرا ضمن حدود القانون، والمادة (128/1) التي أكدت على أنه (لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها).
وتطالب منظمات مجتمع مدني ونشطاء حقوقيون ونقابيون بإعادة النظر في أحكام قانون العمل المتعلقة بالتنظيم النقابي، وبشمول فئات العمال كافة بأجر الخاضعين لأحكام قانون العمل بالحق في تكوين النقابات، ومنهم عمال الزراعة والعاملون في المنازل.
وبحسب تقارير حقوقية محلية ودولية، فإن السلطات الأردنية تفرض قيودا على حرية تشكيل النقابات ومنع التجمع السلمي وحرية التجمع، بما في ذلك قوانين مقيدة لحق تشكيل الجمعيات، واعتقال ناشطين سياسيين ومنع اعتصامات لنقابة المعلمين وحراكات سلمية.
Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد · مسؤول الإعلام والاتصال في المرصد العمالي تحدث عن أسباب انخفاض احتجاجات عمال الأردن العام الماضي
التعاون والشراكة مع مكتب تونس لمؤسسة فريدريش إيبرت، من خلال مشروعه الإقليمي سياسات اقتصادية من أجل عدالة اجتماعية,
استمع لبودكاست عدالة اجتماعية