الوصول إلى أعلى قمة جبلية في العالم، هو إنجاز لا يمكن وصفه بالكلمات، كان هو الحلم الذي سعى المتسلق أحمد بني هاني لتحقيقه، خصوصا وأنه لم يسبق أي متسلق عربي في تجاوز هذا التحدي لصعوبته.
جاء هذا الحلم في وقت يواجه فيه قطاع غزة أصعب المجازر من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من نصف عام، مما شكل حافزا لبني هاني للوصول إلى قمة جبل ماكالو، خامس أعلى جبل في العالم بارتفاع 8486 مترا، ليرفع علمي فلسطين والأردن على هذه القمة، حاملا رسالة عظيمة للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني، وأن هناك شعبا يباد وضرورة وقف ذلك.
لم يكن الوصول إلى هذه القمة بالأمر السهل، حيث واجه بني هاني العديد من التحديات، من أبرزها التنقل بين المخيمات التي تحيط بالجبل والتي تتطلب تحضيرات وتدريبات مكثفة لتعويد الرئتين على نقص الأكسجين، حيث تصل نسبة الأكسجين في ارتفاع 8500 متر إلى 20% فقط من نسبته على سطح الأرض، بحسب بني هاني.
ومن التحديات الإضافية التي واجهها، يشير بني هاني إلى الرياح الشديدة والبرد القارص، حيث اضطر هو ورفاقه للمشي لمدة 35 ساعة للوصول إلى القمة، مشددا على أهمية الالتزام بالخطة المرسومة للتسلق، حيث أن عدم الالتزام بها قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة للمتسلقين، إذ تحتوي على أهداف واضحة ودقيقة يجب اتباعها لتجنب تحدي الطبيعة التي تعد أقوى عنصر في كل المغامرة.
و لضمان رحلة آمنة، تعد تأمين وسائل الحماية من مسؤولية المتسلق، حيث يجب أن يكون على دراية كاملة بكافة تفاصيل المعدات المطلوبة، بالإضافة إلى المواد العلاجية والوقائية في حالة التعرض للإصابات خلال الرحلة.
حتى اليوم، حقق بني هاني خطوات مهمة نحو تحقيق حلمه بتسلق القمم الجبلية العالية، حيث تمكن من تسلق قمة لوتسي بارتفاع 8516 مترا، وقمة ماكالو، ويستعد لمواصلة رحلته نحو القمم المتبقية، ربما نيبال أو جبال باكستان.
حقائق عن جبل ماكالو
تعتبر قمة جبل ماكالو، والتي يترجم اسمها "الجبل الأسود"، خامس أعلى قمة في العالم. نظرًا لمنحدراتها الشديدة وتلالها الضيقة، فمن المعروف أنها أصعب قمة يمكن التغلب عليها.
تشير الإحصائيات إلى أن أقل من 30٪ من الرحلات الاستكشافية تحقق النجاح، وقد تم حتى الآن وضع 17 طريقا. ويبلغ ارتفاع القمة الصاعدة 8463 متراً.
يقع التل الفريد في جبال الهيمالايا، ويقع جزئيًا في أراضي نيبال والصين، وينتمي إلى نظام جبال ماهالانجور-هيمالا، ويحيط بجبل ماكالو نهر سبها من الجنوب ويحده جبل إيفرست من الغرب، ويغسلها من الشرق نهر آرون، ومن الشمال الصين.
بسبب المنحدرات شديدة الانحدار، لا يبقى الغطاء الثلجي على قمة جبل ماكالو، لذا يبدو من بعيد أسود اللون، ولهذا السبب أطلق عليها السكان المحليون هذا الاسم.
شغف التسلق
بدأ الشغف لدى المتسلق بني هاني عندما كان متواجدا في جبال النيبال يمارس هواية رياضة المشي، في لحظة معينة، لفتت انتباهه قمة جبلية شاهقة، فتحول طموحه إلى تسلق الجبال والوصول إلى القمم.
انطلقت رحلته بالتدريب المستمر، حيث تتطلب هذه الرياضة لياقة بدنية عالية ومعدات متخصصة، وخلال عامين من الممارسة البسيطة، بدأ بتسلق جبال بمقاسات صغيرة بارتفاع يصل 6 آلاف متر لاكتساب الخبرة والتجربة، حتى تمكن الوصول إلى اعلى القمم.
وتحولت هواية التسلق لدى بني هاني إلى مهنة، حيث أصبح دليلا للجبال الأردنية، يساعد الراغبين في تسلق الجبال من دول أجنبية مثل فرنسا وإسبانيا وأمريكا الذي يقومون بزيارة وادي رم.
يعد جبل رم، المعروف أيضا باسم وادي القمر، وجهة مثالية لمحبي تسلق الجبال، حيث تنتشر فيه التكوينات الصخرية الوعرة والوديان الضيقة، من الجبال المرتفعة هناك جبل أم الدامي الذي يعد مكانا مثاليا لمحبي المغامرات والتحديات والمبتدئين في التسلق، إذ يصل ارتفاعه إلى 1840 مترا، أما جبل رم يحتاج إلى يومين للوصول ويتطلب المبيت والتدريبات المكثفة، وفقا لما يقوله بني هاني.
يشير بني هاني إلى أن الدعم لرياضة التسلق قد تحسن، حيث أصبح هناك رعاة لهذا النوع من الرياضة، ولجنة أولمبية وفريق وطني للتسلق، ولكنه يؤكد الحاجة إلى مظلة منظمة لاحتضان هذا النوع من الرياضة، خاصة من وزارة السياحة، وتأهيل الكوادر البشرية وتدريب العاملين فيها.
اتحاد لرياضة التسلق
لدعم رياضة التسلق، تأسس الاتحاد الأردني للتسلق عام ٢٠١٨ من قبل ٣٠ متسابق كهيئة تأسيسية حيث تم تأسيس الاتحاد من أجل رعاية هذه الرياضة في الأردن وتطويرها لاسيما بعد أن تم إدراج رياضة التسلق في دورة الألعاب الأولمبية "طوكيو ٢٠٢٠".
ويسعى الاتحاد منذ بداية تأسيسه إلى تعريف المجتمع الأردني برياضة التسلق وانها مناسبة لكل الأعمار كونها رياضة آمنة.
هذا وينظم الاتحاد عدة بطولات على مدار العام من أجل استقطاب اللاعبين من كلا الجنسين ومن كافة الفئات العمرية وتكون بطولات مفتوحة لتشجيع اللاعبين من الجنسيات الأخرى على المشاركة والتنافس.
وبالرغم من قصر عمر الاتحاد إلا أنه حقق انجازا خارجيا تحقق من خلال المتسابقين الأردنيتين حنين الأشرم وبيسان حلبي، بحصولهن على المركزين الثاني والثالث على التوالي خلال مشاركتهن في منافسات بطولة البولدر المفتوحة، والتي نظمها الاتحاد السعودي للتسلق.
هذا ويبلغ عدد ممارسي الرياضة في الأردن حوالي ٢٥٠ لاعب ولاعبة ويتطلع الاتحاد إلى زيادة عدد اللاعبين واللاعبات خلال الفترة المقبلة.