بدأت القصة عندما اختارت منظمة "درابزين" عشرين شابًا وشابة من مختلف المحافظات، يجمعهم هدف مشترك هو إحداث تغيير في المجتمع من خلال تسليط الضوء على قضية مهمشة، لا يُلتفت إليها، وبعد بحث مكثف، قررت "درابزين" التركيز على قضية استئصال الأرحام للفتيات ذوات الإعاقة الذهنية دون دواعي طبية، حيث يُحرم هؤلاء الفتيات من حقهن في اتخاذ قراراتهن والحصول على حقوقهن كاملة.
انطلقت حملة "لهنّ" برغم الصعوبات وشُح الموارد، وأصر الشباب المشاركين في الحملة على جمع المعلومات اللازمة لطرح قضيتهم بقوة، وبدأت الحملة بتقديم تدريبات حول الصحة الإنجابية والجنسية، مع التركيز على موضوع استئصال الأرحام.
وبحسب المجلس الأعلى للسكان أن نسبة الأردنيين من ذوي وذوات الإعاقة بلغت 11.2% من مجمل السكان الأردنيين ممن أعمارهم خمس سنوات فأكثر، ويشكلون ما نسبته 11.7% من الاردنيين الذكور، و10.6 % من الإناث الأردنيات.
أثناء البحث، ظهرت أمام شباب حملة "لهن" حالات لفتيات تم استئصال أرحامهن أو على وشك أن يتم ذلك بقرار من أسرهن، حيث برر الأهل ذلك بعدم قدرتهم على تحمل عبء العناية بهن خلال فترة الدورة الشهرية، كما أشار أحد قريب لإحدى الحالات بأن والدها قرر استئصال رحم ابنته "لحمايتها" من تداعيات الاعتداءات الجنسية المحتملة، بحجة أنها غير مدركة لما يحدث.
هذا الموقف كان نقطة تحول أما شابات وشباب حملة "لهن"، فقرروا التوجه إلى وزارة الصحة للحصول على الإحصائيات والمعلومات الضرورية لدعم قضيتهم وتحويلها إلى ورقة موقف رسمية، تطالب الوزارة والجهات المعنية باتخاذ إجراءات صارمة للحيلولة دون انتهاك حقوق الفتيات، و بعد ساعات من الانتظار في المكاتب المختلفة، كان الرد من مدير مديرية الإعلام والعلاقات العامة وخدمة الجمهور في وزارة الصحة أنه "لا توجد إحصائية متخصصة بشأن استئصال الأرحام للفتيات ذوات الإعاقة"، وعدم علمهم بوجود لجان مختصة في جميع المستشفيات".
على الرغم من هذا الرد المحبط، واصل الشباب مسيرتهم بالبحث واتجهوا إلى المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة لطلب الشراكة معهم لمأسسة حملتهم بشكل رسمي، وحصلوا على تعهد بتزويدهم بالمعلومات المطلوبة عن واقع الفتيات ذوات الإعاقة، لم يتوقف الشباب عند ذلك، بل قرروا التوجه إلى الشارع لاستطلاع آراء الناس حول القضية ، حيث تبين أن الغالبية العظمى لم تكن على علم بوجود مثل هذه العمليات، وكانوا مصدومين من معرفة أن فتيات يُجبرن على العيش بدون رحم بقرار غير طبي.
أوضحت نادين الردايدة، منسقة مشروع "مسارنا" في مؤسسة درابزين للتنمية البشرية، أن "هذه الحملة وُجدت لإيصال صوت الشباب وحقهم في الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ونحن هنا لدعمهم في كافة الأمور". وأكدت لـ "صوت شبابي" أن هدف الحملة يتمثل في الحد من استئصال الأرحام للفتيات ذوات الإعاقة الذهنية في الأردن، وتفعيل القوانين التي تحمي حقوقهن، وتشديد العقوبات على المخالفين لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
عقدت جلسة لصناع القرار بمشاركة عدة شركاء تحت رعاية العين آسيا ياغي، ومعهد تضامن النساء الأردني، والمجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة، وأطباء متخصصين وأخصائيين نفسيين. ولم يكتفِ الشباب بذلك، بل تمكنوا من كسب دعم وزارة الأوقاف التي أصدرت فتوى تُحرِّم استئصال الأرحام ما لم تكن هناك دواعي طبية ضرورية.
وعلى مدار عام كامل، نجحت الحملة في كسب التأييد من خلال مجموعة من الأنشطة مثل تقديم مسرحيات في جامعات أردنية مختلفة، وتصميم معرض فني لأشخاص ذوي إعاقة، وتنظيم جلسات نقاشية في المقاهي بمشاركة متخصصين في المجال، إلى جانب إنتاج حلقات بودكاست توعوية بعنوان "بيمارستان" لزيادة الوعي في مواضيع الصحة الإنجابية والجنسية.
رغم اختلاف أعمار الشباب وأماكن إقامتهم في محافظات مختلفة وتنوع الجندري وتعدد أفكارهم، إلا أنهم تمكنوا من إنجاح الحملة وإيصال صوت من لا صوت له، متغلبين على المصاعب التي واجهتهم، كما قالت الروابدة "من بينها إيجاد الوقت المناسب للعمل على الحملة إلى جانب دراستهم أو وظائفهم. لكنهم حولوا هذه التحديات إلى فرص لنشر الحملة في مجتمعهم، بفضل إيمانهم العميق بالقضية ودعم مؤسسة درابزين للتنمية البشرية ومنظمة أوكسفام"
هذا وتنص المادة الخامسة من قانون رقم (20) لسنة 2017 قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على عدم جواز حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من حقوقهم أو حرياتهم أو تقييد تمتعهم بها أو ممارستهم لأي منها، ولا تقييد حريتهم في اتخاذ قراراتهم على أساس الإعاقة أو بسببها، ولا يجوز إجراء التجارب أو البحوث أو الدراسات الطبية والعلمية والدوائية عليهم في غير حالات الطوارئ والاستعجال القيام ً دون موافقتهم الحرة المستنيرة.