كيف يساهم الشباب في تشكيل المستقبل الرقمي؟

الرابط المختصر

يتبوأ الشباب مكانة محورية في حركة التحول الرقمي التي تشهدها مختلف جوانب الحياة، هم من يقودون حملة التغيير الرقمي ويرسمون ملامحه للمجتمعات.
 

لا تقتصر، مساهمة الشباب في التحول الرقمي فقط على استخدام التقنيات، بل نراهم يخوضون غمار ريادة الأعمال الرقمية كتأسيس شركات ناشئة مبتكرة في مجالات التكنولوجيا والبرمجيات. وفي الوقت ذاته، يتلقى الشباب تدريبات مكثفة لتطوير مهاراتهم الرقمية، مما يؤهلهم لقيادة المستقبل الرقمي بكفاءة عالية.

 

قال دكتور علم الحاسوب الأستاذ أحمد العمري إن اعتماد التقنيات الناشئة بين الشباب يتأثر بعدة عوامل رئيسة كـ الاتصال الرقمي وملكية الأجهزة الذكية، والوصول إلى التقنيات المتطورة، وأيضاً حلول الأعمال الرقمية لرواد الأعمال الشباب
 

وأضاف أن الشباب هم الفئة الأكثر تحفيزاً لتنمية المهارات الرقمية من خلال منصات التعلم عبر الإنترنت، وسهلة الوصول، مشيراً أن التحول الرقمي أدى لخلق فرص عمل في مجالات  متنوعة في التسويق الرقمي، وتطوير البرمجيات، وتحليل البيانات، حيث يمكن للشباب تعلم هذه المهارات من خلال الدورات والبرامج التدريبية عبر الإنترنت، حتى لو أنهم يفتقرون إلى الموارد اللازمة للتعليم التقليدي.

 

وتابع العمري، أن تشجيع الشباب على تبني التكنولوجيا الحديثة ينطوي على مزيج من الحوافز والفرص التي أدت للانتشار العالمي للإنترنت والاعتماد الواسع النطاق للأجهزة المحمولة؛ وإتاحة الوصول إلى منصات التعلم عبر الإنترنت للشباب اكتساب مهارات جديدة، بدءًا من البرمجة وحتى تحليل البيانات، حيث يمكن للشباب المشاركة كمستهلكين ومنتجين ومستخدمين في هذا المشهد الرقمي.
 

"يفتقر حوالي 30% من شباب العالم إلى إمكانية الوصول إلى الإنترنت، مما يجعلهم عرضة للبطالة والفقر، وتعتبر الفجوة الرقمية أمرًا بالغ الأهمية لضمان قدرة جميع الشباب على المشاركة في الاقتصاد الرقمي وتساوي الفرص، ولا سيما أن معالجة عقبة القدرة المالية على تحمل التكاليف أمرًا حيويًا لتمكين الشباب بالمهارات الرقمية".. وفق العمري.

 

وفي ذات السياق قال الخبير في شبكات التواصل الاجتماعي طارق الجزائري إن الشبكات الاجتماعية تسرع من التحول الرقمي من خلال تعزيز التواصل، وتوفير بيانات قيمة، ودعم الابتكار، وتحسين استراتيجيات التسويق وخدمة العملاء.
 

وأشار إلى أن إدارة السمعة الالكترونية أمر صعب، حيث أن أي تعليق مسيء تكون عواقبه سيئة، وأن العديد من المستخدمين يخشون من عدم التحكم بالبيانات الشخصية المزمع مشاركتهم في الاستبيانات بتسرب معلوماتهم الشخصية؛ ولا ننسى أيضاً حقوق الطبع والنشر والتقييدات التي تفرضها هذه الشبكات على كافة أشكال المحتوى المرئي والمسموع تحول دون وصوله إلى الفئة المستهدفة.

 

وأوضح الجزائري أن التفاعل المستمر مع الجمهور من الشباب استراتيجية ناجحة لتعزيز التواصل معهم ولأنهم يهتمون بسماع رأيهم في ظل التحول الرقمي الذي نشهده، ولا سيما أن انتقاء المنصات الدقيقة التي  تناسب جمهور المؤسسة وأهدافها يعتبر استراتيجية ناجحة لفئة الشباب مثل الانستغرام والتيك توك.
 

ولفت أن الاستفادة من البيانات والتحليلات المتوفرة على الشبكات تساهم بشكل كبير في تحسين عمل المؤسسات واتخاذ القرارات يعزز من فعاليتها وتنافسيتها في سوق رقمي متغير؛ وذلك من خلال تحليل الأداء والتفاعل، وفهم الجمهور والسوق، وأيضاً مراقبة المنافسين، وغيرها..

 

"بديهياً، يجب الاهتمام باستعمال الذكاء الاصطناعي ثم تحليل بيانات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، والبث المباشر، والبودكاست.. باستخدام هذه التقنيات والأدوات الحديثة، إذ تمكن المؤسسات من تعزيز التحول الرقمي مع الجمهور بزيادة الكفاءة والابتكار في العمليات الداخلية والخارجية".. حسب الجزائري. 
 

ومن جانبه، قال خبير تكنولوجيا المعلومات مقدام قنديل إن المجالات التقنية واسعة وعديدة، ومن أهمها هندسة البرمجيات وعلم الحاسوب التي تشمل تطوير التطبيقات والمواقع  والألعاب الإلكترونية وبرامج الكمبيوتر، وأيضاً إنترنت الأشياء (IoT) من خلال تطوير حلول ذكية تربط الأجهزة والأنظمة عبر الإنترنت.

 

وأضاف أن تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني من أهم مجالات التكنولوجيا في وقتنا الحالي، والتي تقوم على حماية الأنظمة والشبكات من الهجمات الإلكترونية، مشيراً أن التطور التقني يتسارع بشكل كبير مع مرور الوقت، ولكي يتمكّن الشباب من تطوير الحلول الرقمية واستخدامها بما يفيد مجتمعهم فهم بحاجة إلى عدّة مهارات مثل؛ الإبداع والابتكار، والتعلم المستمر، والتعاون والعمل الجماعي، واستخدام أدوات تطوير حديثة
 

"وعلى الرغم من المساهمات البارزة داخل المملكة مثل إنشاء المركز الوطني للأمن السيبراني والعديد من المبادرات والدورات لتطوير المهارات التقنية لدى الشباب، إلّا أنّه يواجه الشباب في الأردن تحديات وعقبات عدة كـ نقص التمويل، والتحديات البيروقراطية، ونقص الخبرة، والتنافسية العالية في السوق التكنولوجي".. يقول قنديل 

 

ولفت بأن الشباب يمكنهم التغلب على التحديات التي تعيق مساهمتهم في تكنولوجيا المعلومات من خلال التواصل مع حاضنات الأعمال، والانضمام إلى حاضنات ومسرعات الأعمال التي توفر الدعم والتمويل، وأيضاً التدريب المستمر، والاستفادة من البرامج الحكومية التي تدعم ريادة الأعمال والتحول الرقمي، وغيرها.. 

وتوقع قنديل بأن دور الشباب في قطاع تقنية المعلومات يشير إلى زيادة كبيرة في مساهماتهم، وخاصةً في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا المعلومات الصحية، والمدن الذكية، مما يعزز من دورهم كعناصر فاعلة في التحول الرقمي والتنمية المستدامة في الأردن.
 

بدوره قال المختص في الذكاء الاصطناعي المهندس خليل الأستاذ إن واقع الشباب في الرقمنة مليئ بالأحلام والأفكار والرؤى المتطورة والحديثة، مشيراً أن الذكاء الاصطناعي هو محور واتجاه الشباب حيث كشف تقرير أن 70% من المهنيين يرون أن الذكاء الاصطناعي سيكون عاملاً حاسماً في سرعة ترقياتهم الوظيفية، بينما أكد 76% منهم أن اكتساب مهارات الذكاء الاصطناعي ضروري للبقاء في المنافسة في سوق العمل الحالي.
 

وأوضح أن الشباب أصبح لديهم إدراك كافي بأن الهوية الرقمية هي باباً أساسياً للتوظيف، إذ تعتبر تقنيات الذكاء الاصطناعي والبلوكشين هي الأكثر انتشار بين الجيل الحالي من الشباب وهذا ما يجعلنا نستنتج أن المهارات مهمة جدا كـ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بصورة مميزة.
 

وأكد الأستاذ أن التوعية الصحيحة حول مفاهيم التحول الرقمي من قبل المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني يخلق جيلاً شاباً مثقفاً رقمياً؛ وهنا يأتي دور الشباب الحقيقي في إيجاد الحلول الواقعية لمشكلة التحول الرقمي للحكومة، حيث أن نسبة التحول الرقمي مع نهاية عام 2023 بلغت نحو 45% بخطة وضعت مع بداية عام  2020 على أن تنتهي  نهاية العام القادم بنسبة تتجاوز 100% ولكن في ظل المعيقات المالية لا يمكن أن نحقق هذه النسبة .
 

وعن أهمية دور الشباب رقمياً قال إن تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت جزء أساسياً من يوم الشباب فمثلاً أغلب السيارات الحديثة مزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصةً أنها تسهل الحياة اليومية للشباب وتساعد على تحقيق نتائج إيجابية وتعزز الاستفادة القصوى من الإنترنت.

 

الشباب الواعي والمتطلع إلى الأمام، لا يتوانى عن إعادة تشكيل وجه المستقبل، بينما تتضح معالمه الرقمية، هناك ثقة راسخة بأن الشباب سيكونون صناع المستقبل وحراسه على حد سواء، مما يبث الأمل في قلوب الجميع بشأن أفق التحول الرقمي المنتظر.