شباب على بسطات الخضار: كفاح يومي بلا ضمانات ولا استقرار

الرابط المختصر

في شوارع المدن وأسواقها الشعبية، يقف شباب بسطات الخضار كواجهة حية للكفاح من أجل لقمة العيش. يحملون طموحاتهم على عاتقهم وسط ظروف قاسية، حيث تشكل هذه البسطات مصدر رزق يومي يعتمد على حركة البيع والشراء، لكن هذا العمل رغم بساطته يحمل في طياته معاناة حقيقية.

فمع غياب الاستقرار المادي والضمانات الاجتماعية، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم في مواجهة تحديات مستمرة، بدءًا من التقلبات اليومية في السوق، وانتهاءً بالمخاطر الصحية والضغوط الاقتصادية وقلة فرص العمل المناسبة التي تزيد من عبء معيشتهم.

فما هي قصصهم؟ وكيف يواجهون هذه الظروف؟ هذا ما نناقشه في التقرير التالي.            

 

عمل غير مستقر وغياب الفرص

يعمل عبد الله العزازمة على بسطة خضار في طرقات محافظة المفرق، حيث يعتمد يومه على ما يمكن أن يحققه من مبيعات، وهو دخل يتأرجح بين الربح والخسارة.

و يقول عبد الله: “قدمت على أكثر من وظيفة، لكن للأسف كلها تحتاج إلى واسطة وأن هذا العمل بالكاد يغطي احتياجاتي، وأحيانًا لا يحقق لي أي دخل.”

ويضيف ان احد الاشخاص في الحسبة المركزية يحضر له الخضار بشكل يومي ويقوم ببيعها هو وبعض الاشخاص العاملين معه  مشيرا الى انهم يعملون في اماكن بعيدة لا تؤثر على التجار ويوفرون خدمة للمواطنين والذي يتم عادة ملاحقتهم من قبل البلديات لإبعادهم عن جوانب الطرقات .

 

يزن: كفاح يومي بدخل متواضع

أما يزن، البالغ من العمر 17 عامًا، فيبدأ يومه على بسطة لبيع العنب في الشارع العام منذ الساعة الثامنة صباحًا، يشتري بعض الأصناف من المزارعين في منطقة الخالدية برأس مال بسيط، ويقضي يومه في البيع، ليحقق في نهاية اليوم ربحًا قدره 7 دنانير، منها 4 دنانير تذهب للمواصلات، ويبقى له 3 دنانير فقط.

ويبين يزن لمراسل صوت شبابي: “هذه المهنة شاقة جدًا، والدخل لا يكفي حتى لتلبية احتياجاتي الشخصية. لا يوجد فيها أي استقرار، وأنا كشاب أتمنى الحصول على وظيفة تؤمن لي حياة كريمة وتوفر لي الأمان المادي بدلاً من هذا التعب المستمر.”

 

غياب الضمانات واستمرار التحدي

رغم صعوبة الظروف، تبقى هذه البسطات هي الخيار الوحيد أمام هؤلاء الشباب. أحلامهم تتجاوز حدود البسطات إلى وظائف تضمن لهم حياة كريمة ومستقبلًا أفضل، لكن الطريق لتحقيق هذه الأحلام ما زال مليئًا بالتحديات.

محمد سليمان: ست سنوات من الكفاح على بسطة الخضار

محمد سليمان، شاب يبلغ من العمر 24 عامًا، اختار أن يعمل على بسطة خضار منذ ست سنوات ليكون عونًا لعائلته في مواجهة أعباء الحياة، ورغم أن هذا العمل يتسم بالمشقة وعدم الاستقرار، إلا أن محمد استطاع أن يحقق منه دخلًا جيدًا يساعده في إعالة أسرته.

وبين محمد ان “هذا العمل يعتمد على المواسم؛" يوم تشتغل ويوم لا"، لكنني اعتدت عليه وليس الجميع يفهم كيف يمكن أن يجني من هذا العمل دخلًا مستقرًا، لكنني تعلمت كيف أتعامل مع السوق وأحقق ربحًا.”

ويوضح محمد أن سر نجاحه في هذا العمل هو الخبرة التي اكتسبها مع الوقت، حيث يقوم يوميًا بجلب الخضار والفواكه من حسبة عمان، ما يضمن له الحصول على أصناف طازجة بأسعار تنافسية.

ومع ذلك، يشير إلى أنه لم يعد يبحث عن وظيفة أخرى، إذ وجد في هذا العمل مصدر رزق يلبي احتياجاته رغم كل التحديات.

 

إرادة تتحدى الظروف

قصة محمد تسلط الضوء على نموذج لشباب استطاعوا أن يتكيفوا مع صعوبة الظروف الاقتصادية، محولين بسطاتهم إلى مصدر رزق رغم التقلبات رغم قسوة الحياة اليومية، يظل الأمل في تحسين الظروف دافعًا للاستمرار.

ويواصل الشاب حازم أبو شقورة (27 عامًا) عمله على بسطة خضار في مدينة المفرق منذ أكثر من 15 عامًا ،ورغم أنه اعتاد على هذه المهنة ويعتبرها جيدة، إلا أنه يواجه صعوبة في تغطية احتياجاته اليومية من خلال دخلها، حيث يعجز دخلها عن تغطية سوى 30% من متطلبات الحياة الأساسية.

وفي محاولة لسد الفجوة المالية، يلجأ حازم للعمل في المزارع خلال موسم الصيف، حيث يعمل باليومية لتوفير مزيد من المال لتغطية مصاريفه الشخصية.

وفي حديثه، طالب حازم المسؤولين والجهات المعنية بضرورة تحسين الظروف المعيشية للعاملين في مهن بسيطة مثل عمله، وقال: “نطالب بأن يُنصفنا من خلال تحسين حالنا وإيجاد حلول تساهم في تحسين ظروفنا المعيشية”.

الزيود: وزارة العمل ليست معنية بأصحاب البسطات والنظام يعود للبلديات

وقال الناطق الإعلامي لوزارة العمل، محمد الزيود، إن الوزارة ليست معنية بهذه الفئة، كونهم أصحاب عمل ولا ينطبق عليهم قانون العمل والعمال.

وأوضح الزيود أن مسؤولية تواجدهم وتنظيم عملهم تعود إلى البلديات وأمانة عمان، مشيرًا إلى أن تعريف العامل وفق قانون العمل يتطلب وجود تبعية وإشراف مباشر للعامل.

وأضاف الزيود أن الوزارة تركز على تنظيم سوق العمل وضمان حقوق العمال الذين يخضعون لإشراف مباشر من أصحاب العمل، بما يتماشى مع أحكام قانون العمل.