سلام أبو الهيجاء.. عشرينية تضع بصمة أردنية في الفضاء
بين الحين والأخر يرسل نموذج شبابي رسالة تذكير بأن حجم الطاقات والمواهب التي يمتلكها الشباب العربي لا تحتاج إلا بيئة حاضنة لإبهار العالم بما يمتلكونه من قدرات في مختلف المجالات والحقول العلمية والعملية، ولعل العشرينية الأردنية سلام أبو الهيجاء بطلة قصتنا اليوم لهي من بين تلك الأمثلة الشابة الملهمة.
بدأت قصة سلام بحلم طفلة تنظر إلى السماء وتبحر بأفكارها داخل هذا الاتساع الذي لا تدركه الأبصار، إلا أنه كان أقرب مما نتصور بالنسبة لها، ليتحول الدخول إلى هذا العالم المجهول بشكل متصاعد إلى هدف تجاوز حدود مخيلتها الطفولية، وأصبح اليوم حقيقة ملموسة على أرض الواقع.
أول مصممة أردنية لبدلات الفضاء من القلائل على مستوى العالم، لقب لم يكن حصولها عليه مفاجئا بالنسبة لأبو الهيجاء كما تقول، بل هدف أولي نجحت في تحقيقه بفضل "توفيق الله أولا" واتباعها خطوات مدروسة وواضحة نحو الحلم الأكبر وهو الصعود إلى الفضاء.
تصميم أول بدلة فضاء
قبل تخرجها من الجامعة بتخصص الهندسة الميكانيكية من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية بأشهر قليلة شاركت سلام أو الهيجاء بمسابقة عالمية تعنى بمركبات وبدلات الفضاء، وكانت مهمة المشاركين تصميم بدلة فضاء قابلة للتطوير.
وتقول أبو الهيجاء في حوار مع "صوت شباب" إن المسابقة لم تكن سهلة، وكانت المنافسة شديدة جدا، إلا أنها تجاوزت تلك التحديات والصعوبات ووضعت بصمتها في هذا المجال بشكل لفت الانتباه لها، ودفع العديد من الشركات والجهات المتخصصة بهذا المجال للتعاون معها.
وتضيف أبو الهيجاء (26 عاما) أنها قامت بتصميم 8 بدلات فضاء منذ عام 2021، بالتعاون مع شركات أمريكية وسويسرية ومن دول أخرى، يمكن استخدامها لغايات التدريب ومحاكاة الوجود في الفضاء أو داخل المركبات الفضائية.
سلام بينت أن الخبرات التي اكتسبتها من الاحتكاك مع الشركات العالمية ساعدها على تصميم أول بدلة فضاء حقيقية خلال هذا العام 2024، وتم عرضها في العديد من معارض الفضاء والتكنولوجيا، كان آخرها في المملكة.
وتتميز بدلتها كما تصف بأنها تحتوي على أنظمة تدعم البقاء على الحياة للفضائيين، معالجة من خلال تصميمها العديد من الثغرات والمشكلات التي لطالما كان رجال الفضاء يواجهونها أثناء مهماتهم أو إقامتهم في الفضاء.
بدلات من نوع آخر
تصميم بدلات الفضاء ألهم أبو الهيجاء بفكرة حماية حياة العاملين في العديد من المجالات الأرضية، وترجمت ذلك الإلهام إلى إنشاء شركة متخصصة بتصميم وإنتاج بدلات يمكن ارتداؤها في ظروف العمل الصعبة والخطرة.
وبينت أبو الهيجاء لـ"صوت شبابي" أن البدلات التي تعمل عليها في شركتها تشمل بدلات للجيش ورجال الإطفاء والغواصين والطيارين الحربيين، وبدلات للبيئات الصعبة الحارة والباردة والخطرة كالتسلق وغيرها.
وقالت إنها تهدف من وراء هذا الأمر إلى النفع العام وخاصة في الأردن، لأن هذه البدلات إن كانت في الفضاء أو الأرض تحافظ على سلامة العاملين في المجالات والبيئات الخطرة، وتحمي حياتهم في غالبية الأوقات، مشيرة إلى أنها وظفت خبراتها في مجال بدلات الفضاء واسقطتها على البدلات الأرضية.
وأخيرا قدمت أبو الهيجاء للشباب ليس الأردني وحسب بل العربي كذلك، وصفة النجاح وتحقيق الأهداف الخاصة بها، المكونة من تجاهل الأفكار السلبية السائدة، الإيمان بالقدرة على النجاح، والتعامل مع التحديات والعقبات على أنها مصدر للخبرات المتراكمة، وليست سبب في الإحباط والتوقف عن الوصول إلى الهدف.