تُعرف الكرك بقلعتها الشهيرة ، كمدينة عريقة تملك تاريخًا طويلًا يمتد لآلاف السنين، ومعالم تاريخية اثرية ودينية تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، لكن هناك وجه آخر للكرك لم يُكتشف بعد، و مقاصد سياحية غير مدرجة بعد على الخريطة السياحية الرسمية، مما دعا إلى تبني شباب من الكرك الساعيين إلى الحفاظ على تراثهم وإبرازها بالبدء بمبادرات فردية وتطوعية للتعريف بتلك المقاصد التي لم تعرف بعد.
لاحظ عبد السلام، الذي نشأ في إحدى القرى المحيطة بمدينة الكرك أن الكثير من الأماكن الجميلة في منطقته ما زالت غير معروفة، سواء للسكان المحليين أو للسياح، فبادر فرديا لتنفيذ فكرته لمبادرة وأطلق عليها اسم "خطوات" عام ٢٠٢١ تستهدف تعريف الناس بمناطق الجذب السياحي المهملة، وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي.
التعرف على الإنسان والمكان معاً
يقول عبد السلام لـ "صوت شبابي" هدفنا كان للتعرف على (الإنسان والمكان معاً ) عبر خلق مسير سياحي لتشجيع الناس على الرياضة من جهة والتعرف على المناطق السياحيه المختلفه في المحافظة للتعريف بها أكثر مثل آثار الكرك القصر والربة ،والعديد من المناطق مثل شقيرا وذات راس. وعلى ثقافة الكرك وسكانها."
وكشف برنامج المسير للناس سواء في الكرك وخارجها على على أقدم أرضية فسيفساء في الأردن موجودة في الكرك في منطقة شقيرا بالإضافة للقصر الاسلامي المتواجد فيها، ويتابع عبد السلام "تفاجأنا خلال هذا المسير بأن هذه المناطق غير معلن عنها كما يجب والفسيفساء للان ليست مقصدا لكون مديرية السياحة تنتظر التمويل لافتتاحها".
ويشمل برنامج مسير "خطوات": شلالات موميا ووادي بن حماد والذي يمكن للزوار الاستمتاع بالطبيعة والينابيع الساخنة، وهي أماكن غير معروفة للغالبية لكنها تجسد جمال الطبيعة وتنوع التضاريس في الكرك، ما يجعلها وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والمغامرة كما امتد المسار السياحي إلى منطقة الاغوار الجنوبيه بداية من غور المزرعة مرورا بمنطقة نميرا وحتى غور الصافي ، وزيارة متحف "النبي لوط" هناك صعودا إلى كهف النبي لوط على سفح جبل قرب المتحف.
وأطلقت "خطوات" مسارات سياحية أخرى في مدينة الكرك نفسها لزيارة البيوت التراثية التي تحاكي قصصا ثقافية من الماضي وصولا للعديد من المناطق .
منصات التواصل الإجتماعي نافذة جديدة
بفضل منصات التواصل الاجتماعي، تمكن هؤلاء الشباب من إيصال رسالتهم إلى العالم. قاموا بإنشاء صفحات وحسابات تروج لهذه الأماكن غير المكتشفة وتدعو السياح لاكتشاف الجانب الآخر من الكرك. من خلال الصور والفيديوهات الجذابة، يُظهرون جمال هذه المناطق ويحفزون الزوار على التجربة الشخصية وزيارة تلك المناطق بالفعل.
وهو ما أشار له عبد السلام بقوله: استخدمنا مواقع التواصل الاجتماعي لتقديمها للناس وكان الصدى جيدا جدا وهو الذي قادنا لتطوير عملنا من مبادرة للترويج السياحي وصولا ً لتأسيس اعضاء المبادرة جمعية (فرسان المدينه السياحيه ) والتي انطلقت حديثا ليتسع عملنا من الترويج للأماكن السياحية وصولا لتدريب شباب الكرك ليصبحوا أدلاء سياحيين وتحديد مسارات سياحية يقود بها الشباب العمل السياحي في المحافظة .
رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها شباب الكرك، إلا أنهم ما زالوا يواجهون العديد من التحديات، أهمها قلة الدعم الرسمي وغياب البنية التحتية المناسبة. إلا أنهم لا يفقدون الأمل، ويستمرون في العمل على تحقيق طموحاتهم في جعل هذه المواقع جزءًا من الخارطة السياحية الرسمية للأردن.
وهو ما أشارت له عهد المدادحه أحد القائمين على الحملة بقولها :إن أغلب الأماكن التي ذهبنا لها الطريق مناسب للوصول لها مما أعاق عملنا لبعض الوقت إضافة افتقارنا لأفراد من قرى المحافظة تشبكها مع الأماكن السياحية المتواجدة فيها ، وبينت في حديثها ل "صوت شبابي" انه واجهتنا تحديات لها علاقة بأن بعض الشباب غير مهتمين في قطاع السياحة تحديداً ويفضلون أعمالا ذات طابع حكومي او مكتبي أكثر، بالإضافة إلى ً غياب الدعم الكافي من قطاع السياحة نفسه ولا من المجتمع المحلي".
واشادت مديرية سياحة الكرك ممثلة بالسيد ساطع الحمايدة مدير سياحة الكرك بهكذا نوع من المبادرات الشبابية بقوله: هي مهمة لعدة أسباب منها التعريف بالمناطق الأثرية والسياحية والتراثية في محافظة الكرك بشكل عام والمدينة بشكل خاص وزيادة الوعي بالإرث الحضاري الإنساني والطبيعي والديني، كما أنها تساهم في احياء مدينة الكرك، أما بالنسبة لاهمية المسارات فأشار الحمايدة ل "صوت شبابي" أنها تسهم في تنشيط الحركة السياحية والتعريف بالمواقع السياحية وتنمية المجتمعات المحلي".
من خلال قصة عبد السلام ومبادرة "خطوات"، يظهر أن الشباب قادرون على إحداث تغيير حقيقي في مجتمعاتهم. بفضل عزيمتهم وتفانيهم أصبحوا رمزًا للإبداع والعمل الجاد، ويقدمون نموذجًا يُحتذى به لكيفية إحياء التراث المحلي وتحويله إلى مصدر فخر وتنمية للمجتمع.