بعد 33 عاما على توقف خدمة العلم يتجدد الجدل حول التأجيل والتفعيل
بعد مرور 33 عاما على توقف خدمة العلم، تجددت التساؤلات حول سبب عدم تفعيلها رغم أن القانون ما زال ساريا، معتبرين هذا التعليق لخدمة العلم مخالفة دستورية في نظر البعض.
هذه التساؤلات تصاعدت بعد إعلان القوات المسلحة عن دعوة المطلوبين لخدمة العلم لتصويب أوضاعهم، من خلال مراجعة أحد مراكز التعبئة، بهدف الحصول على دفتر خدمة علم ساري المفعول، مشيرا الى ان الحصول على دفتر خدمة العلم يجنب المسافرين تأخير سفرهم، وهو ما أثار اعتقادا خاطئا لدى البعض بأن الخدمة الإلزامية قد عادت، قبل أن تنفي القوات المسلحة ذلك بشكل رسمي.
كما تباينت ردود فعل الأردنيين حول هذه الدعوة، إذ رأى البعض أن الخدمة العسكرية يجب أن تكون إلزامية لكل من بلغ سن 18 عاما أو أنهى دراسته الجامعية، معتبرين أن ذلك يجعل الشعب حاضنة للجيش وداعمة له، كما دعا آخرون إلى تشكيل "جيش شعبي" رديف للجيش النظامي، مؤكدين أن الظروف الإقليمية الحالية تتطلب جاهزية عسكرية أكبر.
في المقابل، عبر آخرون عن ضرورة إلغاء التأجيل وجعل الخدمة إجبارية لتأهيل الشباب وتدريبهم في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، واقترح البعض إعادة التجنيد الإلزامي ولو لفترة قصيرة تمتد لثلاثة أشهر، على أن تركز على التدريب العسكري واستخدام الأسلحة وصيانتها، ليكون الشباب مستعدين لدعم القوات المسلحة عند الحاجة.
وفقا لمديرية شؤون الأفراد، تبلغ رسوم تأجيل دفتر خدمة العلم دينارين، بينما تصل رسوم إصدار بدل فاقد أو تالف إلى خمسة دنانير، كما تمنح شهادة الإعفاء من الخدمة مقابل دينارين في حالات الإعفاء الطبي أو بلوغ السن القانوني أو إذا كان الشخص وحيد والديه.
صدر قانون خدمة العلم الأردني عام 1976، وجرى عليه العديد من التعديلات، قبل وقف العمل به عام 1991، كما كان يعرف سابقا باسم "دفتر خدمة العلم"، لكن تغير المصطلح في القانون الجديد ليصبح "وثيقة خدمة العلم"، رغم استمرار استخدام التسمية القديمة بشكل شائع بين الأردنيين.
عودة خدمة العلم صريحة
أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية، الدكتور ليث نصراوين يؤكد أن قانون خدمة العلم والخدمة الاحتياطية رقم 23 لعام 1986 هو قانون ساري ويجري تطبيقه، موضحا أن القيادة العامة للقوات المسلحة تستند إلى نص قانوني يمنحها الحق في تأجيل استدعاء بعض المكلفين وفق احتياجاتها وطاقتها المحددة في القانون.
ويشير نصراوين إلى أن القرارات الأخيرة المتعلقة بخدمة العلم تستند إلى هذا القانون، الذي تنص مادته الثالثة على إلزام كل أردني أكمل 18 عاما بالتقدم لأداء خدمة العلم، وفق ما تقرره القيادة العامة.
الخبير الأمني والعسكري، الدكتور عمر الرداد يرى أن المرحلة الحالية تتمثل في إصدار التعليمات المتعلقة بالفئة العمرية بين 18 و40 عاما، حيث يطلب من المواطنين تحديد موقفهم من خلال الحصول على دفتر خدمة العلم وتسجيل أسمائهم في قوائم التأجيل أو المطلوبين للخدمة.
تعد خدمة العلم من صلاحيات القيادة العامة التي تمتلك الحق في تحديد شروطها وتنظيمها، وليس للأفراد الحق في الاختيار، بحسب نصراوين الذي يضيف أن أي قرار واضح وصريح بإعادة العمل بخدمة العلم سيتم الإعلان عنه من قبل القيادة العامة بشكل مباشر وفق أسس تنظيمية، دون اللجوء إلى أساليب غير مباشرة.
من جهته، يرى الرداد، أن هناك لبسا في تفسير التعليمات الجديدة الصادرة عن القيادة العامة بشأن تجديد دفتر خدمة العلم، موضحا أن البعض فسر هذه التعليمات على أنها تعني مباشرة استدعاء المكلفين وفتح مراكز التدريب في القريب العاجل، مؤكدا أن الرسالة تهدف بشكل كبير إلى إرسال إشارات سياسية للداخل والخارج بشأن جاهزية الدولة.
ويعتبر أن هذا الاحتياطي من الشباب يحمل رسالة مفادها أن الدولة تمتلك استعدادا لتعديل مواقفها وخططها العسكرية في المستقبل، مشيرا إلى أن تدريب هؤلاء الشباب لمدة ثلاثة أشهر يمكن أن يضمن جاهزيتهم لاستخدام السلاح والانضمام إلى صفوف القوات المسلحة عند الحاجة.
شروط تأجيل الخدمة
وفقا لقانون الخدمة، فإن الخدمة العسكرية إلزامية لكل ذكر يبلغ 18 عاما، لكن القانون يمنح القيادة العامة صلاحية تأجيل الخدمة أو الإعفاء منها في حالات محددة.
المادة 9 من القانون تحدد الظروف التي يمكن فيها تأجيل الخدمة، وتشمل، التحاق الشخص بالدراسة، يمكن تأجيل الخدمة إذا كان الشخص طالبا في المدرسة الثانوية (التوجيهي) أو في إحدى الجامعات أو المعاهد أو مسجلا في برامج الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه)، وذلك حتى سن معينة وفق ما ينص عليه القانون، إما في حال كان الشخص مصابا بإصابة تمنعه من الخدمة لمدة تتجاوز ثلاث سنوات.
ويجوز تأجيل الخدمة في حال عدم قدرة القوات المسلحة على استيعاب المكلفين، إذا لم تتمكن القيادة العامة للقوات المسلحة من استيعاب عدد معين من المكلفين، وهذا النص كان يستخدم أساسا لتبرير تأجيل خدمة العلم للأردنيين.
في حال تأجيل خدمة العلم لأي سبب، يتوجب على الشخص المعني مراجعة مكاتب التعبئة التابعة للقيادة العامة لتثبيت هذا التأجيل في وثيقة خدمة العلم.
تنص المادة 3 من قانون خدمة العلم على أن التزام المكلف بأداء الخدمة ينتهي عند بلوغه سن الأربعين، وبموجب هذا القانون، يعتبر كل من بلغ سن الأربعين معفيا من الخدمة، وهو ما دفع القيادة العامة إلى مطالبة كل أردني تجاوز هذا العمر بالحصول على شهادة إعفاء من الخدمة، مثبتة في وثيقة خدمة العلم.
تعد وثيقة خدمة العلم دليلا رسميا على الإعفاء، تفاديا لأي التباس حول العمر أو الحالة القانونية للشخص، وبما يضمن إثبات أن المعني قد تجاوز الأربعين عاما وأنه معفى من الخدمة وفق أحكام القانون.