الشبابُ عماد حملات المقاطعة دعمًا لأهلِ غزة

الرابط المختصر

تزامنًا مع حربِ الإبادةِ الّتي شنَّتها إسرائيل على الفلسطينيينَ في غزة، ما زال الدعوات تتزايد من  شبابُ الأردنِّ عبرَ مواقعِ التّواصلِ الاجتماعيّ وفعاليات مختلفة ن لعدم التوقف عن مقاطعةِ المنتجاتِ الاسرائيليّةِ ومنتجاتِ الشركاتِ الدّاعمةِ لها التي عاد لها الزخم بقوة بعد بدء العمليات الحربية في غزة شهر (أكتوبر) 2023.
ورغم مرور ربع قرن على اتفاقية "السلام" بين الأردن وإسرائيل، فإن التطبيع الشعبي ما زال محدوداً، ويقتصر على حالات فردية، تحاول حملات شعبية وحزبية ونقابية تشكيل حائط صدّ أمام أي محاولات للتطبيع في مجالات ثقافية واقتصادية ورياضية وسياسية.
وبعد عملية طوفان الأقصى، أصبحت المقاطعة بين المواطنين أكثر انتشارا ووعيا بالمنتجات المحلية والاهتمام بها كمنتج بديل، نظرا لانتشارها بشكل كبير حيث أصبحت تحتل المراكز المتقدمة في المحلات التجارية والبقالات الصغيرة.
وشهد الأردن والمنطقة العربية بشكل عام التزاما بمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وهي مدفوعة بما يجري من جرائم إبادة جماعية التي يرتكبها الاحتلال لسنوات عديدة.
ويظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مؤخرا، أن 95٪ من الأردنيين ملتزمون بالمقاطعة.
حركةُ المقاطعةِ العالميةِ (BDS)  حركة عالمية لمناهضة الحركة الصهيونية في جميع المجالات، وتحول الزخم اقتصاديا بعد السابع من أكتوبر الماضي ، واكتسب دعما و تعاطفا شعبيا واسعا.

يقول  القياديّ وعضو حملةِ "الأردنّ تقاطع" حمزة خضر" في اللحظاتِ الّتي يكونُ فيها عدوانٌ على القطاعِ أو على فلسطينَ بشكلٍ عام، ففي الأيامِ الّتي لم يكن فيها عدوانٌ يكونُ هناكَ صعوبةً بإقناعِ النَّاسِ بمقاطعةِ الاحتلالِ، ولكن الشّعب الأردنيّ بطبيعةِ الحالِ هو رافضٌ للوجودِ الصهيونيّ، ورافضٌ للتطبيعِ معه، وبالتّالي يَسْهُلُ إقناعَهُ لو شعرَ بإلحاحٍ، وفي الفترةِ الّتي يكون فيها عدوانٌ على غزة أو فلسطين لا حاجةَ للإقناع، فغضبُ المواطنينَ ورغبتُهُم بالقيامِ بأيِ عملٍ يجعلُهم ينخرطُونَ في مناصرةِ فلسطين الّتي تتعرضُ للإبادةِ والإرهابِ، وفي نفسِ الوقت هناكَ رغبةً لديهم في مواجهةِ المشروعِ الصهيونيّ"


ويؤكد  خضر ل "صوت شبابي"  ان مستوى الإلتزام الشعبي بالمقاطعة هال جدا  ويضيف" ، من المستحيلِ أنْ تَجِدَ أردنيًّا أو أردنيّةً ليسوا مقتنعينَ بالمقاطعةِ، أو ليسوا معاديينَ للمشروعِ الصهيونيّ نحن شعبٌ وطنيٌّ جدًا وحساسٌ جدًا لقضاياه، والشّواهدُ على التزامِ الأردنيينَ في المقاطعةِ كثيرةٌ جدًا، وإذا ترجَّل أيُّ مواطنٍ إلى أي مكانٍ في الأردنّ وبشكلٍ عشوائيِّ سيلاحظُ الالتزامَ الكبيرَ لدى الأردنيين في المقاطعة، أمّا غير المقاطعين فهناكَ واحدةً من الأدبياتِ الهامّةِ الّتي نعملُ عليها في حملةِ المقاطعةِ وهي ألّا نصفَ النّاسَ بالمطبعينَ إنّما نَصِفُ الفعلَ بإنَّهُ فعلًا تطبيعيًّا". في محاول من الحملة لاستقطابهم بدل إقصائهم على حد تعبيره.


وأعلن مركزُ الدّراساتِ في الجامعة الأردنيّةِ ديسمبر الماضي على عينةٍ واسعةٍ من الأردنيينَ والأردنياتِ، أنَّ أكثرَ من (94%) من الشَّعبِ الأردنيّ ملتزمينَ بالمقاطعةِ التزامًا تامًّا،
هذا العدوانَ لم يكن تقليديًا كالّذي شهدناهُ قبل ذلك على الشّعب الفلسطينيّ، بحسب خضر الذي يقول " أظهرَ الاحتلالُ وأظهرَ الغربُ من خلفِهِ وكلَّ المؤسساتِ والشّركاتِ العالميّةِ المتواطئةِ مع هذا الاحتلالِ أنّها على النّقيضِ مع مصالحِ الشّعبِ الأردنيّ؛ وبالتالي أعتقدُ وأنا متأمِّلُ بأنَّ شعبنَا يمتلكُ من الوعي والثقافةِ الّتي تجعلُهُ شرسًا وحساسًا باتجاهِ قضاياه ومصالحِهِ، وبعدَ تجربةِ كورونا الّتي كانت فارقًا هامًّا في معرفةِ التّصنيعَ المحليِّ، وأيضًا الآن مع موجةِ المقاطعةِ الكبيرةِ والشاملةِ بعدَ طوفانِ الأقصى أثبتَ المنتجُ المصنَّعُ محليًّا أنَّهُ منافسًا قويًّا وشرسًا ولا يملأُ فراغَ المنتجِ الأجنبيِّ فقط".

وكان وزيرُ السّياحةِ (مكرم القيسي)  قال في تصريحات صحفية تعليقا على ذلك  بأَّنَّ "المقاطعةُ هي حريةٌ شخصيّةٌ ، مستدركا بالقول " لكنّها ستؤثرُ سلبًا على أبناءِ الأردنّ حيثُ أنَّ (12 إلى 15) ألف أردنيًّا وأردنيّةً يعملون في بعض المؤسسات الّتي تمَّت مقاطعتها"
وهو عكس ما ذهب إليه خضر حيث يرى أن هناك عوائد إيجابية للمقاطعةُ  وقويةٌ على الاقتصادِ الوطنيّـ فبعد ان كانَ يعتمدُ فقط على العلاماتِ التجاريّةِ الأجنبيّةِ، يملك اليوم  فرصةٌ مهمةٌ أمام المنتج المحلي.
ويبدو أن للمقاطعة تأثير واضح  لإعادةِ إنتاجِ البنيةَ الاقتصاديةِ ومفاهيمِها ومفاهيمِ الذّهنيّةِ الاستهلاكيةِ للناسِ، بحسب ما يرى  الدكتور (موسى الساكت) الذي قال "َ الدينار الّذي يُصْرَفُ على منتجٍ مستوردٍ أجنبيٍّ (30) قرش منه فقط  عائدٌ على اقتصادِ الوطنِ، بينما الدينار الّذي يُصْرَفُ على منتجٍ وطنيٍّ محليٍّ فعوائِدِهِ الاقتصاديّةِ تقريبًا (70) قرش، وهذا فرقٌ شاسعٌ بين العائدينِ على اقتصاد البلد، وهذه دلالاتٌ على أنَّ المقاطعةَ ستقوي من اقتصادِ البلدِ بالضرورة وتغيرُ أيضًا نمطَ الاستهلاكِ لدى المواطنِ إلى نمطٍ أكثرَ تصالحًا مع ثقافتِهِ ومصلحتِه ومنتجاتِهِ الوطنيةِ، ويعززُ أيضًا السيادةَ الوطنيّةَ بوجودِ قَدْرٍ جيدٍ من الاكتفاءِ والتّصنيعِ والإنتاج".


ومن الطرق التي تنتهجها حملة "الأردنّ تقاطع" : هي الحملاتُ المكثفةُ الّتي تُعنى بمقاطعةِ بعضَ الشركاتِ المتواطئةِ بشكلٍ كبيرٍ مع الاحتلال، فيكونُ العملُ من خلالِ الحملةِ على تحشيدِ النّاسِ وتنظيمِهم وبناءِ قوتِهم، إضافةً للحملاتِ الالكترونيّةِ، والوقفاتِ والمظاهرات وحملات مواقع التواصل الإجتماعي والناشطين والناشطات كما هو الحال مع النّاشطةُ الشّبابيّة (مجد الزبون).


وبينت الزبون ل "صوت شبابي"  أنّها ساهمت بطريقتها باستمرارِ المقاطعةِ من خلالِ المحتوى الّذي تقدّمُهُ على صفحاتِ التّواصل الاجتماعيّ، وعن طريقِ البحثِ عن  الشركاتِ المقاطَعَةِ وتقديمِ بدائلٍ بجودةٍ عالية، وتضيف " الاردنُّ تمتلكُ الآنَ العديدَ مِنَ المحلاتِ التّجاريّةِ أو التّرفيهيّةِ البديلةِ للمقاطعةِ، كما أنَّ المنتجَ الأردنيِّ قد أثبتَ نفسَهُ بجدارة، وأصبحَتْ المقاطعةُ حافزًا لرفعِ الجودةِ للمنتجِ المحليّ، وهذا مُثْبَتٌ بتقاريرِ الاستيراد لمواد الإنتاج".

وترى الزبون أن الشباب والشابات  وحتى اليافعين في أعمار صغيرة كان لهم دور كبير وبخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على استجابةُ الأردنيينَ للمقاطعةِ، مبينة " ساهمَ في هذا التأثيرُ القويُّ لمواقعِ التّواصلِ الاجتماعيِّ، وقدرتِهِ على توعيةِ المواطنين، إضافةً إلى استحالةِ المقارنةِ بينَ أهميةِ المنتجِ الأجنبيّ في حياتِنا بحجمِ الخسائرِ الّتي يتعرضُ إليها قطاعُ غزة، وتكمنُ الصعوبةُ في توعية المواطنين على أهميةِ المقاطعة في محدوديّةِ التفكيرِ، وإمكانيةِ مقاطعةِ المنتجاتِ الاجنبيّةِ الّتي ننفقُ عليها أموالَنا برغمِ وجودِ البديل".


واستطاعت الحملات مع مرور الوقت، ثني فنانين أردنيين عن إحياء حفلات في إسرائيل، وإلغاء مؤتمرات تطبيعية في الأردن كان آخرها إلغاء مؤتمر في نوفمبر/تشرين الثاني، كان مقرراً عقده في العاصمة  عمان تحت عنوان "السلام بين الأديان" بمشاركة وفد إسرائيلي.
ويضع شباب أردنيون ملصقات على محلات تجارية، ضمن حملة أطلقوا عليها اسم "استحي" لمقاطعة البضائع الإسرائيلية في الأسواق الأردنية، تضمنت احتجاجات أمام محلات تبيع مُنتَجات إسرائيلية، منفِّذين اعتصامات ووقفات احتجاجية أمام مؤسسات حكومية والبرلمان في محاولة للضغط على صانع القرار الأردني للتراجع عن مشروعات اقتصادية مع الاحتلال.


جواد دويدار (37 عاماً)، الذي يقطن في مخيم البقعة، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في الأردن، يرى أن "شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في نضال الشباب الأردني ضدّ التطبيع، ويسارع الشباب إلى نشر قصص لأشخاص طبّعوا، مِمَّا يدلّ على أن لحركات المقاطعة تأثيراً قويّاً، في وقت تدعم فيه الحكومات العربية التطبيع".


هذا وأشارت تقارير عالمية إلى أن  العديدَ من العلاماتِ التّجاريّةِ العالميّةِ الكُبرى تأثرت بحملاتِ المقاطعةِ الشّعبيّة، في كثيرٍ من دولِ العالم، خاصةً في منطقةِ الشّرقِ الأوسط، منذُ اندلاعِ الحربِ في غزة ، إذ تراجع سهم شركة ماكدونالدز، في الربع الأخير من عام 2023، ليخسر 1.83% في مجموع آخر جلستين، كما تراجع سهم مجموعة ستاربكس في آخر جلسات تداول الأسبوع 0.6%.


وفي تصريح صحفي لكريس كمبنسكي، الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز، قال إن عددا من الأسواق في الشرق الأوسط، وبعضها الآخر خارج المنطقة تشهد "تأثيرا ملموسا في الأعمال"؛ بسبب حرب إسرائيل على غزة، بالإضافة إلى ما وصفها بـ"معلومات مضللة" حول العلامة التجارية، على حد وصفه في إشارة إلى تأثير حملات المقاطعة.

أضف تعليقك