السمنة بين الشباب في الأردن: الأسباب و الحلول
تعتبر منظمة الصحة العالمية السمنة حالة مرضية مزمنة ومتدرجة تؤثر على الصحة الفردية والمجتمعية مشيرة إلى أن الأشخاص البدناء يعيشون بمعدل 22 عامًا أقل من نظرائهم ذوي الوزن الطبيعي، وتظهر إحصاءات وزارة الصحة الأردنية أن السمنة باتت تشكل تحديا كبيرة خاصة لدى فئة الشباب.
وتشير الإحصاءات أن نسبة انتشار السمنة بين البالغين في الأردن (من عمر 18 إلى 69 عامًا) تصل إلى 32%، حيث تنتشر بشكل أكبر بين السيدات بنسبة 40% مقارنةً بالرجال بنسبة 24%، وذلك وفقًا لأحدث دراسة أُجريت عام 2019. كما أن نسبة زيادة الوزن بلغت تقريبًا 61%، وهي أعلى بين السيدات بنسبة 68% مقارنةً بالرجال بنسبة 35%.
تروي سندس، البالغة من العمر 25 "لقد كنت أعاني منذ صغري من زيادة مفرطة في الوزن، مما أثر سلبًا على صحتي النفسية والجسدية. واجهت صعوبات في ممارسة الأنشطة اليومية وشعرت بالإحباط من محاولاتي المستمرة لإنقاص الوزن عبر الحميات الغذائية غير الفعالة."
تغيرت حياة سندس عندما قررت زيارة مركز تغذية متخصص بناءً على نصيحة صديقتها. في المركز، خضعت لتقييم شامل من قبل أخصائية التغذية التي وضعت لها خطة غذائية مخصصة تناسب احتياجاتها، كما حصلت على دعم نفسي وتشجيع لمساعدتها على الالتزام بالنظام الغذائي والتمارين الرياضية. تقول سندس ل "صوت شبابي: "مع مرور الوقت، وبفضل الالتزام والدعم المستمر، تمكنت من فقدان الوزن والوصول إلى الوزن المثالي. شعرت أنني أصبحت أكثر صحة وثقة بنفسي."
آدم، شاب في العشرين من عمره، "كنت دائمًا أحب تناول الطعام، خاصة الوجبات السريعة والمشروبات الغازية. مع مرور الوقت، بدأت ألاحظ زيادة ملحوظة في وزني مما أثر على صحتي ونشاطي اليومي. كانت لدي رغبة قوية في فقدان الوزن وتحسين لياقتي البدنية، لكني كنت أجد صعوبة في الالتزام بأي نظام غذائي."
قرر آدم زيارة مركز تغذية متخصص بعد أن سمع عن نجاح أصدقائه. عند أول زيارة له، قابل أخصائية التغذية التي أجرت تقييمًا شاملاً لحالته ووضعت له خطة غذائية تتضمن وجبات متوازنة وتمارين رياضية تناسب قدراته. كان لديه أمل كبير في أن يساعده هذا البرنامج في الوصول إلى هدفه.
يضيف آدم ل "صوت شبابي:"رغم الدافع الكبير، واجهت العديد من التحديات في الالتزام بالحميات. كان من الصعب الابتعاد عن الوجبات السريعة، خاصة مع ضغط الأصدقاء والعائلة. ومع ذلك، لم أستسلم. استخدمت الدعم النفسي الذي حصلت عليه من أخصائية التغذية للتغلب على الصعوبات."
العوامل المؤثرة على زيادة الوزن والسمنة بين الشباب
قال الدكتور محمد أسامة، وهو دكتور جراحة السمنة وتخفيف الوزن"ترتبط السمنة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل أمراض الجهاز التنفسي، مشاكل القلب، السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم." وأكد الدكتور محمد أن السمنة لا تؤثر فقط على الصحة الفردية، بل تُشكل عبئًا كبيرًا على النظام الصحي الأردني من حيث تكاليف العلاج والإنتاجية الاقتصادية.
يقول الدكتور محمد لصوت شبابي: "هناك عدة عوامل تؤثر على زيادة الوزن والسمنة بين الشباب الأردني، ومن أبرزها: انتشار الوجبات السريعة والمشروبات الغازية على حساب الأطعمة الصحية، وقلة النشاط البدني بسبب الاعتماد الكبير على وسائل النقل وقضاء ساعات طويلة أمام الشاشات. هناك أيضًا العوامل الاجتماعية المتمثلة في الثقافة التي تشجع على تناول كميات كبيرة من الطعام في المناسبات والاحتفالات، وضغوط الحياة التي تدفع البعض لتناول الطعام بكميات كبيرة كوسيلة للتخفيف من التوتر."
دور مراكز التغذية والحميات
تشير أخصائية التغذية ليندا عمر إلى أن مراكز التغذية تقوم بتقييم الحالة الصحية والنظام الغذائي لكل فرد من خلال استشارات فردية تشمل تحليل الوزن، نسبة الدهون، الكتلة العضلية، ومستوى النشاط البدني. ويتم بناء خطة غذائية فردية بناءً على احتياجات الشخص وأهدافه الصحية. تقدم المراكز برامج غذائية وحميات مخصصة تساعد الأفراد في الوصول إلى الوزن المثالي أو الحفاظ عليه، وتركز هذه الحميات على تحسين العادات الغذائية وتثقيف الأفراد حول الأطعمة الصحية.
وتكمل ليندا ل "صوت شبابي "بعض المراكز تقدم جلسات توعية حول كيفية تعزيز الانضباط الذاتي والالتزام بالخطط الغذائية، وتقدم أيضًا خططًا لزيادة النشاط البدني، تشمل التمارين الرياضية المناسبة لكل فرد بناءً على حالته الصحية."
التحديات التي تواجه مراكز التغذية والحميات
يقول الدكتور عمر عبيد، مدير أحد مراكز التغذية، لصوت شبابي: "تواجه مراكز التغذية والحميات في الأردن عدة تحديات تؤثر على فعاليتها في تقديم خدماتها. من أبرز هذه التحديات نقص الوعي الصحي بين فئات واسعة من المجتمع، حيث يفتقر الكثيرون إلى المعلومات حول أهمية التغذية السليمة وأثرها على الصحة العامة. كما تواجه المراكز صعوبة في التعامل مع العادات الغذائية السلبية المنتشرة، وتفتقر بعض المراكز إلى القدرة على الترويج الكافي لبرامجها، مما يجعلها غير معروفة للكثيرين. تعاني المراكز أيضًا من المنافسة مع البدائل غير الصحية المتاحة بسهولة."
التحديات التي يواجهها الشباب في الالتزام بالحميات
وأشار الدكتور عمر عبيد لصوت شبابي: "يواجه الشباب العديد من التحديات في الالتزام بالحميات الغذائية، مما يجعل من الصعب عليهم تحقيق أهدافهم الصحية. ضغط الأقران يعد من العوامل الرئيسية، حيث يتعرض الشباب لتأثير الأصدقاء والعائلة الذين يفضلون تناول الوجبات السريعة، مما يؤدي إلى الانحراف عن خططهم الغذائية."
ويكمل: "كما تفتقر بعض البيئات الاجتماعية إلى خيارات الطعام الصحي، مما يعيق قدرتهم على اتخاذ قرارات غذائية سليمة. يشعر الشباب أيضًا بقلة الوقت، حيث يجدون صعوبة في تنظيم حياتهم بين الدراسة أو العمل والالتزام بنظام غذائي متوازن."
تتطلب جهود التوعية الغذائية والتغذية الصحية في الأردن تكثيف الجهود من كافة الأطراف المعنية لتحقيق نتائج إيجابية تسهم في تحسين الصحة العامة. ونذكر أن هناك العديد من البرامج والمبادرات الحكومية والمجتمعية في الأردن التي تدعو إلى الوعي الصحي ومكافحة السمنة. من بين هذه الجهود، الحملة التوعوية لأنماط الحياة الصحية الموجهة من وزارة الصحة الأردنية تحت شعار (حياتك قرارك فكر باختيارك) التي تهدف إلى توعية المجتمع بأهمية تبني أنماط حياة صحية تشمل التغذية السليمة وممارسة النشاط البدني بانتظام. كما تشمل هذه البرامج برنامج التغذية المدرسية الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم، والذي يهدف إلى تعزيز التغذية السليمة بين الطلاب، بالإضافة إلى مبادرة "صحتي في غذائي" التي نظمها مركز القويسمة للخدمات المجتمعية، وتهدف إلى توعية المجتمع المحلي بالأغذية الصحية وغير الصحية وأثرها على الجسم.