ورد في الإعلان التاريخي، الذي اعتمدته الجمعية العامة في العاشر من نوفمبر عام 1948 أنه ’’ لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، ... أو المولد، أو أي وضع آخر"
وحصل الأردن في تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي لسنة 2020 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي على درجة 138 من أصل 153 دولة، هذا و تشكّل المرأة الأردنية نسبة 47% من إجمالي سكان المملكة بحسب إحصائيات 2019 الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، بما يفيد مواجهة النساء عوائق كبيرة أمام دخول سوق العمل وتعرضهن لخطر البطالة بشكل أكبر بكثير مقارنة بالرجال.
سجى مشرقي محامية وناشطة في مجال حقوق الإنسان تحدثت: "يفتخر الاردن بنسائه المتعلمات والرائدات في جميع مجالات الحياة وعلى الرغم من أن المرأة الأردنية استطاعت أن تثبت جدارتها في كثير من المجالات الا انها ما زالت تصطدم بواقع المجتمع وفي بعض الأحيان تصطدم بالقوانين والأنظمة التمييزية ضد المرأة"
كما نوهت أنها لاحظت خلال عملها الفكر الرائد والتقدمي للمرأة الاردنية وشددت أن المرأة ليس لديها قصور بل على العكس لديها الرغبة في معرفة حقها وتحديد أهدافها في المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير إلا ان ما يمنعهم في كثير من الحالات هي ضغوطات المجتمع والعائلة.
ومن الجدير بالذكر لا تزال المشاركة السياسية للمرأة ضعيفة في الأردن؛ حيث يخصص نظام "الكوتا" 15 مقعدا للنساء في مجلس النواب، وتبلغ نسبة النساء في المجالس البلدية 25 %وما يقارب 12 % في مجلس الأعيان في 2018 ،كما تم تعيين 7 نساء في مجلس الوزراء لتبلغ نسبتهن 25% من مجموع الوزراء.
وأوضحت مشرقي أن العمل على تغيير النظرة التمييزية تجاه المرأة شهد حركة رائدة من النساء في الاردن بالإضافة الى تشجيع منظمات المجتمع المدني ولكن التغيير لا يحصل بمعزل عن إشراك الرجل وذلك في محاولة فهم العقلية التي ترفض إعطاء المرأة حقها على قدم المساواة مع الرجل.
وفي السياق أفادت مشرقي: " من وجهة نظري الشخصية أرى أن تغيير الواقع التمييزي ضد المرأة ينطلق من منطلقين هما المجتمع والقانون، أم القانون بتعديل القوانين التميزية لتصبح أكثر انصافا وأكثر موائمة، وسد الفجوة ما بين الواقع والقوانين الموجودة وذلك عن طريق تعديل القوانين التي تمس المرأة بشكل مباشر وهي قانون العمل وقانون الأحوال الشخصية حيث ان في كثير من المواد يكون هذا القانون مجحف في حق المرأة بالإضافة الى تعديل قانون منح الجنسيات لتصبح المرأة على قدم المساواة كما نص الدستور على ذلك بان تعطي الجنسية وتمنحها الى أبناءها"
اما فيما يخص المجتمع تضمنت مشرقي في حديثها ان نقطة الانطلاق تبدأ من انهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي والتوقف عن اعطاء الأدوار المجتمعية والتي تكون مصدرها العادات والتقاليد البالية في اغلب الأحيان والنظرة الذكورية لبعض الأمور ومن بينها الميراث حيث ان المرأة تحرم في كثير من الأحيان من الميراث بسبب النظرة المجتمعية من الاخوة وقد تكون من الأب او الأم بعدم اعطائها اياه بنظرة منتقصة تجاه حقوق المرأة فهذه تحتاج الى تعديل ايضا.
وتابعت مشرقي حديثها فيما يخص المساهمة الاقتصادية للمرأة على قدم المساواة مع الرجل فهي في ذات الأهمية وذكرت أنه يجب على الرجل أن يتوقف عن النظر الى المرأة على أنها ند او منافس فقط بسبب الجنس وانما يجب ان توجد نظرة مجتمعية تجاه المنافسة في مجال الأعمال وأن المرأة والرجل كلاهما يتنافس حسب الكفاءة والمؤهلات وليس على أساس الجنس لأن عمل المرأة لا يؤثر على عمل الرجل بل على العكس استطاعت المرأة ان تثبت انها كفؤ في كثير من الأعمال وفي كثير من الأدوار القيادية في المجتمع.
أما في ما يخص عمل المرأة والعائلة أفادت مشرقي ان "المرأة تكون في كثير من الاحيان هي مصدر دخل داخل الاسرة ومن هذا المنطلق فإن المرأة هنا يصبح عملها هو مصدر الإعالة الوحيد في العائلة فهنا تكون ذات دور اقتصادي مهم جدا وأضافت الى ان تغيير نظرة الرجل تجاه مسؤولياته داخل العائلة تعني ان عمل المرأة سوف يكون هو الأكثر مثالية لان عندما ينظر الرجل على انه شريك في مسؤوليات العائلة وليس صاحب الدور المكمل فقط فهنا نصبح امام توازن ما بين المجتمع وما بين عمل المرأة وتقبل وانسجام في دورها في المجتمع."
وفي قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي من شأنها أن تسهم في الحد من التفاوت في النفاذ إلى تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وفي تعميم منظور المساواة بين الجنسين تحدثت المهندسة ليليان حداد عن يوم الفتيات العالمي في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي يصادف الرابع من ابريل من كل عام : "الفكرة من الاحتفال في يوم الفتيات العالمي هو كيف ندعو الفتيات للانخراط اكثر في مجال التكنولوجيا والمجالات الرقمية المتطورة "
وأردفت: "بما اننا في عصر التكنولوجيا الرقمية يصبح لدينا فائض وظائف في مجال الانترنت وتكنولوجيا والاتصالات بشكل عام ويوجد فئتين تشغل هذه الوظائف فئة النساء/الفتيات وفئة الرجال وبين الفئتين حاليا حسب دراسات وحسب الفجوات الموجودة لدينا في المجتمع نلاحظ انو الذكور اكثر تأهيلا لشغل هذه المناصب في الوظائف الرقمية" .
كما وذكرت أن نسبة استخدام النساء للإنترنت الذي بلغ 48% بينما الرجال 58% حسب دراسة عالمية صادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2019 وأكدت على وجود فجوة بما يقارب 17% عالميا.
ونبهت حداد الى وجود فجوة في المهارات التي يحتاجها أصحاب العمل وبين المهارات الموجودة لدى من يبحث عن هذه الشواغر، وشجعت على وجوب تأهيل المرأة لتكون على وزع كبير لتلتحق بالمناصب المهنية التي تحتاج الى مهارات تقنية وتكنولوجية عالية إلى جانب توعية الفتيات بأهمية التوجه لدراسة المجالات التكنولوجية ان كان في مجالات الانترنت، تكنولوجيا المعلومات أو الذكاء الاصطناعي وغيرها من القطاعات الاردنية التي تعنى بذلك تمكين النساء اقتصاديا بشكل اكبر وتمكينهم للحصول على مهارات عملية تساعدهم بحياتهم المهنية بشكل كبير.
وأوصت حداد على وجوب الاتجاه الى أهداف التنمية المستدامة التي تدعم المساواة بين الجنسين في العمل وهو الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة الذي يضمن تحقيق المساواة بين الجنسين في عدة مجالات ومنها مجال التكنولوجيا.