"لقد عشت مرحلة احتضار زوجي بسبب مرض متعلق بالاسبستوس"الحرير الصخري" وسيتكرر هذا الأمر بمجتماعتكم، يمكن لجزء من ألياف الاسبستوس التسبب بسرطان"، هذا ما قالته زوجة بلينك كينارت الذي لاقى حتفه نتيجة إصابته بتليف الرئتين بسبب عمله في معالجة الجدران عن طريق رشها بالاسبستوس - في كندا.
أكثر من مئة الف نسمة في العالم يلقون حتفهم كل عام بسبب سرطان الرئة، وورم المتوسطة، وسرطان الحنجرة والمبيض، و داء الأسبست (تليف الرئتين) نتيجة التعرّض لمادة الاسبستوس في أماكن عملهم وفقاً لمـا تـذكره التقديرات العالمية.
125 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم يتعرضون لمادة للأسبستوس في أماكن عملهم حسب ما تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية .
قبل الثمانينات من القرن الماضي كان يتم استخدام هذه المادة في كافة مراحل البناء في الاردن وكانت تخلط في الاسمنت وتستخدم في الاسقف وغيرها، حسب استاذ الجغرافيا وعلم الزلازل والبيئة الدكتور نجيب ابو كركي ووصفها بقوله" إنها مادة ممتازة لها مواصفات عزل حراري ومقاومة للتمدد والحرارة ولكن لها مشكلة كبيرة، أن لها غبار إذا تم نتفسه فإنه يمكن أن يولد سرطان بالرئة بشكل مؤكد علميا، لذلك بدأ العالم شيئا فشيء بمنع استخدامها".
يُطلق مصطلح "الأسبستوس"او (الحرير الصخري) على مجموعة معادن ليفية تتكوّن طبيعياً وتستخدم لأغراض العزل داخل المباني وفي تشكيلة مكونات عدد من المنتجات، مثل ألواح التسقيف، وأنابيب الإمداد بالمياه، وبطانيات إطفاء الحرائق، ومواد الحشو البلاستيكية، والعبوات الطبية، فضلاً عن استخدامها في قوابض السيارات وبطانات مكابح السيارات وحشياتها ومنصاتها وفي بناء المداخن وفي الأواني الحافظة للحرارة و البرودة.
و يحدث التعرض للأسبستوس عن طريق استنشاق أليافه المنتشرة أساساً في الهواء الملوث في بيئة العمـل، فـضلاً عـن استنشاقها من الهواء المحيط المنتشر في المناطق المجاورة لمصادره، أو من الهواء الموجود داخل المساكن والمباني التي تحتوي على مواد أسبستوسية يسهل انسحاقها.
وتحدث أعلى مستويات التعرض للأسبستوس أثناء إعادة تغليف حاويـات الأسبستوس واختلاطه بمواد خام أخرى وقطع المنتجات المحتوية عليه بأدوات الكشط الجاف. كمـا يمكـن أن يحـدث
التعرض له أثناء تركيب واستخدام المنتجات المحتوية على الأسبستوس وصيانة المركبات.
ونظراً لطول فترة الكمون التي تستغرقها الأمـراض المعنيـة فـإن التوقف عن استخدام الأسبستوس الآن لن يؤدي إلا إلى تخفيض عدد الوفيات ذات الصلة به إلا بعد عدة عقود من الزمان.
عمدة سارينا في كندا مايك برادلي يقول "مؤسف ان كندا تصدر الاسبست نعرف ماضية ومازلنا نحاول تصديرة، في الماضي كان رأي ان نقوم بتصديره لدول العالم الثالث حيث لا يوجد قوانين صارمة لكن حين يفكر المرء بأروبا وألمانيا لا يمكننا ذلك".
فعلا نجحت كندا في تصدير منتجها لبعض الدول في افريقا وآسيا، في عام 2010 تم توقيع اتفاقية تجارية بين الأردن وكندا لإستيراد الاسبستوس(الحرير الصخري) وتعد كندا من أكبر الدول التي تتاجر بمادة الاسبستوس .
الدكتور أحمد الشريدة رئيس جمعية التنمية للانسان والبيئة الاردنية، والباحث في حماية البيئة و التنمية المستدامة يقول بهذا الخصوص "يجب الحذر من هذه الاتفاقية لأن هناك بعض الثغرات الموجودة فيها والتي تتطلب تعديل كبير عليها".
ويشير الدكتور شريدة الى قانون منع استخدام واستيراد مادة الاسبستوس قائلا" يوجد هناك قانون ينص على عدم استخدام مادة الاسبستوس في الأردن صدر في التسعينات القرن الماضي ولكن ليست العبرة بالقانون ولكن العبرة بتطبيق هذا القانون!"
القانون الذي أصدرته وزارة الصحة في التسعينات يبدو أنه ليس ساري المفعول بوجود اتفاقية 2010 تنص على استيراد مادة الاسبستوس"الحرير الصخري".
وعند زيارة الموقع الإلكتروني للجمارك الأردنية نرى أن هنالك قسم خاص لشرح رسوم الجمارك المترتبة على استيراد مصنوعات الحجر والاسمنت و الحرير الصخري "الاسبستوس"، وهذا ربما يشرح بعض الشيء عدم سريان قانون منع الاستيراد والاستخدام بشكل فعال.
ويتابع الشريدة بهذا الخصوص " اخر مخالفات تم رصدها من قبل وزارة البيئة فيما يخص مادة الاسبستوس كانت قبل 4 او 5 سنوات على ما اعتقد ، وانا اعتقد ان هناك جهل كبير لدى المواطنين في خطورة هذه المادة."
ليست دول العالم الثالث الوحيدة التي تتعرض لهذه المادة، صنفت منظمة الصحة العالمية مادة الاسبستوس رقم 1 من المواد الكميائية العشر الاخطر على الاطلاق ووصفتها مصدر قلق رئيسي في مجال الصحة العامة لذلك منعت دول أوروبا استخدام هذه المادة بشكل قطعي، كما ان كافة الدراسات العلمية والاكاديمية اثبتت خطورة هذه المادة وسميتها، خاصة عند الاقامة في منشئ يحتوي مادة الاسبستوس يقضي قاطنيه حوالي 16 ساعة يوميا في مساكنهم مما يعرضهم لمشاكل صحية مزمنة وغير مزمنة اصعبها السرطان وأقلها التهابات في الجهاز التنفسي، فهم معرضين للخطر بشكل مستمر حتى من مسمار قاموا بحفر الحائط من أجله!
وفي هذا الصدد يشدد الدكتور شريده" بدون شك ان هناك ضرورة كبيرة لتوعية سكان المنشآت القديمة بخطورة هذه المادة خاصة في حالة الصيانة او الفك والهدم".
وتعتبر مادة الاسبست مادة كيميائية تندرج تحت قانون حماية البيئة المؤقت رقم 1 لسنة 2003، تعليمات إدارة المواد الكيماوية والخطرة التي تنص مادته رقم (6) – على وجوب أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع طرح أية مواد كيماوية تؤدي إلى تلوث البيئة أثناء التصنيع وخلاله.
اكثر الاشخاص بحاجة للتوعية بمخاطر الاسبستوس هم العاملين فيه والذين يتعرضون له في بيئة عملهم بجانب القاطنين في منشآت تحتوي الاسبستوس ،ونص مادة القانون تفيد على منع اي مادة كيميائية تحمل مواصفات مادة الاسبستوس، مادة سامة ومميتة وملوثه.
الاسبستوس قنبلة موقوتة هناك ألياف معدنية في المباني اصبحت ارثا مميتا وتكلف المليارات للتخلص منها وعند التحدث عن الحلول الدكتور شريدة يقول "لا يوجد هناك أي خطة لحل مشكلة مادة الاسبستوس بالمنشآت القديمة ابدا، طبعا معظم مراحل البناء في المؤسسات والمنظمات خاصة الحكومية من مدارس ومستشفيات ومراكز صحية والتي تم بناؤها على عجل وبسرعة تم استخدام هذه المادة" ويشير إلى وضع هذه المنشآت بقولة انها كانت "مؤقتة" على امل انشاء ابنية اخرى لاحقا ولكن مع تباطئ النمو الاقتصادي في الاردن اصبحت هذه المباني رديف او مساعد للأبنية الدائمة ومع التوسع الكبير تم استغلالها.
ويتم الإقبال على شراء مادة الأسبست لأنها أرخص من مواد البناء الأخرى.
وعند الاشارة الى طرق معالجة مادة الاسبستوس بطريقة امنة وصحية يقول الدكتور أحمد شريدة أن الطرق الاكثر امنا تكون من خلال وضعها بمكب للنفايات الخطرة ومعالجتها بالطرق الكيميائية والبيولوجية للتخلص منها بطريقة لا تضر البيئة .
نتساءل هل تستخدم بالاردن طرق امنة للتخلص من مادة الاسبستوس ؟ وهل مازالت وزارة البيئة ترصد مخالفات بشأن استخدامة وماهو دور الوزارة حيال ما يحدث ... كلها اسئلة حاولنا طرحها على وزارة البيئة ولكن لم نحصل على إجابات الى الان.