وقفة مع كتاب الدكتور الكوفحي " تحدي الإعاقة الجسدية في نماذج من قصص الأطفال"

 

   في هذه الأيام المباركة ومع مشاهدتك للأخبار المتتالية التي قد تجعلك محبطاً في بعض الأحيان ومع انشغالك بأعمالك اليومية قد لا تجد متسعا من الوقت للقراءة إلا أن كتاب (تحدي الاعاقة الجسدية في نماذج من قصص الأطفال) للزميل القدير الأستاذ الدكتور ابراهيم الكوفحي في قسم اللغة العربية وآدابها في الجامعة الأردنية – فيه جمالية خاصة تجذبك إليه، وتحفزك منذ صفحاته الأولى إلى قراءته ومطالعته.

   يستوقفك المؤلف في مقدمة الكتاب بتسمية فئة ذوي الاحتياجات الخاصة أو ذوي الاعاقة، بـ (ذوي القدرات الخاصة) مما يجعلك تتوقف لبرهة تتأمل هذه التسمية الجميلة المحفزة لهذه الفئة لما ترى فيهم من إمكانات لا يراها كثير من الناس وهم ينظرون إلى هذه الفئة من الأطفال ولا يستوقفهم إلا إعاقاتهم الظاهرة. عندما تقرأ الكتاب تجد أن البطل في كل قصة يعاني من اعاقة مختلفة إلا أنه لديه قدرات خاصة تجعلنا نغير نظرتنا لهذه الفئة، كما نتبين ذلك من القصص التي تناولها الناقد الدكتور إبراهيم الكوفحي في كتابه في محاولة لتقديم أبطالها من (ذوي القدرات الخاصة).

من القصص التي تناولها الدكتور إبراهيم الكوفحي في هذا الكتاب التي يجمعها موضوع الأطفال من (ذوي القدرات الخاصة) ما يلي:

"المشجّع الرائع"(2004)، لسناء حطّاب. 

"جدائل خضراء"(2017)، لمهنّد العاقوص .

"صمت هادي"(2017)، لرانيا زبيب ضاهر .

"أين منقاري"(2018)، ليارا بامية .

"أجنحة طائرتي"(2018)، لرجاء الملّاح .

"أصوات العالم"(2018)، لنادية النجّار .

و"أصدقاء ديمة"(2019)، لسناء الشعلان.

 

   فالكتاب يعرض إلى نماذج متعددة من (ذوي القدرات الخاصة) ، بحسب تعبير الدكتور الكوفحي، مختلفين في نوع الاعاقة والفئة العمرية، ولكتّاب مختلفين أيضا من الأردن والعالم العربي. وما يجعلك تنشد إلى هذا الكتاب شعورك أثناء قراءة القصة التي يلخصها ويقدمها لك الدكتور الكوفحي بلغته الرشيقة بأنك تعيش في عالم البطل؛ وفي الأحداث التي تجري له ، ففي قصة "أجنحة طائرتي" للمغربية رجاء ملاح مثلا شعرت بأنني أطير مع الفقاعات، وأحلق في عوالم بطلها الفنتازية. كل قصة تجعلك لا تريد أن تتوقف عن القراءة بل تتشوق لقراءة القصة التي تليها لتعرف ماهي القدرات الخاصة والجميلة لدى البطل الآخر،، حتى أنني في البيت شاركت أطفالي بعضا من هذه القصص الجميلة، وما كتبه الدكتور الكوفحي موضحا من جمالياتها وأساليبها التعبيرية واللغوية والفنية.

   حقا لقد استوقفتني جماليات اللغة العربية؛ فقد جعلني المؤلف أشعر بأنني لا اعرف الكثير عن جمال وبلاغة لغتنا العربية... فقد كتب تعليقا بل مجموعة من التعليقات التوضيحية بعد كل قصة يعلمنا فيها قاعدة من قواعد اللغة العربية في السرد القصصي والحوار. ففي القصة السابقة مثلا "أجنحة طائرتي" أشار إلى أسلوب الالتفات ، وهو ينقلنا من التحدث بضمير الغائب الى ضمير المتكلم. في كل قصة تشعر بأن هناك شئا ما يدفعك للأمل فأبطال القصص ذوو قدرات خاصة ، وليسوا ذوي اعاقات أو احتياجات هذه التسمية التي يطلقها المجتمع عليهم وهم أنفسهم من أشد الناس كرها لها ونفورا منها. لم تجذبني القصص فقط بقدر ما جذبتني تعليقات الناقد الكوفحي بعد كل قصة. لقد بات في أذهاننا بأن اللغة العربية صعبة أو معقدة ، ولكنني سرعان ما اكتشفت أن العيب فينا نحن العرب الذين نكثر الشكوى من لغتنا بسبب جهلنا بها وبإمكاناتها الغنية، وأساليبه الجميلة التي تعلمت منها الكثير في هذا الكتاب . لأقول باختصار شديد لقد علمني هذا الكتاب أن أعتز بلغتي ، وأن أندفع أغوص في بحرها لاستخراج كنوزها ودررها المخبوءة. 

 

 

*قسم العمل الاجتماعي، الجامعة الأردنية

 

أضف تعليقك