ندوة عن المنهج الخفي الذي يحرّم الفنون في جاليري راس العين

ندوة عن المنهج الخفي الذي يحرّم الفنون في جاليري راس العين
الرابط المختصر

أقام مهرجان حكايا الثامن ضمن إنطلاق فعالياته أمس السبت في جاليري رأس العين ندوة تحمل طرح الناشطة الثقافية سمر دودين "المنهج الخفيّ الذي يحرّم الفنون" وشارك في الندوة الدكتور مروان المعشر  والناشطة الثقافية سمر دودين والدكتور ذوقان عبيدات والاستاذه دلال سلامة.

 

وتوضح الناشطة سمر دودين أن المنهج الخفي الذي يحرم الفنون هو "منظومة ثقافية دوجماتية، يتم تداولها وتعليمها للنشء بطرق غير معلَنة. وهو يؤكد، في المدرسة والجامع والمنتديات الثقافية، على أحادية مؤسفة في النظر إلى الذات والآخر. وبالتأكيد، فإن استبعاد الفنون والفلسفة والدراسات الثقافية من مدارسنا، والكثير من مراكزنا التنموية، ما هو إلا أحد مظاهر هذا المنهج".

 

وتلاحظ دودين أنه وبالرغم من أن المادة الرابعة من قانون التربية والتعليم لسنة 1994 تنص على أن أحد الأهداف العامة للتربية في الأردن هو "تذوق الجوانب الجمالية في الفنون المختلفة وفي مظاهر الحياة"، إلا أن أي قارئ مطّلع على مناهجنا يعرف تمام المعرفة أن عملية التذوق الفني شحيحة؛ إذ يشكل منهج الفنون نسبة 1 % فقط من المنهج الكلي في الأردن.

 

ويشير د.ذوقان عبيدات في دراسة ملهمة ومهمة، إلى أن الأصول الداعشية في المناهج الأردنية هي "غياب ما ينمي الدماغ، بسبب وجود الكتب والامتحانات ذات النمط السردي التلقيني، إضافة لتغييب الفن والموسيقى والشعر والعاطفة والحب والذوق عن المناهج، وهو أمر مقصود".

 

وتحدث الدكتور مروان المعشر عن افتقار مناهجنا وطرق تدريسنا للتفكير النقدي واحترام الآراء المختلفة ومكونات المجتمع المتعددة، ويربط ذلك بتطوير مفهوم حداثي للمواطنة الحاضنة للتنوع والفنون والفلسفة والموسيقى.

 

وأضاف المعشر في معرض إجابته على سؤال عن تغاضى الدولة عن هذه النظرة الأحادية وتغييب التنوع في التعليم بأن فتح هذا الباب يعني بالنسبة للدولة فتح أبواب أخرى للتعددية قد ترى بأنها تهدد الأمن والاستقرار مع أن الخيار الموجود أمامنا اليوم هو ما بين وجع رأس التعددية أو سرطان الأحادية والإقصاء.

 

وبالنظر إلى التغييب المقصود للفنون في نواحي الحياة اليومية كافة، وغياب الدعم الوطني لها، صار لزاماً أن يُفتَح باب الحوار على مصراعيه حول هذا الموضوع من أجل كشف الخبايا وطرح الأسئلة بشكل واضح وصريح، ووضع المجتمع والمسؤولين أمام مسؤولياتهم. فلماذا لا نجد الموسيقى والفنون التشكيلية وصناعة الأفلام والفنون الأدائية -التي تتضمن المسرح والموسيقى والرقص- جزءاً أساسياً من المنهج والحصص الصفّية؟ لماذا لا يتم التركيز عليها في عملية تكوين المعلم، ولا توظَّف كوسائط تعلُّم فعّالة في تطوير اتجاهات الطلبة وقدرتهم على التأمل لخلق معرفة جديدة أكثر انفتاحاً؟ ولماذا تَمنع مدارس كثيرة، بشكل غير معلَن ومن دون أيّ ضجيج، تعليم الموسيقى بوصفها من المحرمات، وأن الفنون بشكل عام، والموسيقى والمسرح والرقص بشكل خاص، تحرك الشهوة وتثير المتعة، وتدفعنا جميعاً نحو الهلاك الأخلاقي؟! ولماذا لم تتصدَّ وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة لمثل هذا الخطاب الرجعي الذي يؤسس لفكرٍ ظلامي كالذي كان سائداً في العصور الوسطى، حين كان يُنظَر إلى العلماء على أنهم سحَرة، وإلى الفنانين على أنهم مشعوذون؟! لماذا انحسر الدعم الوطني للقطاع الأهلي العامل في الثقافة والفنون؟ ولماذا لا يوجد أيّ مخصصات من وزارة التربية والتعليم للمبادرات التعليمية الفنية/ الثقافية خارج إطار المدارس؟

 

وكما تساءلت الباحثة دلال سلامة في دراسة لها حول المناهج المدرسية: "هل نريد مواصلة إنتاج أجيال يُقال لها إن كل من ليس مسلماً سيذهب إلى النار؟ لأن كتب المدارس، وإن لم تتبنَّ المقولة السابقة صراحةً، تفعل ذلك ضمناً، عندما تنغلق على رؤية وحيدة للعالم، وتحكم بالضلال على كل ما عداها، حتى من دون عرضه".

 

وعرضت سلامة شواهد علمية عن جذور رفض التنوع في النظام أنها التربوي في الأردن، وكيف أنها تذهب أبعد من رفض الآخر المختلف دينيا إلى رفض كل آخر، وهي تفعل ذلك من خلال تنظيم الذات المختلف، مقابل شيطنة المختلف، في بعض المواضع ، أو تغييبه في مواضع أخرى.

 

وتحدث الدكتور منير فاشه عن أهمية التركيز على الفنون ضمن رؤيا مغايرة للتعليم تتمثل في مفهوم"البيان والتبين" وفي عدم تقسيم المعرفة بل في جدل نسيج يجمع بين الفنون والأدب والرياضيات والخ..

 

ويذكر أنه انطلقت فعاليات مهرجان حكايا الثامن أمس السبت برعاية أمانة عمان الكبرى بتنظيم من مسرح البلد والملتقى التربوي العربي بالتعاون مع فرقة الورشة المسرحية (مصر) والمركز العربي للتدريب المسرحي (لبنان)، وتستمر لمدة أسبوع في عمان والمحافظات.

أضف تعليقك