نحر الغزالة لبسمة الخطيب يصدر عن المتوسط

صدر حديثاً عن "منشورات المتوسط-إيطاليا"، مجموعة قصصية جديدة للكاتبة اللبنانية "بسمة الخطيب" بعنوان "نحر الغزالة". وفيها قصص متعددة ومتنوعة في مضامينها، لكنها ترتبط، جميعها أو أغلبها، بنهايات تبدو غرائبية إلى حد كبير. فمرة تتحول الشخصية إلى نبتة، ومرة ترى ما يحدث لها وأمامها وهي ميتة، وهكذا... يمكن أن تكون قصصاً واقعية تحدث للناس في يومياتهم، لكنها تقفز عن الوقع عبر مصائر الشخصيات أو الأحداث. تراجيديا ذات طابع كافكاوي مخيف وموحش:

" انطلقت رصاصة. شعرتُ بها تتصدَّع في لحمي.

ب

ارتميتُ أرضاً فوق سائلٍ دافئ.

صاح رجل: "قتلتُهُ! قتلتُ الضبع".

عَلَت الهتافات. رحتُ ألهث خلف روحي، وأرجوها أن تبقى معي.

لأوَّل مرَّة دمعتُ في الظلام. لم أقوَ على فتح جفنَيَّ. انتشر الحريق من عينَيَّ إلى جسدي كافَّة.

مسَّد أحدهم ردائي، وقال إنّ فروي لا ينفع.

"إنّها ضبعة"، أضاف.

"ضبعة مخطَّطة!"، تعجَّب صوتٌ رفيع، "الله يعلم ما الذي أعادها من الانقراض!"

"ولكنّنا سنسلخها على كلِّ حال"، قال آخر، ولم أسمع شيئاً من بعد ذلك". (من قصة العمياء).

 

عبر مناخات من هذا النوع الذي ينطوي على بعد فجائعي، تجري بقية القصص، أو أغلبها، وإن ما يمنحها تلك القدرة على التشكل والتنقل السلس بين مستويي التخيّل والواقع هو اللغة المتماسكة والصحيحة التي حرصت عليها الكاتبة عبر سطور هذه المجموعة دونما خلل، أو ارتباك، أو أي نوع من فقدان التحكم بها:

"وضعت كيس القماش المطرَّز في المَقْعَد المجاور، ونظرت إليه بحذر. هنا، قُربها يجثو حذاء من جِلْد فاخر كان قبل فترة وجيزة يَنبِض بدم غزال حَيٍّ". (من قصة شاموا).

 

أخيراً جاءت المجموعة في 120 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات"، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.

 

عن الكاتبة: بسمة الخطيب:

ي

كاتبة لبنانية. تكتب القصة القصيرة والرواية، وتكتب للأطفال أيضاً. عملت مراسلة لإذاعة بي بي سي العربية، وصحافية في جريدتي السفير اللبنانية والحياة اللندنية وقد صدر لها العديد من المجموعات القصصية والروايات، منها: دانتيل، شرفة تنظر من بعيد، برتقال مرّ.

من الكتاب:

لأنّه لا يُسمَح للنساء بحضور مراسم غَسْل المتوفَّى الذَّكَر ودَفْنه، لم تَزُرْهُ إلَّا بعد ساعات من ذلك.

وقفتْ أمام الشواهد الرخاميَّة التي حُفِرَت عليها أسماء راحلي العائلة.

لم تعرف أحداً منهم، ولم تزُرِ المَقْبَرَة سابقاً.

أو لعلَّها زارتْها مرَّة وهي طفلة، ولكنّها نسيت الأمر!

رغم دموعها الغزيرة، والضباب الذي تبعثر بين فساتين النساء السوداء، استطاعت أن تقرأ أسماء نساء رحلْنَ قبل سنوات كثيرة، حُفِرَت على الشواهد المجاورة: عليا وفاتنة وميَّاس وحياة وناجية ودُرَّة وفيحاء ووسيلة ...

رغم تعجُّب مَنْ كنَّ حولها وازدرائهنَّ لها، ابتسمت لِطَيْفِهِ.

لوَّحتْ بيدها له، كما فعل دائماً، في حياته واحتضاره.

أضف تعليقك