مساحات بيضاء مهددة بالضياع

مساحات بيضاء مهددة بالضياع
الرابط المختصر

p style=text-align: justify;الصمت الذي يخيم على المكان ويدعوك بترحاب للدخول - شريطة ان تسجل بيانات بسيطة لغايات إحصائية – ونسائم الهواء المتسربة من المبنى القديم والمختلطة بكتب قديمة جديدة, كل هذه الأشياء كفيلة بأن تدخلك إلى قلوب وهواجس أبناء بلدك, بمجرد أن تفتح بعض الكتب التي قُدّر لها أن تضم ما يخطر ببالهم./p
p style=text-align: justify;إن كنت منظما ومحبا للترتيب ستنفر بداية من قراءة الكتاب الذي تتزاحم بين سطوره عبارات لآخرين لم تعرفهم./p
p style=text-align: justify;وإن كنت فضوليا, فإنك ستترك السطور المطبوعة وستقتفي أثر الكلمات المكتوبة, لتصنع منها قناة سرية تدخلك لبيوت لم تدخلها, بل ستدخل غرفهم الخاصة, وستستمع لأصوات حاجاتهم./p
p style=text-align: justify;وأثناء خروجك من المكتبة, قد تتابع العيون والوجوه التي تصادفك في وسط البلد, وتسأل نفسك, هل هو أو هي من كتب تلك الكلمات؟./p
p style=text-align: justify;span style=color: #ff0000;الكتب.. مواقع للتواصل الاجتماعي/span/p
p style=text-align: justify;في كل عام كنت أحمل زهرة مشتاقة تهفو إليك/p
p style=text-align: justify;هذا ليس ستيتاس على الفيس بوك, إنما عبارة تركها أحدهم على صفحات رواية لعبد الرحمن منيف في مكتبة أمانة عمان, وعند البحث عن تفاصيل تخص من ترك الأثر, لم يظهر إن كان ذكرا أو أنثى./p
p style=text-align: justify;وعلى ذات الرواية لعبد الرحمن منيف الحاملة لعنوان الأشجار واغتيال مرزوق الموجود في مكتبة أمانة العاصمة يشعر قارىء الكتاب أنه أمام حوارية حول الكتاب, بخطوط والوان مختلفة, فمنذ الصفحة الأولى للكتاب تجد من كتب مملة جدا, ليرد أحدهم عليه أنت متخلف جدا./p
p style=text-align: justify;للوهلة الأولى يظهر وكأننا على صفحة من صفحات التواصل الاجتماعي على الانترنت, وكأننا نقرأ مثلا حوارا على صفحة من صفحات الفيس بوك, لكننا في الواقع أمام حضرة كتاب يعج بالآراء حوله, الآراء التي كتبها قارئيه مرة بقلم حبر ومرة بقلم أحمر ومرة بقلم ذهبي./p
p style=text-align: justify;الحوار حول الرواية لا يتوقف عند الصفحة الأولى, بل يكتب أحدهم على رأس صفحة المقدمة قصة جيدة, ولكن ليست كباقي قصص عبد الرحمن منيف, لينبري أحدهم ويكتب بحميّة عالية لا يمكن لأي إنسان أن يشعر بالملل من قراءة روايات عبد الرحمن منيف, وقد تكون هذه الرواية أقل من بقية شقيقاتها, ويعود ذلك لأنها تجربته الروائية الأولى, ويكمل ذات الشخص مدافعا عن منيف بأنه استرسل بالحوار في القسم الأول ليجعل السرد أكثر سلاسة./p
p style=text-align: justify;ويوقع في نهاية تعليقه النقدي باسم خالد ناصر ويدرج التاريخ كتابته للتعليق 24-5-1998./p
p style=text-align: justify;تلتقط الكتاب – على ما يبدو فتاة – تقرؤه وتعلق على الحوارية بخط مرتب وبقلم لونه ذهبي لا بد وأن الذي كتب هذه الأسطر يمزح – تقصد من هاجم الرواية – إنها أكثر أكثر من رائعة, وتتجه بقلمها أسفل توقيع خالد ناصر وتكتب خالد ناصر كم أود التعرف عليك وتكتب التاريخ 5-9-1998. دون أن تترك أثرا يدل عليها, فقط اكتفت بالبوح برغبتها وأعادت الكتاب للمكتبة./p
p style=text-align: justify;يأتي ثالث وكأنه يقوم بدور المراقب, يضع بقلم أحمر نصف إطار حول كلام الفتاة المدافع عن الرواية, يتجه نحو بوحها بالرغبة للقاء خالد يؤطره بالأحمر ويسأل ماهذا؟!./p
p style=text-align: justify;ومن ثم يكتب صفحة كاملة يعلق فيها على مادار ويطلب من القراء أن يلتزموا بقراءة الكتاب دون إبداء آرائهم, مؤكدا أنه لم يُطلب من أحد تأدية ذلك الاختراع المسمى إبداء الرأي./p
p style=text-align: justify;ورغم أنه قام بهدر صفحة كاملة على الكتاب باللون الأحمر إلا أنه كتب هذه التعليقات لا فائدة منها إلا تشويه منظر الكتاب./p
p style=text-align: justify;ويبدو أن رغبة الفتاة بالتعرف على خالد أيقظت في نفسه الغيرة الشرقية من حدوث المحظور, فعلق أخيرا هذه التعليقات تصل إلى إيراد عبارات غريبة تبدأ بـ أود التعرف عليك وتنتهي بـ..../p
p style=text-align: justify;إذا كان كتاب عبد الرحمن منيف السابق استفز تلك التعليقات, فقد ايقظ كتاب أبناء القلعة لزياد قاسم الرغبة في نفس أحد القراء لأن يكتب تعليقا في أعقاب حرب الـ 1967, عن فوزية أحد أبطال الرواية وهي تحتضر معلقا فوزية رمز الوطن الذي يحتضر./p
p style=text-align: justify;وكأنه يجزم بان القارىء الذي سيليه لن يعي الفكرة, فقام بممارسة الوصاية وفك الرموز, تلك الرمزو التي صنعها الكاتب بحِرَفِية, ليترك لكل قارىء لذة فهمها, والتفكير بها./p
p style=text-align: justify;span style=color: #ff0000;أنانية/span/p
p style=text-align: justify;تلك الحوارية لا تختلف عما نراه على مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنها تجري على صفحات كتاب مخصص لكل أهل المدينة وليس لفرد واحد, فهل يمكننا القول بأن مواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح للناس التعارف على بعض والتحاور ستخلص الكتب من هذه العادة؟/p
p style=text-align: justify;لو أن كل من يكتب على كتب المكتبة, يتبرع ويضع تاريخ كتابته, لنبحث إذا ما كان ظهور الفيس بوك سيخلص المساحات البيضاء في الكتب من هذا السلوك./p
p style=text-align: justify;لكن من جهة ثانية, فإن ما يدفع الناس للكتابة على الكتب لا يتوقف على حد البوح والحوار الذي توفره مواقع التواصل الاجتماعي, بل يتعداه إلى الدراسة, مما يؤشر إلى أن المشكلة لا تكمن في البوح, بل في احترام الآخرين الذين سيقرؤون الكتاب بعدنا./p
p style=text-align: justify;فأحدهم مثلا قام بكتابة الإجابات على غالبية أسئلة النحو في أحد كتب النحو, مع الإشارة إلى أن مؤلفي كتب النحو عادة ما يوجهون للقارىء أسئلة دون إجابة لتكون اختبارا ذاتيا للجميع. الأخ يرفض أن يبقى السؤال بلا إجابة فيتبرع بكتابة الإجابات على الكتاب, دون التأكد من صحتها على أقل تقدير, ليحرم غيره من تحقيق الفائدة التي خطط لها مؤلف الكتاب عبر الاختبار الذاتي./p
p style=text-align: justify;وآخر يقوم بتلخيص معاني حروف الجر على صفحة بيضاء في كتاب قواعد اللغة العربية, معتقدا أنه يقدم خدمة لغيره./p
p style=text-align: justify;من جانب آخر يمكن لمرتادي المكتبة أن يلحظوا أن أمين المكتبة لا يحرص على تفقد الكتاب حال إعادته إلى المكتبة, الأمر الذي يشعر مرتادي المكتبة أن إدارة المكتبة ذاتها غير حريصة على سلامة الكتاب./p
p style=text-align: justify;/p