مبدعون: للمثقف دور كبير في تحرير العقول والتوعية ونبذ التعصب

يؤكد مثقفون ومبدعون أن للمثقف دورًا كبيرًا في الحياة وواقع المجتمع، فهو «الأكثر قدرةً على وعي مشاكل وتحديات مجتمعه والأقدر على فهم محرِّكاتها العميقة».

كما يضطلع المثقف بدور كبير في توعية الشباب، ونبذ التعصب والتزمت ودعوات الغلو، ودوره في توجيه الشباب للمشاركة الفاعلة في التنمية. «الدستور» التقت كوكبة من المبدعين، وطرحت بين أيديهم السؤال الآتي: هل ثمة دور للمثقف في الراهن والمعيش، وما طبيعة ذلك الدور باعتقادك؟ فكانت هذه الرؤى..

 الشاعر والناقد مهدي نصير:

للمثقف دورٌ كبيرٌ في حياة وواقع مجتمعه فهو الأكثر قدرةً على وعي مشاكل وتحديات مجتمعه والأقدر على فهم محرِّكاتها العميقة، وفي التاريخ العربي تمَّ تهميش وتهشيم هذا الدور للمثقفين عبر شيطنتهم واتهامهم بالزندقة والخروج على الملَّة بدوافعَ ايدولوجيةٍ وسياسيةٍ مما أوجد قطيعةً ما زالت مستمرةً حتى الآن بين المثقف العربي الحقيقي وبين مجتمعه وتمَّ خلق وإيجاد نُخبٍ مزيفةٍ بديلةٍ احتلَّت دوره شكلياً ومارست دور الإسناد للواقع القائم دون محاولةٍ لتغييره نحو الأفضل.

أما طبيعة الدور الذي يجب أن يقوم المثقفون به فهو الجرأة في فضح الواقع البائس والإشارة بوضوحٍ لمسبباته بوعيٍّ وفكرٍ حرٍّ عميقٍ وفنٍّ وشِعرٍ وموسيقى تلتقط الحيَّ في ثقافتنا وتبني عليه قيماً جمعيةً نبيلةً للناس، وعليهم أن لا يكونوا أبواقاً للسلطةِ بكافةِ أشكالها السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية.

 د. ديانا رحيل:

ما من شك من أهمية للمثقف في الواقع المعيش، فالمثقف والثقافة يدفعان ثمنا باهظا جدا نتيجة للأوضاع العربية التي نعيشها. ولا خلاف حول دوره النضالي في التغيير، لكن الاختلاف حول قيامه بدوره، فانشغال المثقف بالثقافة يؤدي الى امتلاكه حالة من تضخم الوعي وقدرة كبيرة في فهم حركة المجتمع، لذلك يسعى الجميع لسحب المثقف من أجل التغيير.

وهو يضطلع بدور كبير في توعية الشباب، ونبذ التعصب والتزمت ودعوات الغلو، ودوره في توجيه الشباب للمشاركة الفاعلة في التنمية، وليس هناك اي تنمية دون تنمية الإحساس عند المواطن في علاقته بالكتاب، وأن نجعل من الثقافة أمرا حيويا وطبيعيا يسمح بتحرير العقل.

 د. عبد الرحمن القضاة:

نعم للمثقف دور كبير في مختلف مجالات الحياة، وعند الحديث عن المثقف لا نقصد المبدع الأدبي وحسب، بل المثقف بالمعنى العام لشمولية الثقافة. أما الدور الذي يلعبه المثقف فيختلف من شخص إلى آخر، ومن عينة مجتمعية إلى أخرى، على أن لهذا الدور سمات بارزة، أهمها التنوير والتصحيح :

أولا: التنوير الفكري ودحر الاعتام أنى كان، والنور المنبعث من فكر المثقف مهما كان بسيطا يمثل حالة إيجابية تُغاير سلبية الظلام؛ فالشمعة التي تمثل أدنى مستويات الإنارة المادية تؤدي دورًا كبيرًا عندما نرى شعاعها ينبثق في الأطراف مُشكِّلا ثورةً عارمة في وجه العتمة، كذلك شعلة المنارة ليست سوى شعلة  ــ شعلة فقط ــ  تؤدي دورًا كبيرًا رغم ضآلة ما هي عليه نسبيا أمام الأطراف المترامية. فالشمعة والمنارة تعادلان فكرة يُقدمها المثقف أو موقفا يقفه يحسبه بسيطا ولكنه قد يترك أثرًا كبيرًا يستهدي به الناس أو يبعث فيهم الهمة والعزيمة.

ثانيا: التصحيح وله جانبان: الأول تصحيح المسار المُقتَضى وفق بوصلة المسيرة الكبرى للمجتمع نحو التقدم صوب قمم الرقي، وهي حالة مستمرة فكل متحرك قابل للانحراف عن مساره لحظة ما. فلا بد للمثقف الحقيقي أن يشكل الضوء الأحمر المنذر بالخطر كلما لمس انحرافا في مسيرة المجتمع. الجانب الثاني للتصحيح وهو الجانب النظري المتمثل بتصحيح الأفكار والمفاهيم الخاطئة التي تعشعش في أذهان العوام في مجالات الحياة المختلفة؛ الاجتماعية، والدينية، والعلمية... إلخ.

 الشاعر حسن البوريني:

المُثقفَ ابنُ الواقعِ الذي يحياهُ، وهو المؤثرُ والمُتأثرُ بما يدورُ حولَهُ مِن إحداثياتٍ تُشكِّلُ في الغالبِ مساحاتٍ ليست بالهينةِ مِن استشراقات واستشرافات من أعاليها يبرقُ المُثقفُ ومضاتَ فِكرهِ ويرسلها على هيئة أنّاتٍ وأمنيات معاً ومن هنا يبزغُ فجرُ دورِهِ ويلوحُ نهارُ أملهِ فما أن تتوحد خيوطُ هذه الأنوارُ المنبعثةُ مِنْ أكثرِ من فكرٍ مُثقّف ستخلق حتماً في فضاءِ الواقعِ المُعاش مساحةً من التميّز ستغدو مساحة اكبر ذات يوم.

 الشاعر علي شنينات:

ثمّة ما يدعو إلى الحزن في ظلّ هذا التلاشي لدور المثقف وعدم قدرته على صياغة الراهن وعجزه عن خلق الجمالية التي يمكن أن تكون أساساً ينطلق منها التغيير نحو الأفضل، ولكي نستطيع تفسير الحالة علينا أولاً أن نعرف من هو المثقف القادر على قيادة التغيير، وما هي مرجعيته الثقافية في ظل تعدد المرجعيات التي أدت في معظمها إلى الهدم لا البناء. لذلك أرى أن المشكلة تكمن في ماهيّة المثقف وما يحمله من فكر مؤدلج وغير قابل للحياة.

أضف تعليقك