"عمّان بيروت": رسائل بصرية بين مدينتين

جذبت بيروت خلال ستينيات القرن الماضي المثقفين والسياسيين من مختلف أنحاء العالم العربي، ومنها الأردن، حيث ترك العديد منهم بلاده بحثاً عن "مدينة فاضلة" لم تقيّدها في تلك اللحظة حدود، سواء في جامعاتها التي خرّجت العديد من نخب الحكم والمعارضة العربية، أو صحافتها ودور نشرها ومؤسساتها الثقافية، أو مناخاتها السياسية التي جمعت حالمين وثوّار وعابرين.

حنينٌ لم يغب طوال خمسين عاماً إلى تلك الصورة التي أصابها التبدّل والتغيّر، ويبدو أن انفجار الرابع من آب/ أغسطس أعادها إلى الأذهان، رغبة بإنكار كلّ أذى وضرر لحِق بالحاضرة قبل هذا الدمار وبعده، وأملاً بعودة الحياة إليها كما تمثّلها من عرفها عن قُرب، ومن تخيّلها في القصائد والكتب.

الصورة

(عمل للفنانة الأردنية منى السعودي، من المعرض)

(عمل للفنانة الأردنية منى السعودي، من المعرض)

"عمّان بيروت" عنوان المعرض الذي تنظّمه "مؤسسة محمد وماهرة أبو غزالة" في العاصمة الأردنية منذ الثالث والعشرين من الشهر الجاري في قاعة المؤسسة وفي "دار الأندى" بمشاركة مئة فنان تبرّعوا بقطع فنية ولوحات وصور فوتوغرافية، سيتم "بيعها وإرسال المبالغ المالية التي تجمع من ذلك لمساعدة المنكوبين في لبنان جراء هذا الحادث المأساوي"، بحسب بيان المنظّمين.

الصورة

(عمل للفنان العراقي هاشم حنون، من المعرض)

(عمل للفنان العراقي هاشم حنون، من المعرض)

يشارك الفنان العراقي هاشم حنون بطباعة رقمية يُبرز من خلالها مدينة واظب على تقديمها في سلسلة أعمال تعكس حنينه إلى ذلك المكان الذي يحلم بالعودة إليه منذ خروجه من البصرة إلى بغداد فعمّان وصولاً إلى كندا، وهي تمثل مجموعة من المدن التجريدية غير المرئية، منفّذة بطريقة الطباعة الحريرية على الورق، بألوان زاهية ومشرقة تظهر تفاصيلها الدقيقة.

أما الفنانة الأردنية منى السعودي التي أقامت أول معرض لها في "مقهى الصحافة" البيروتي عام 1963، وهي لا تزال تقيم في العاصمة اللبنانية حتى اليوم، فتشارك بعملٍ يحمل عنوان "امرأة وطائر" وهو طباعة مختزلة ومبسطة على ورق لوجه امرأة تلامس طائراً بما تحيله من دلالات لاستمرار الحياة والحرية.

الصورة

(عمل للفنانة اليابانية يوكو كاواغوتشي، من المعرض)

(عمل للفنانة اليابانية يوكو كاواغوتشي، من المعرض)

ويقدّم الفنان السوداني عبد القادر البخيت المقيم في عمّان لوحة بألوان مائية، وهو الذي تهيمن على أعماله مفردات بصرية تنتمي إلى النيل وعوالمه. اللوحة المقدّمة هي لفتاة غير واضحة الملامح تحيط بها ألوان وخضرة تجعلها وثيقة الصلة بطقوس وجماليات القرى في السودان.

في عملها، تستخدم الفنانة اليابانية يوكو كاواغوتشي مواد مختلطة على ورق، في تكوينات تجريدية تُخفي الأشكال المتكرّرة، والتي تبحث عادة في أعمالها عن ثنائية السماء والبحر وتستمدّ مفرداتهما من فضائهما الواسع الممتدّ وتشكيلاتهما اللونية المتعدّدة.

الصورة

(عمل للفنان الفلسطيني سليمان منصور، من المعرض)

(عمل للفنان الفلسطيني سليمان منصور، من المعرض)

وتركّز الفنانة الدانمركية بنت كريستنسن - إرنست في أعمالها على مشهد مفرط في واقعيته في تناولٍ يقترب من فن البوب، ضمن عوالم تمزج بين عناصر نباتية وأخرى حيوانية تتشابك بأشكال غريبة وسوريالية أحياناً لكنها تشبه الإنسان على نحو يبدو يجعل العمل واقعياً لكنه ليس حقيقياً في الوقت نفسه.

بمواد مختلطة على قماش، تواصل الفنانة السورية عروبة ديب تقديم المأساة التي تعرّضت إليها بلادها، من نزوح ولجوء للملايين بينما آلة القتل لم توقف إبادتها، ويظهر في معظم لوحاتها أناس يحملون حقائبهم، وكأنهم في رحلة لا تنتهي، بأسلوب تعبيريّ يكثف التعب وأدق تفاصيل مكانٍ يظهر منزوعاً من محيطه وكأن الشخصيات تسير في تيهها.

يشارك في المعرض أيضاً إيمان علي خالد وعماد الظاهر وعمار داوود وقحطان الأمين وباقر الشيخ وستار درويش من العراق، وجمانة مناع ومحمد خليل وماجد شلا وغدير سعيد من فلسطين، وسماح حجاوي وداليا علي وحنان رشدي ولين الحداد وشيرين عودة ويزن مصاروة وتالا عبد الهادي وسما شحروري من الأردن، وآخرون.

 

أضف تعليقك