زكي سلّام.. أيقونة فنية فلسطينية رسخ الهوية الوطنية بمنحوتاته

الرابط المختصر

يعتبر الفن التشكيلي الفلسطيني من اهم نتاجات الشعب الفلسطيني وركناً أساسياً لهويتة الوطنية، حيث يعكس  تاريخ الشعب الفلسطيني ويستحضر تلافيف  الحياة ونشاطاته المختلفة الصغيرة والكبيرة من خلال الرسوم بأنواعها المتعددة والحفر والنحت الذي يعتبر الفنان زكي سلام من أهم رموزه وأيقوناته.



سيرته ومساره



ولد الفنان التشكيلي الفلسطيني زكي سلام في دمشق عام 1958 لأسرة هجرت من قرية  الطنطورة في قضاء حيفا عروس الساحل الفلسطيني عام ١٩٤٨؛ تخرج من كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق ـ قسم النحت ـ في العام 1984، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في العام 2000. عضو الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين؛ وقدعمل رئيسا لقسم الخزف في معهد الفنون التطبيقية في دمشق من العام 1984 إلى 2008.



أقام العديد من المعارض الفردية في سوريا والأردن وإيطاليا والجزائر، كذلك شارك في العديد من ملتقيات النحت الدولية في سوريا والبحرين وإسبانيا. أنشأ وشريكة حياته الفنانة هناء ديب أسرة فنية مميزة مع أبنائهم الفنانيين سومر وسمارة ورام. كان للفنان زكي سلام الكثير من المبادرات الثقافية والفنية والتي لعبت دورا في تعزيز الحياة الثقافية في مخيم اليرموك الذي ترعرع في حناياه.

 

اتسمت أعمال الفنان زكي سلام بالحزن نظراً لأنها تجليات وجدانية كما أشار في أكثر من مقابلة وأنّ محورها الأساسي الحياة في ظل الصراع مع دولة الاحتلال المارقة إسرائيل، وأنه يعيش داخل هذا الصراع، وبقدر ما كان صادقاً مع نفسه بقدر ما تجلت هذه السمة في أعماله.

دفعته ظروف الحرب والأوضاع المأساوية في سوريا إلى الهجرة إلى الجزائر حيث يقيم الآن ويعمل هناك وله إنجازات ومشاركات فنية مهمة في بلد المليون شهيد. يعمل الفنان زكي سلام بخامات مختلفة مثل البرونز والحجر والخشب والسيراميك، وقد تميز بخبراته التقنية والعلمية الواسعة حتى بات مرجعاً لعدد كبير من النحاتين على امتداد الوطن العربي، وقد جسد زكي سلام عبر مشاعره وأحاسيسه كلاجىء آلام شعبه وماساة اللجوء والمخيم في رسوماته ومنحوتاته بشكل خاص، التي شارك من خلالها في عدد كبيرمن المعارض والفعاليات الثقافية الفلسطينية والعربية.



من جنوب المخيم إلى الجزائر



ترعرع زكي سلام في حنايا مخيم اليرموك بدمشق واستقر به الأمر لسنوات طويلة في شارع العروبة وفي كنف عائلة رائعة ومتجذرة الهوية وتحبذ وتشجع عل تعليم أبنائها، وقد تحققت أهداف الوالد والوالدة بعد كد مديد كباقي أهالي اليرموك واللاجئين الفلسطينين في المخيمات وخارجها فحصل الجميع على شهادات أكاديمية ومن بينهم زكي سلام، الذي زرته مرات عديدة في بيته في البناء الطابقي لتجمع العائلة التي أحب، وكان البيت بمثابة متحف فلسطيني مصغر اشترك في صناعة محتوياته الفنان زكي سلام وزوجته الفنانة هناء ديب.



وأزعجني أنني تابعت أخبارا محزنة بأن مشغله قد تمّ تدميره وتعفيشه من خفافيش الظلام بعد عام 2012، وبعد وصوله إلى الجزائر استحضر الفنان جعبته من ذاكرة وأفكار للانطلاق مجددا لترسيخ الهوية الوطنية عبر فنه الراقي في منفى آخر؛ مؤكدا في مقابلات وأحاديث صحفية بأن ما تنتجه الحضارة من فن تقتله الحرب بزمن قصير.



والفن حسب ما قال زكي سلام في لقاء صحفي لموقع إرم الثقافي قبل عدة سنوات: "لا يعرف أيديولوجيا"، ولهذا أجد أن الفن يجب أن يكون أداة تعبير عن مُنتجه فإذا تبع الأيديولوجيا قتلته بخطابها، وإذا جلس في برجه العاجي ذهب إلى الشكلانية أو الحرفية، والفن رسالة تعبر عن منتجها ورؤيته وتاريخه وثقافته وتراكم تجربته في أبحاث الشكل والمضمون والحرفة، ومما لا شك فيه أن وجودي داخل مركز دائرة الصراع العربي ـ الإسرائيلي ترك أثرا أساسيا على حياتي، ولدت معه وربما يرحل معي وبهذا ومن الجانب الوجداني، ذهبت أعمالي بمعظمها في التعبير عن جوانب هذا الصراع وإفرازاته على الإنسان من حولي".



وقد اتسمت أعمال الفنان زكي سلام بالحزن نظراً لأنها تجليات وجدانية كما أشار في أكثر من مقابلة وأنّ محورها الأساسي الحياة في ظل الصراع مع دولة الاحتلال المارقة إسرائيل، وأنه يعيش داخل هذا الصراع، وبقدر ما كان صادقاً مع نفسه فقد تجلت هذه السمة في أعماله.



ولأن ارتباطه بهويته الوطنية وثيق نفض الفنان زكي سلام غبار الرحيل القسري الجديد لينطلق في أعمال فنية راقية كما عودنا، وبطبيعة الحال فلسطين وشعبها والهوية الوطنية الفلسطينية الحاضر الأكبر خلالها، وهو بذلك الفنان الفدائي الذي يقاتل على جبهة هامة ومؤثرة من جبهات الكفاح الوطني.



*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا