د. المعايعة: عولمة الثقافة الأشد خطراً
ناقش لقاء منتدى الفكر العربي، مساء الأحد ، موضوع "مخاطر العولمة وأثرها على الهوية والثقافة السياسية"، وقدم الأكاديمي والباحث د. محمد سلمان المعايعة محاضرة تناول فيها تأثير العولمة على تطور الأيديولوجيات السياسية، بما في ذلك المصداقية القومية السياسية المرتبطة بمبدأ تقرير المصير القومي، وما نتج عن ذلك من تعزيز وتقوية الهويات الأيديولوجية الفرعية القائمة على الثقافة والإثنية والدين وتوسع الاقتصاد الرأسمالي وعولمة الثقافة.
أدار اللقاء وشارك في النقاش الأمين العام للمنتدى د. محمد أبوحمّور الذي أشار في كلمته إلى أن العولمة كفكر وواقع لها تأثيرات وتداعيات متفاوتة شهدناها وسنشهدها في المستقبل، وعلينا التعامل بوعي شامل مع تحدياتها إزاء الثقافات وكذلك إزاء أدواتها الاقتصادية والسياسية الفاعلة. كما أشار إلى أن فهم العولمة ينبغي أن يأخذ في الاعتبار أنها أحد التحولات في سياق فكري تاريخي تمثلت فيه الرأسمالية الجديدة بأعلى درجاتها، وهناك من وصف هذا التحول بأنه مرحلة استعمارية أعقبت الاستعمار التقليدي تهدف لفرض اقتصاد السوق. ودعا د. أبو حمور إلى إعادة صياغة النموذج الحضاري للوطن العربي الذي تتحقق من خلاله إرادة العمل الجماعي تجاه العدالة الاجتماعية والحريات الديمقراطية وأنسنة الفكر والتخطيط والتكامل الاقتصادي، مع التركيز على القواسم المشتركة والقيم الإنسانية في الفكر العربي والإسلامي.
ومن جهته، أشار د. محمد سلمان المعايعة في محاضرته إلى أن أخطر ما تقوم به العولمة عن طريق أجهزتها الإعلامية والوسائط الاتصالية هو محاربة الأفكار وضرب الاعتقاد وتفكيك روابط التمييز، أي تحطيم بئية الخصوصية وتفعيل سبل التعميم التي تنتجها رموز الرأسمالية الليبرالية، وهي تسعى إلى الاستثمار في رأس المال الثقافي لاستلابه قبل الاستيلاء على التراب والماء والهواء.
وأضاف أن مخاطر العولمة على الثقافة السياسية تعتبر أشد ألوان العولمة خطراً وهو عولمة الثقافة ، بمعنى فرض ثقافة أمة على سائر الأمم أو ثقافة الأمه القوية على الأمم الضعيفة. فهي بهذا الجانب تعد أداة من أدوات الاستعمار الجديد يهدف إلى فرض الهيمنة بجميع أشكالها؛ موضحاً أن العولمة السياسية والثقافية تؤدي عن طريق اختراق الذهنيات إلى تبعية فكرية أكثر عمقاً من التبعية الاقتصادية. والغايه من هذا الفكر الإمساك بزمام العقل الذي تنقاد وراءه العوالم الأخرى.
وقال د. المعايعة: إن الهزات الثقافية والاجتماعية التي تحدثها العولمة لدي الشعوب المختلفة تؤدي إلى العديد من المظاهر السلبية، كالانسلاخ عن الثقافة والهوية الوطنية والقومية، كما تؤدي بالعديد من المجتمعات إلى ردّات ثقافية جديدة ومنها الثقافة السياسية، وقد تتخذ تلك المحاولات أشكالاً عنيفة في سبيل الحفاظ على خصوصيتها، كذلك فإن تغير السلوكيات السريع في المجتمعات يؤدي إلى زيادة معدلات حالات الخروج على القانون والقيم المجتمعية السائدة. ومع ذلك فإن الدول لا تستطيع إيقاف مدّ العولمة بقدر ما تستطيع التحكم في المظاهر السلبية التي تنتج عنه؛ داعياً إلى قدر كبير من الوعي لمواجهة تحديات العولمة وتزايد ظاهرة التبعية السياسية والثقافية والاجتماعية، وإلى بذل الجهود من أجل التبصير بالمخاطر، والإبداع في بث القيم الراشدة بالأسلوب المناسب عبر الآليات الجدية ، كما يجب مقاومة هذه الهيمنة الجديدة بالحكمة وبالطريقة الحسنة الفعالة، مشيراً إلى أن الإسلام وحضارته لا يعرفان العزلة ويعترفان بالتعددية الثقافية والفكرية و باختلاف الأمم وحق كل أمه في البقاء وفي الدفاع عن خصوصيتها.