"بينالي الشارقة" 15: مناهضة الاستعمار والعنصرية والعنف

الرابط المختصر

 

تستعيد الفنانة المغربية الفرنسية بشرى خليلي (1975)، الحائزة على جائزة "بينالي الشارقة" في دورته الخامسة عشر التي تتواصل حتى الحادي عشر من حزيران المقبل، تاريخ العمال العرب المهاجرين، عبر توثيق نضالهم ضد العنصرية في جنوب البلاد منذ السبعينيات.

تُعرض أعمال الفنانة التي نالت الجائزة مع الكولومبية دوريس سالسيدو والإيرانية هجرة وحيد، في ساحة المريجة وسط مدينة الشارقة، وتتضمّن الفيديو والأعمال التركيبية والمطبوعات حيث تروي قصّة كمال جلالي؛ الاسم مستعار لعضو مجهول في فرقة "العاصفة" المسرحية" التي أسسها اتحاد العمال العرب في فرنسا، والذي ترَشّح للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 1974، داعياً العمّال المحرومين من التصويت لتأدية دورهم كمواطنين فاعلينفي مجتمعاتهم الجديدة.

يشير التقديم إلى أن خليلي "تتأمل مفهوم المساواة الراديكالية أثناء معاينتها لنضال مجتمعات السكان الأصليين والمهاجرين في سبيل نيل حقوق متساوية"، ويتكوّن عملها التركيبي الأول من قصاصات وصور حقيقية لأشخاص حقيقيين تعيد الفنانة إحياء حكاياتهم عبر تجميعهم في عمل واحد من كولاج يبرز قصص هؤلاء المهمّشين.

في عملها الثاني، تثبّت شاشة عرض متقابلة بزاوية واسعة حيث توحي الصورة بأنها في تفاعل ما بين شقيها، وفي الفيديو امرأة ورجل، الرجل ثابت في الخلفية بينما المرأة هي التي تتحرك وتتكلم، في محاولة إيصال رسالتها إلى العالم كإمراة ومهاجرة في آن.

تستفيد خليلي من دراستها السينما في "جامعة السوربون الجديدة" في خلق لغة خاصة بها لتناول المواضيع والقضايا التي تلّح عليها متمثّلة باستعراض خطابات المقاومة كما ترويها الأقلّيات السياسية والاجتماعية المستقلّة التي أخفاها نموذج الدولة القومية، وتمزج بذلك بين الصورة والوثيقة في أداء متناغم مع تسليط الضوء على فكرة أساسية تتعلّق بغياب الصوت الفردي للأفراد الذين تروي حكاياتهم مقابل التركيز على صوت جماعي يتضمّن رؤيتهم ووعيهم السياسي.

وتذهب إلى معاينة التحوّلات الاجتماعية والثقافية للعمّال العرب المهاجرين الذين نشطت حركتهم في فرنسا بين عاميْ1972 و1978، وضمّت عمّالاً من شمال أفريقيا وطلّاباً فرنسيّين متضامنين مع قضيتهم، وسعت إلى الإضاءة على الظروف المعيشية القاسية للمهاجرين في فرنسا عن طريق المنشورات والمسرح والتسجيلات الصوتية.

بشرى خليلي

أما الفنانة الكولومبية دوريس سالسيدو (1958)، فتحفر في عملها التركيبي "مجتثّ" (2020 – 2022)، معمّقً في ذاكرة العنف التي يتعرّض لها المهاجرون والنازحون واللاجئون والتهديد الدائم الذي يتعرَضون إليه بوصفهم فائضاً سكانياً في عالمٍ تتقلّص فيه الموارد الطبيعية.

وتستخدم مواد متنوّعة مثل الملابس والأحذية والجلود والأثاث في تقديم أعمالها التي تتكئ على أبحاث ومسوحات تأخذ زمناً طويلاً، لتناقش قضايا مثل الهجرة والفصل العنصري والأشخاص الذين اختفوا خلال الحرب الأهلية في بلادها، وكذلك معتقل غوانتانامووتجارب السجناء فيه، وغيرها.

 

دوريس سالسيدو

وتشتبك الفنانة الفنّانة الإيرانية هَجرة وحيد (1980) التي تقيم في مدينة مونتريال الكندية مع أفكار مثل المراقبة الجماعية، والتشويه الثقافي، وصدمات النزوح الناجمة عن الاستعمار والهجرة الجماعي، من خلال استخدامها لوسائط متعددة منها الورق والكولاج والصوت وفن الفيديو والنحت والتركيب.

وفي عملها الذي حازت عليه جائزة البينالي بعنوان "دندنة 2"(2023)، تستكشف صوت الدندنة بوصفه أداة لإدراك الصيغ الراديكالية للجمعي في مقابل التمثيل الصوتي للفرد، حيث تصبح الدندنة عبارة عن نداء تضامني واسع يضيء الانتماءات العرقية والدينية واللغوية. 

 

هجرة وحيد

الفنانة التي تحمل درجة الماجستير من "جامعة ماكغيل"، قدّمت عملها التركيبي في غرفة صوتية مخروطية تستعرض سبع أغانٍ كانت مفصلية في الانتفاضات الشعبية التي قادتها النساء والحركات الاجتماعية الجماهيرية، وكذا النضالات المناهضة للاستعمار في الأميركيّتين وأفريقيا وآسيا.

إلى جانب الفنانات الثلاث، مُنحت جوائز الإشادة الشرفية للدورة الخامسة عشرة من البينالي التي أقيمت تحت شعار “التاريخ حاضراً”. لكلّ من الفنانين: لي كاي تشونغ وتانيا الخوري وغابرييلا جولدار وأمار كانوار وجويري مينايا وفارونيكا صراف.

يُذكر أن "بينالي الشارقة" سيطلق سلسلة لقاءات في التاسع من الشهر المقبل تحت عنوان "منظومة ما بعد الاستعمار: الفن والثقافة والسياسة بعد عام 1960"، وتستمر لأربعة أيام وهي معدة لاستقطاب الفنانين والقيمين وممارسي الفنون البصرية والطلاب لمناقشة القضايا الملحة المتمحورة حول الموضوع الرئيسي للدورة الحالية التي تستكمل ما كان قد التُقي حوله في الدورتين السابقتين؛ وهما موضوعا "عَقابِيل (أي مصاعب) ما بعد الاستعمار" (2022)، و"سبر غور الحاضر" (2021). 

 

أضف تعليقك