بوكر العربيّة 2015 لناقد تونسي كتب الرواية لأول مرة

بوكر العربيّة 2015 لناقد تونسي كتب الرواية لأول مرة
الرابط المختصر

 

أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالميّة للرواية العربية "بوكر" اليوم الأربعاء في مدينة أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة عن فوز رواية الطلياني للتونسي شكري المبخوت بالمركز الأول من بين ست روايات صعدت للقائمة القصيرة للجائزة.

 

وجاء في كلمة لجنة التحكيم التي ألقاها رئيس اللجنة الشاعر الفلسطينيّ مريد البرغوثي الشهادة التالية عن العمل "مشهد افتتاحي يثير الحيرة والفضول، يسلمك عبر إضاءة تدريجية ماكرة وممتعة إلى كشف التاريخ المضطرب لأبطاله ولحقبة من تاريخ تونس".

 

بينما علّق أستاذ كرسي الدراسات العربية بجامعة كمبريدج، ورئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية ياسر سليمان بقوله: "من مشهدها الافتتاحي إلى نهايتها تشدك رواية "الطلياني" لشكري المبخوت بحبكاتها المتداخلة وشخوصها المتنامية التي تتفاوض مع واقعها بانضباطية هلامية لا تتنكر لماضيها ولا تلتزم به كل الإلتزام".

 

وأضاف سليمان "في الرواية محطات كثيرة جاذبة ومدهشة في ذبذباتها وتصويرها لمرحلة مهمة من تاريخ تونس في القرن العشرين.

 

وعن المبخوت، قال سليمان" سارد متمكن من صنعة الكتابة الروائية، يكتب بإيقاع لغوي أخاذ، واللغة العربية تنساب بطواعية عذبة على صفحات "الطلياني".

 

وفي نفس الحفل تم تكريم الروائيين الخمسة الآخرين الذين صعدت أعمالهم للقائمة القصيرة للجائزة وهم: الفلسطينيّ عاطف أبو سيف عن روايته حياة معلّقة، والسوداني حمّور زيادة عن ورايته شوق الدرويش، والمغربي أحمد المديني عن روايته ممر الصفصاف، والسورية لينا هويان الحسن عن روايتها ألماس ونساء، واللبنانيّة جنى فواز الحسن عن روايتها طابق 99 .

 

ويحصل الفائز بالجائزة على مبلغ نقدي قيمته 50,000 دولار أمريكي، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنجليزية، بينما  ينال كل من الخمسة الآخرين مبلغ 10,000 دولار أمريكي بمن فيهم الفائز.

 

وضمت لجنة التحكيم في عضويتها الشاعر والكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي رئيساً، الشاعرة والناقدة والخبيرة الإعلامية البحرينية بروين حبيب، والأكاديمي المصري وأستاذ الأدب المقارن في جامعة لندن أيمن الدسوقي، والناقد والأكاديمي العراقي وأستاذ الأدب المقارن في جامعة بغداد نجم عبدالله كاظم، والأكاديمية والمترجمة والباحثة اليابانية كاورو ياماموتو.

 

من هو شكري المبخوت؟

894e2310-ba10-4860-beac-1084c6e97298

يشغل المبخوت رئيس جامعة منوبة في تونس، قبلها شغل منصب عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات بنفس الجامعة، حاصل على درجة دكتوراة الدولة في الآداب من كلية الآداب لنفس الجامعة، وهو عضو في عديد هيئات تحرير مجلاّت محكّمة منها: مجلّة "إبلا" التي يصدرها معهد الآباء البيض بتونس، و مجلّة Romano Arabica  التي يصدرها مركز الدّراسات العربيّة التّابع لجامعة بوخارست ( رومانيا).

7d2577f7-a77a-4447-bb07-ea6fa91da3eb894e2310-ba10-4860-beac-1084c6e97298

تركزت كتابات المبخوت في النقد، وتعتبر "الطلياني" عمله الأدبيّ الأول، إذ صدر له في النقد: المعنى المحال، توجيه النفي في تعامله مع الجهات والأسوار والروابط،ى جمالية الألفة: النصّ ومتقبّله في التراث النقدي، دائرة الأعمل  اللغوية، والاستدلال البلاغيّ، ورواية الطلياني الصادرة عن دار التنوير في لبنان عام 2014 وأتت في 344 صفحة.

 

 

من أجواء الرواية

 

" لئن لازم صلاح الدين الصمت معبّراً عن أسفهِ فإن بقية أفراد العائلة من النساء بالخصوص، نهشوا لحم عبد الناصر نهشاً.

 

 

أما أخته الكبرى"جويدة" التي طُلقّت منذ سنوات بعد زواجٍ لم يدم إسبوعاً فقد بادرت إلى اتهام الكتب التي طان يقروها منذ صغره، كتبٌ تدعو إلى الكفر والفساد والعياذ بالله!.

 

وأما أمّه الحاجة زينب سيدة البيت الحديدية فقد اتهمت خلطة السوء من الصعاليك الذين كانوا يدرسون معه بالجامعة ويأتي بهم إلى غرفته في الطابق العلوي يملأونها دخاناً كثيفاً متهامسين أحياناً، متحدثين بصخبٍ يصل حد العراك أحياناً أخرى، وهمهمت في خضم التعليقات الغاضبة "ولد الحرام لا ينتظر منه غير العيب".

 

وأما أخته الصغرى "يسر" التي يكن لها محبة خاصة فقد كانت تلّح على تفهمه بعد خيبتهفي زواجته كانت تردد في حكمة لا حكمة فيها" اعذروا عبد الناصر، كل انسانٍ وظروفه".

 

أما اختاه الوسطيان فقدظلتا صامتتين تكتفيان بالتعبير عن الامتعاض من كل ما تسمعان بحركات الشفتين والحاجبين وإدارة الوجه والتحديق في الحاضرين والنظر إليهم شزرا، فسكينة قالت بعد أن بعد أن سمعت اختها الكبرى تفسر ما أتاه عبدالناصر ، هذا ظاهر من صلاتك وعبادتك لو اعتنيت بسلوكك لكان أفضل ، كانت تهمس إلى "بيّة" وهي أكبر من سكينة بسنتين. فبادلتها همساً بهمس إذ مالت برأسها لتعلق على ما جاء في كلام الحاجة أمّها ساخرة: "ولد الحرام من هي أمّه؟".

 

وأما خاله توفيق وهو متدين حديثاً فأرجع الأمر إلى فسادٍ متأصل في أخلاق الطليانيّ تدل عليه ملابسه وهيئة وشربه الخمر وعيشته البوهيمية

 

وعبّر الجيران من جهتهم عن تعاطفهم مع العائلة الكريمة الفاضلة معللين ما وقع بحكمة الأقدمين من أن في كل عائلة بيضة فاسدة "حارمة".

الشخص الوحيد الذي كان يبتسم ابتسامة غامضة ملتبسة تجمع الرضى إلى شيءٍ من الخبث وبعض الشماتة  هو زوجة الإمام جارة العائلة بنفس الزقاق،"للاجنينة" قالت لهم.

-         عبد الناصر على حق،ولو كنت مكانه لفعلت أكثر مما فعل.

 

اندهش الجميع وأشاحوا بوجوههم عنها . فهم يعتبرونها رغم أنها لم تتجاوز الأربعين إلّا بسنتين أو ثلاث قد بدأت منذ سنوات تخرّف وصغر عقلها لأنها تخالط كثيراً أطفال الحيّ تعويضاً عن حرمانها من الاعجاب. ويستدلون على ذلك بأنها متحجبة وزوجة إمام ولكنها لا تؤدي واجابتها الدينية، وحتى زوجها الإمام الشيخ علّالة نفض يديه منها ويدعو لها صباح مساء في صلاته وفي غير صلاته بالهداية

 

ولكن ذلك كلّه من ظواهر الأمور فما وقع أمرٌ فعلاً شنيع، وبقيت أسئلة عديدة معلقة إذ تساءلمن تبقى من أصدقائنا المشتركين أسئلة لم أجد الشجاعة لإجابتهم عنها وقتها: لم فعل عبد الناصر ما فعل؟ هب أن له مبرراً لضرب الشيخ علّالة فلمَ اختار يوم دفن أبيه ؟ لم انتابته تلك الحالة الهستيرية ليجد نفسه في المصحة يحقنون له حقناً لإزالة التشنج؟ وهل يليق تصرفه الأرعن بشخص في الثلاثين من العمر.

 

 

أضف تعليقك