بروكسل تكرم الشاعر الفلسطيني محمود درويش
«أثر الفراشة لا يُرى... أثر الفراشة لا يزول»، هكذا هو اسم الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش لا يزول من ذاكرة الشعوب، يظل يرفرف بأجنحة قصائده، في أزقة وشوارع المدن التي عشقها وعاش فيها. فـ «روحه» خفيفة، و«جسمه» مثقل بالذكريات وبالمكان، كما قال درويش يوماً ما، لتبادله حكومة فيدرالية والونيا وبروكسل التحية بتأسيس «كرسي محمود درويش الجامعي والثقافي» في بروكسل، الذي يصادف حفل تدشينه اليوم.
لم يكمل متحف محمود درويش المقام في حديقة البروة بمدينة رام الله، عامه الخامس بعد، حيث كرمت فلسطين شاعرها الكبير، وهو الذي (في عمله الواسع والمتنوّع كما في حياته التي عاشها واضطلع بها كمثْل أثر فنّيّ، إنّما يلخّص ويجسّد كاملَ تاريخ فلسطين الحديث)، كما عبر الشاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم في فرنسا كاظم جهاد، عنه في مقدمته التي زين بها عدد المجلة الأدبية الفرنسية «أوروبا» (Europe) الأخير، حيث خصصت عدد يناير/ فبراير كاملاً لدراسة آثار الشاعر الراحل وسيرته.«على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، قالها يوماً درويش وسمعتها بروكسل، التي كرمته بإنشاء الكرسي الذي جاء بمبادرة من الوزير البلجيكي رودي ديموت، رئيس فيدرالية والونيا وبروكسل، المعروف بمناصرته للقضية الفلسطينية، ليحظى الكرسي بمساهمة دائمة ومساعدة عمليّة من جامعة بروكسل الحرّة، وجامعة لوفان الكاثوليكية وأكاديمية الفنون الجميلة (بوزار) في بروكسل.
تعريف الثقافات
التحضير لإطلاق كرسي محمود درويش لم يأت على عجل، وإنما سبقه سلسلة اجتماعات شاركت فيها شخصيات ثقافية عربية مقيمة في بلجيكا وفرنسا، خلصت إلى اختيار ليلى شهيد سفيرة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي السابقة، رئيسة فخرية للكرسي، الهادف إلى «تخليد الأثر الشعريّ والفكريّ لشاعر كبير من شعراء القرن العشرين، يُعَدّ أحد أكبر الكتّاب العرب المعاصرين، وتُرجِمت أعماله التي تضمّ عشرين مجموعة شعريّة وسبعة كتب نثريّة وعديد المقالات والمحاورات إلى ما يقرب من أربعين لغة»، بحسب ما جاء في بيان الإعلان عن التأسيس، الذي أشار إلى أن «كرسي محمود درويش» يندرج في إطار مبادرة التعريف بالثقافات المعاصرة لبلدان المغرب العربي والشرق الأوسط التي أطلقتها مؤسّسة والونيا وبروكسيل الدولية وفيدرالية والونيا وبروكسيل .
نقد وأفلام وثائقية
أمسية خاصة مقرر أن تصاحب حفل التدشين، يقودها الموسيقار الفلسطيني تامر أبو غزالة، وفرقته «ثلث»، فيما لن تخلو الأمسية من جلسات ثقافية عديدة تضم جلسة تعريفيه بكرسي محمود درويش يقدمها الوزير رودي ديموت والسفيرة ليلى شهيد، تليها جلسة أخرى مخصصة لمجلة «أوروبا»، وجلسة ثالثة مخصصة للنقد الأدبي حول أعمال الشاعر يديرها فاروق مردم بك، وتتبعها واحدة أخرى تتلى فيها شهادات مختلفة حول مسيرة درويش، يديرها الباحث الفلسطيني الياس صنبر، وتتضمن عرضاً لفيلم قصير عنوانه «محمود درويش: خطاب طليطلة» لسيمون بيتون، وفيلم آخر بعنوان «محمود درويش، والأرضُ تُوْرَثُ كاللّغة».
كرسي درويش
«ولا تتعجل فإن أقبلت بعد موعدها فانتظرها»، كذلك حال كرسي درويش الذي انتظره الكثيرون من عشاق قصائده، وممن سيتنافسون على جائزة «محمود درويش» الدولية المخصصة لرسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه، لتبدو الجائزة هدفاً يسعى القائمون على الكرسي لتحقيقه، لينسجم كل ذلك مع صاحب «لماذا تركت الحصان وحيداً».