"القدس في صور"

"القدس في صور"

أصدر منتدى الرواد الكبار لذاكرة المكان، كتاب بعنوان "القدس في صور"، ليقدم صورا نادرة للقدس مشفوعة بشرح معلوماتي باللغتين العربية والإنجليزية، ويقع في 246 صفحة، فضلا عن دراسات موثقة قدمها الباحث د.إبراهيم الفني، والباحثة د.هند أبو الشعر.
وجاء الكتاب الذي يخصص ريعه لخدمة كبار السن في جمعية الأسرة البيضاء: دار الضيافة للمسنين ومنتدى الرواد الكبار طبع بدعم من رجل الأعمال الأردني مازن عبدالقادر أبو نبعة، على شكل ألبوم، موثقا لندوة ذاكرة مكان في إطار برنامج المنتدى التوثيقي الثقافي إضافة إلى مشاركات أخرى وشهادات قدمها المشاركون في المائدة المستديرة. المقدمة التي كتبتها رئيسة المنتدى أشارت فيها لأهمية زهرة المدائن، القدس الشريف، "هذه المدينة التي صنعت التاريخ، وصنعها التاريخ أيضاً، فهي نهج الحضارات والثقافات الإنسانية كافة، سماؤها طافحة بأرواح القديسين والشهداء، وصناع الحياة، وحملة الرسالات السماوية، تاريخها عريق، والحروب حولها سجال، منذ أن وطئت الشعوب الكنعانية أرضها، لتأسيس حضارتها الأولى منذ (3500) ق.م، وحتى الراهن، كما أنها أرض المحشر والصعود إلى السماء".
ويضم الكتاب الذي أشرف عليه عبدالله رضوان، وترجم نصه الإنجليزي عودة القضاة، سبق ستة أبواب توثق بالصورة والكلمة لتفاصيل القدس، الباب الأول: مشاهد عامة للقدس، والثاني: مواقع وأمكنة العبادة، والثالث أسواق وحرف، والرابع عمارة القدس، والخامس: زخارف، والسادس بيوتات القدس.
كما بين د.إبراهيم الفني في دراسة مطولة أن "الحفريات الأثرية أرخت القدس عبر ستة آلاف عام من الحضارة، واعتمدت بهذا التاريخ على منهج علمي قاعدته الاستجرافية (علم طبقات الأرض)، والتي بلغت 21 طبقة حضارية، وعبر هذا المنهج نزعنا من الذين أرادوا أن يتملكوا القدس، خصوصية الصراع على القدس دون غيرها من الأرض العربية المحتلة، وهذا تم هل بفعل موقعها الجوهري ومن الأسطورة التي ينتجها الاحتلال حول الملكية، أم بفعل الضعف العربي السياسي؟؟".

ونوه الفني "أن الاهتمام بالقدس أمر عادي لهؤلاء الذين جذبهم الشرق على مر الأزمنة، فكلما عمق البعد الروحاني في التجربة الاعتقاد في المقدس تتقلص أهمية الأشياء والأمكنة، لتصبح فقط مؤشرا للحقيقة الكبرى، أما عندما تذوي تلك الروحانية، فإن الحقيقة الكبرى نفسها تذوي في نفوس البشر، وتصبح الأمكنة والأشياء والرمز معا، ويتهافت البشر على تملكها. م}كدا أن "الحفريات التي جرت في القدس العليا ومنطقة المسجد الأقصى أسفرت عن معطيات هامة حيث وجدنا أن الطبقات الأرضية التي ظهرت في (اوفل) ومنطقة القدس العليا هي منطقة صغيرة ,وان عرضها عبر المقطع الطولي ما بين "60-100م" تدرجها العلوي يبدأ من الشرق للغرب ومن الجنوب باتجاه الشمال, لهذا فان المعماريين اليونان والرومان أقاموا بيوتهم باتجاه الشرق وهذه المنطقة التي كانت ذي نمط معماري هام.
ويلفت الفني أن "الحفريات الإسرائيلية في مجمع المسجد الأقصى تُعري النوايا الإسرائيلية تجاهه: يطرح الإسرائيليون موضوع القدس بطريقة مبرمجة، باعتبارها البقعة التي يرتبط بها تاريخهم منذ ثلاثة آلاف عام.

وقدمت د.هند أبو الشعر دراسة لعنوان "القدس ذاكرة المكان في العهد العثماني"، لافتة أن "للدراسات المقدسية أهمية استثنائية، فهي لنا كلنا، زمن مقدسي، ومن هنا نبدأ بهذه الخصوصية التي لا مثيل لها في أي مكان على سطح هذه المعمورة، إنها اليوم ملاذنا الذي سيحسم الزمن القادم، ومن هنا نبدأ".
وترى أبو الشعر أن "الجغرافيا هي مدخلنا، منهجيتنا تقول بأن المكان بكل تفاصيله يصنع الحدث، والقدس العثمانية التي اخترنا أن نتناولها قريبة منا زمنا وهي ماثلة في المدينة وحاضرة بقوة"، مؤدو أننها ابتعدت في ورقتها عن عن المرحلة التوراتية "كونها تدخلنا في متاهات الأساطير التي ابتدعها العقل الصهيوني المنغلق"، مبينة أن "السجلات العثمانية المتميزة على استعادة الحالة المقدسية بتفاصيلها، بدءا بسجلات المحاكم الشرعية التي يعود أقدمها إلى عام 1523 م، وانتقالا لدفاتر التحرير والمفصل التي تسجل كل ما وجده العثمانيون على الأرض من مرافق وحارات وأهالي وممتلكات، ووقوفا بالسجلات المالية التي تسجل الضرائب وأخيرا سجلات الأوقاف التي حفظت للمقادسة حقوقهم الوقفية، وهذا يعني أننا نجد كما متوازنا من المصادر الرسمية التي حفظتها الدولة العثمانية في أرشيفها، وهو ما يحمد لهذه الدولة في ميزان الدراسات التاريخية".
وتناولت ورقة أبو الشعر "خلاصة الزمن الأيوبي و المملوكي لما يقرب من أربعة قرون، فما وجده العثمانيون على الأرض عندما دخلوا القدس قاموا بتوثيقه في سجلاتهم وخاصة الأوقاف الأيوبية و المملوكية، وهذا يعني أننا نوثق لحالة الوقف المقدسي في العهود الثلاث، ونوثق لزمن متداخل في مرافقه رغم المتغيرات الآنية التي تمثل خصوصية كل زمن".
وتشير أبو الشعر أن "دفاتر الأوقاف في بيت المقدس ظاهرة لها أهمية خاصة في مطلع العهد العثماني تمثلت بتزايد ظاهرة الوقف الذري بين المقادسة خوفا من الاستيلاء على الممتلكات من قبل السلطة، وقد تم وقف البيوت والدكاكين والأسواق والأراضي على الذرية من قبل العديد من العائلات في القدس ومنها، عائلات الدجاني والحسيني والخالدي والعلمي والخليلي والجاعوني والقطب والنشاشيبي والعسلي والدقاق والشهابي وقطينة والنمري وغيرهم من العائلات، ولاحظنا وجود ظاهرة وقف المرأة وتوليها على الأوقاف أحيانا، وتم أيضا وقف مرافق مثل المعاصر ودكاكين الحياكة وصهاريج الماء وهي من أساسيات الحياة في القدس نظرا لندرة المياه كما تم وقف سبل المياه الواردة من عين سلوان ومن برك سليمان".

 

أضف تعليقك