العدد الأول من "طُش فِش" مجلة الشرائط المصورة العربية
في نوفمبر من عام 2022، صدر العدد الأول من مجلة الشرائط المُصورة المُعنونة بـ"طُش فِش". وهي مجلة/دورية مُتخصصة في فن الشرائط المصورة للراشدين في العالم العربي، وهي مبادرة تابعة للجامعة الأمريكية في بيروت.. تحاول المجلة استعادة وربط وجمع تاريخ الفن الشرائطي المُصور المُشتت في الكثير من المبادرات الفردية والجماعية، لتكون المجلة ومن خلال إصدَارتها القادمة حاضنة لكل هذه الأعمال، تُعيد كتابتها وتذكّرها بشكلٍ يُعطي لهذا الفن قيمة إضافية، ويُعطي لصناعيه ومُتابعيه فضاء آخر يحوي الجماليات منه.
جاء العدد الأول بزخم كثيف من المواد الكتابية المَصحوبة بعدد من "الصور الكوميكسيّة" التي تُعبر عن ما تدور حوله الأفكار والكتابات. تناول العدد الأول ثورات وانتفاضات الربيع العربي.. مصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن.
افتتاحية العدد تُجاوب أيضا عن سؤال لماذا وقع الاختيار على الثورات العربية، بالرغم من أنها نالت ما نالته من زخم كيفيّ وكمّي في الإصدارات الصحافية البحثية والفيلمية وغير ذلك من فنون تصويرها. لكن المجلة تحاول بناء ذاكرة جماعية تُحفظ فيها تاريخ الانتفاضات والثورات، وماهيّتها التحليلية البحثية من حيث الاجتماع والسياسة وغير ذلك من زوايا علمية مُتعددة. كما تكون المجلة جسرا واصلا بين أجيال مُختلفة، لاسيما جيل من صنع هذه الثورات أو على الأقل شَهِدها، وجيل آخر لم يشهدها ولم يسمع عنها، أو بمعنى أصح سمع عنها بسرديات السُلطويات الجديدة الكاذبة.
قسمت المجلة في عددها الأول إلى ثلاثة أجزاء. الأول هو عبارة عن مجموعة من الدراسات والمقالات كتبها مجموعة من الباحثين والكتّاب من جنسيات مُتعددة. حيث قدم الباحث جورج خوري، دراسة بعنوان "محاولة مُستعادة للتمرد: هل يعيد التاريخ نفسه أن تنتصر إرادة الشباب؟". يحاول من خلالها بحث في إمكانية مدى تقديم الشباب من خلال مبادراتهم، ومنها مبادرة الشرائط المُصورة، شيئا ما أم ينتصر التاريخ بإعادة إنتاج ذاته، ذاته التي تتمحور في سرديات تتسم بالجمود.
ويبحث الكاتب جاكوب هويلييت في مقاله المعنون بـ"كيف يمكن للشرائط المصورة أن تجعل العالم العربي مكانا أفضل". حول بعض القصص التي كُتبت بالفعل من خلال الشرائط المُصورة، من خلال كتاب مصريين ولبنانيين. مثل قصة "زهقت من مصر" مصر، 2012 وقصة "أنفاس قصيرة" لبنان، 2015 و"فر فر بلوز" لبنان، 2012، آخذا من هذه القصص رؤية تحليلية من سياقات مُختلفة.
بينما يبحث الكاتب جوناثان غاير في الربط بين الفنون الجميلة وفَن الشرائط المُصورة. يتناول السياق التاريخي لصناعة الشرائط المصورة في البلدان العربية، كما أنه يبحث في صناعة الشرائط المصورة، بما أنها نالت مساحة من الحريات في التعبير والتصوّر، بسبب أن السُلطوية غضّت البصر عنها معتبرةً إياها عمل فني طفولي لا يرتقي إلى مُجابهته ومنعه ومُصادرته.
وتتوجه الباحثة لينا مرهج في مقالها إلى الناشرين العرب، معنونة إياه "إلى الناشرين العرب: الشرائط المصورة هي الحدث الكبير القادم". تحاول مرهج نقد تجاهل الناشرين العرب إلى فن الشرائط المُصورة، عدم الإقبال على نشره، وعدم الاهتمام إلى تطويره وتسويقه إلى القارئ، على عكس إدارتها للمنشورات الكتابية الأُخرى، البحثية والأدبية، مستعيرة عدة تجارب نشريّة أُخرى ساعدت على انتشار فن كتابة وقراءة الشرائط المصورة.
ويعتمد الجزء الثاني من عدد المجلة على مقابلات مع صانعي فن الشرائط المصورة، أبرزهم الفنان المصري مجدي الشافعي، ومؤسس مهرجان كايروكوميكس. يحكي مجدي فيه عن تجربته الفنّية، كيف انتقل من الصيدلة إلى فن الشرائط المصورة، كيف صنع إنتاجه الفنّي، وما هي الكواليس التي مرَّ بها، كذلك ما هي نظرته حيال صناعة هذا الفن، في سياق الثورات العربية وما تلاها.
كما يحوي هذا الجزء مقابلة مع الرسام التونسي سيف الدين ناشي، حيث يحكي فيه عن رسوماته، والمبادرات الفنية التي أسسها في مسيرته الفنية. يسرد ناشي منطلقا من الدافع السياسي لأعماله، حيث كانت الأحداث السياسية في مضمون رسالته الفنّية. كما يعطي أيضا رؤيته حول حاضر ومستقبل فن الشرائط المصورة في الوقت الراهن.
تضمنت المجلة في أجزائها الثلاثة، مقالات ودراسات أخرى، كذلك مُقابلات وقصص أُخرى. كُلها تحاول أن تؤرخ لقصص فناني الشرائط المُصورة، وتُحلل من زوايا وأبعاد متداخلة ومتباينة، كما تُعطي استشرافات حاضرية ومُستقبلة عن فن الشرائط المصورة، في سياقات مُختلفة، فنية وسياسية واجتماعية وثقافية.