الحداثة المنعكسة: ارتداد الحداثة إلى جذورها التكوينية

الحداثة المنعكسة: ارتداد الحداثة إلى جذورها التكوينية
الرابط المختصر

 

يعرض اولريش بيك في الفصلين الموسومين (إعادة صياغة السياسات: نحو نظرية في التحديثية المنعكسة، وما الذي يعنيه التحلل الذاتي والمخاطرة في المجتمع الصناعي ؟) من كتاب (التحديثية المنعكسة: السياسات، والتقاليد، والجماليات في النظام الاجتماعي الحديث) الصادر عن مطبعة جامعة ستانفورد الأمريكية عام 1994ــــ يعرض طريقة جديدة للتفكير في تأثيرات التحديثية المنعكسة  العملية السياسية، ومفهوم التحديثية المنعكسة هو من تأثيثات مؤلفي الكتاب: (أولريش بيك)، و(أنتوني غيدنز)، و(سكوت لاش) ويشير إلى أن الحداثة لم تتلاشى بعد، ونحن لم نتجاوزها؛ فالتغيير الاجتماعي الراديكالي كان دائماً جزءاً من الحداثة، والجديد هو أن الحداثة قد بدأت في تحديث مرتكزاتها الخاصة. لقد نكصت على عقبيها وارتدت إلى جذورها التكوينية ومن هنا جاءت دلالة المفهوم: التحديثية المنعكسة.

 

لا يعرض بيك في الكتاب أكثر من التدمير الذاتي للتحديثية الغربية التي انبثقت عن الحرب الباردة, عندما وقفت هذه الحضارة بصلابة واتزان من أجل عولمة الرأسمالية والديمقراطية، ولكن هذا التقدم الخطي الذي بشرت به(الحداثة البسيطة) ــــــ وهو مصطلح بيك ضمن تقسيمه المرحلي للحداثة إلى (1) ما قبل الحداثة ثم (2) الحداثة الأولى أو البسيطة أو تطور المجتمع الصناعي وأخيرا (3) الحداثة المنعكسةـــــــ لم يحدث أبدا. لقد قوضت (لديناميكية الصناعية عالية السرعة) هياكل الحداثة البسيطة بإصرار مطرد. وقد حدث ذلك دون تدخل سياسي أو ثورة. لقد كان التحول غير مقصود، وغير سياسي، وغير مخطط له. وكانت النتيجة هي الحداثة الجديدة أو (التحديث المنعكس) الذي يتناول الحداثة البسيطة جذريا بتحطيم (مقدماتها ومعالمها). الأمر الذي أسفر عن عدم يقين في العمليات الاجتماعية والسياسية، واستدعى المطالبة بنهج تحليلي يمكننا من (فك رموز) هذه العمليات وإقامة سياسة جديدة.

 

يصف بيك عالما انبثق من الحداثة التنويرية لكنه لم يعد يتجاوب مع تشكيلاتها الكلاسيكية. من الواضح أن بيك يحاول أن يضع الأساس المنطقي لسياسة هابرماس المستقلة. وهو يصف العالم ـ مثله مثل هابرماس ـ الذي برز من التنوير ولكنه لم يعد يستجيب لصياغات الحداثة الكلاسيكية. وعلى عكس هابرماس، فإنه لا يحاول إنقاذ التنويرية أو مقاومة تعددية ما بعد الحداثة ببرنامج من الفعل التواصلي، ولكنه يعرف الحداثة الجديدة المتولدة من أحشاء الحداثة القديمة، ثم إنه يبحث عن سبل للتعامل مع الحداثة الجديدة وفقا لشروطها ومصطلحاتها وليس بمصطلحات الحداثة كما خبرناها.

 

تصف فكرة التحديث المنعكس الانتقال أو التحول إلى المرحلة الثالثة في سلم التطور الاجتماعي ضمن الحداثة أي الانتقال من الحداثة البسيطة إلى الحداثة المنعكسة، وفي قلب هذا التحول يكمن التغيير الأساسي في إدارة الخطر. وبيك بالمناسبة هو صاحب مفهوم مجتمع الخطر (risk society) الذي نحته لوصف الطريقة التي يواجه بها المجتمع المعاصر الخطر. ونرى أنه من الضروري التوسع قليلاً في شرح مفهوم مجتمع الخطر بسبب ارتباطه الوثيق بمفهوم التحديثية المنعكسة؛ فنحن تبعاً لبيك قد أصبحنا نعيش فعلا في مجتمع الخطر، ففي المقام الأول يشير مصطلح مجتمع الخطر إلى التداخل بين الاستمرارية والانقطاع، بينما في المجتمع الصناعي الكلاسيكي كان منطق إنتاج الثروة هو المهيمن، ولم يكن التحديث يعني مجرد مراكمة الثروة ولكن أيضا إنتاج منتظم ومكثف للمخاطر العالمية: النووية والبيئية والبيولوجية،... ولم يعد من الممكن فهم هذه المخاطر بوصفها آثارا جانبية لعملية التحديث يمكن السيطرة عليها بسهولة، بل على العكس تماما، ذلك أنها واصلت الظهور بوصفها نتاجات متأصلة لعمليات التحديث المتصاعدة. يقول بيك "لقد فقدت القوى المنتجة براءتها في عمليات التحديث المنعكس بحيث طغى إنتاج المخاطر على مكاسب التقدم الاقتصادي والتكنولوجي". وثانيا فإن مصطلح مجتمع الخطر يشير إلى التغيرات الاجتماعية الجذرية التي نتجت عن عملية التحديث.

 

تحمل هذه التغيرات سمة مشتركة تتمثل في التناقضات الجوهرية بين الحداثة والحداثة المضادة داخل المجتمع الصناعي وتشير أيضاً إلى عمليات العولمة والتفريد أو التخصيص(individualization،) وإلى العلاقات المتغيرة بين الرجال والنساء، والآباء والأبناء، وإلى التطور في المجال الصناعي والسياسي ومجال القوى العاملة... الخ. ويؤكد بيك على "إن نظام الإحداثيات التي يتم من خلالها تثبيت في الحياة والتفكير في الحداثة الصناعية: محور الأسرة، والنوع الاجتماعي والمهنة، ومحور الاعتقاد بالعلم والتقدم، قد بدأ يضطرب وبدأت تلوح في الأفق فرص ومخاطر جديدة، إنه مجتمع الخطر". وتبعا لذلك، فقد أثرت عملية التحديث المنعكسة عميقا على البيئة الاجتماعية للأفراد، وقوضت الدينامية الصناعية مفاهيم الطبقة الاجتماعية، والعمل المهني، والأسرة النووية، أدوار الجنسين، والكنيسة، والإنتاج، والسياسة... وهلم جرا، تلك المفاهيم التي تضرب بجذورها عميقاً في حياة الإنسان. والآن، فإن أنماطاً جذرية تتشكل على خلفية الأطلال المتهدمة لأنماط الحياة القديمة. وتكتسب حياة الإنسان في هذه الحالة الناقصة والمتناقضة بين الماضي والمستقبل بعض الخصائص المميزة الجديدة: عدم اليقين، وعدم القدرة على التنبؤ، الزمنية، والشك، والارتباك، وفقدان الهوية، الخ... ويمكن لتلك التأثيرات بالطبع أن تقود إلى مسارات مختلفة.

 

لقد أُخضع المجتمع الصناعي بفعل ما أطلق عليه بيك (ديكتاتورية الندرة) والتي تعني سطوة الاحتياج للتحرر من الفقر، وقد تقبل المجتمع ضمن هذا الإطار فكرة أن إنتاج الثروة وإنتاج الخطر يسيران جنبا إلى جنب وتبعا لذلك فقد جرى تهميش المخاطر الناجمة عن التغيرات الديناميكية في المجتمع الصناعي. لم تهدد هذه المخاطر الأفكار العقلانية المركزية للحداثة العالية التي قامت على افتراضات التنوير. لقد توافقت الآراء على أنه لازال بالإمكان معالجة المخاطر الاجتماعية والسياسية بنجاح من خلال تطبيق مزيد من العلم والمعرفة الذي من شأنه أن يقود إلى مزيد من التقدم، ولكن عندما انتقلت مخاطر المجتمع الصناعي إلى بؤرة اهتمام الرأي العام، تعرضت (أسس المجتمع الصناعي) ذاتها للخطر وأضحت تحت تهديد التدمير الذاتي؛ إذ لم تعد الأساليب التي كانت تتبعها الحداثة الصناعية للسيطرة على المخاطر تجدي نفعا، ويعني (التحديث المنعكس) المواجهة الذاتية مع آثار المخاطر التي لا يمكن التعامل معها واستيعابها في منظومة المجتمع الصناعي وفقا لمعاييره المؤسساتية؛ أي أن المجتمع الصناعي أو الحداثة البسيطة أو الحداثة القديمة ـ وقد وجدت أنها مترادفات وظفها بيك بانتقائية عالية ـ توقفت عن إنتاج تقدم مطرد للناس بل أنها مخاطر عظيمة وغير مسبوقة نتجت عن سعيها الحثيث إلى خلق وضع جديد. ومع الوقت انتقلت هذه المخاطر من الهوامش إلى المركز وأصبحت تشع تهديدا وكوارث من كل الزوايا والجهات.

 

يصف بيك ظروف ما بعد الحداثة التي لم تكتف بخلق تسارع في تغير التوقعات اليومية مصحوبا بعدم اليقين، ولكنها فرخت اشتراطات وظروف العولمة. لقد تراجعت الحدود والبروتوكولات التي سادت خلال الحداثة القديمة كالنقود مثلا فضلا عن تجاوز المنتجات للحدود القومية ومع السلوك المتفجر لأمريكا والمصمم على التصدي بحزم لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، اكتسب الوضع المعولم تعقيداً جديداُ. ولكن هذا يسرع ببساطة المخاطر والتهديدات القائمة فعلا والتي تقع في صلب فكرة بيك عن التحديثية المنعكسة.

 

يثير مفهوم بيك للمجتمع ما بعد الصناعي الاهتمام بشكل خاص. يصف بيك مرحلة جديدة من الحداثة، اكتسبت فيها تطلعات الإنسان إلى ما هو أبعد من مجرد البقاء المادي أهمية وزخماً. يرتبط ذلك بوجهة نظر بيك التي تقول أن مشاكل المجتمع ما بعد الصناعي الآن ليست في نقص السلع المعروضة الذي ميز مجتمع الندرة، ولكن في الإفراط في العرض. وفي الحقيقة فإن بيك يعتقد بأن الآثار الجانبية غير المرغوب فيها والنتاجات الجانبية غير المتعمدة من عملية التقدم الاقتصادي والتقني التي تولدت من مفاهيم التقدم و"صنع الطبيعة المفيدة" هي مصدر الخطر الذي نواجهه اليوم الأرجح، ووفقا لبيك، فإن جماعات مبادرة المواطنين أو نشطاء القاعدة الشعبية سوف يلعبون دوراً متزايد الأهمية في مجتمع الخطر.

 

يموضع بيك هذه المخاطر والتهديدات في إطار مسخ الدولة القومية وانجذاب القوى السياسية نحو استقطابات جديدة بعيداً عن استقطابات الحداثة البسيطة كاليسار واليمين مثلا، كما أنه ضمنها قضية الغرباء والمجهولين في عالم متحرك: هل أنت داخل المجتمع أم خارجه ؟ هل أنت معنا أم ضدنا ؟ تماما كما تساءل الرئيس الأمريكي بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فضلا عن قضايا السياسات من قبيل: هل سنكون قادرين على إعادة تشكيل المجتمع عبر سياسات جديدة أو سياسات فرعية.

 

يرى بيك في الحداثة المنعكسة "اختفاء للقرار السلطوي الاستبدادي ودولة الفعل". وبالمقابل بزوغا لعملية التنظيم الذاتي، بالاعتماد على المجتمع الاقتصادي، والأنشطة السياسية. أما التنفيذ فإنه سيجري خارج مهام الحكومة التقليدية وسيقوده خبراء متخصصون مهنيا سيعيدون هيكلة القضايا السياسية خارج المؤسسات السياسية التقليدية، و"غالبا ما تأخذ معارضتهم شكل (السياسات المعارضة) الأمر الذي لم يحدث قط في ظل الاستقطابات البسيطة الني سادت في مرحلة الحداثة القديمة".

 

يتنبأ بيك بتغيرات عديدة ضمن هذه الحداثة الجديدة منها على سبيل المثال: في الحدود البنيوية للعلاقات والمعالم الاجتماعية والأدوار التي تصنف المجتمع. الجماعات التي كانت تنخرط تقليديا في علاقات معادية مثل النقابات أو الشركات والاتحادات سوف تحصد تحالفات غير عادية تجعل التحالفات التقليدية غير واضحة المعالم وضبابية. من نافلة القول أن هذه الجماعات ستعمل خارج أُطر المؤسسات الرسمية التي اكتسبت شرعية وقبولا على نحو ما والمفارقة هي أن اللامبالاة الذاتية التي أدت إلى تهميش هذه الجماعات في الماضي هو بالضبط السبب الذي سيكسبها الشرعية الآن.

 

سيكون لهؤلاء الناس والجماعات القدرة على التواصل على مستويات متطورة. وسوف يتناولون القضايا التي تتطلب منهم أن يصبحوا خبراء في مجالات متنوعة ومعقدة، الأمر الذي سيقود إلى تحدي حقوق وادعاءات المؤسسات التقليدية، وبناء معرفة بديلة.

 

فقضايا مثل الأمطار الحمضية، وإزالة الغابات، والانبعاث الحراري قد عبرت الحدود التقليدية، ولم يعد بالإمكان الحجر عليها ومنع خطرها المؤكد. وحيث أن هذه الحدود قد تغيرت، فلا بد إذن من إعادة تعريف مفاهيم الاستغلال وعلاقتها بالمصلحة الذاتية، في حين أن التهديدات العالمية تبدو معزولة عن الهموم المحلية للفئات المجتمعية الصغيرة، إلّا أن غيدنز يناقش العلاقات بين القضايا المحلية والعالمية، ومفهوم (أسلوب الحياة) في مرحلة الحداثة المتأخرة بوصفها شيئا أكثر أهمية مما كانت عليه في المرحلة السابقة بفضل تعدد الخيارات المتاحة للفرد ويقول:

"في الحياة الاجتماعية الحديثة، يأخذ مفهوم أسلوب الحياة أهمية خاصة. تفقد المزيد من التقاليد قبضتها، ويعاد تشكيل الحياة اليومية على أساس التفاعل الجدلي بين المحلي والعالمي، ويضطر المزيد من الأفراد للتفاوض خيارات نمط الحياة بين مجموعة متنوعة من الخيارات... أصبح تخطيط الحياة بشكل منعكس، يفترض عادة النظر في المخاطر التي تمت تصفيتها من خلال الاتصال بذوي الخبرة، سمة أساسية في هيكلة الهوية الذاتية، الحداثة والهوية الذاتية".

 

أما دور الفن في معالجة القضايا العامة والسياسية والاجتماعية فقد ناقشته سوزان ليسي حين وصفت كيف أن العلاقة بين الفنان والجمهور، قد أصبحت هي العمل الفني نفسه. ترتبط أفكار ليسي عن الفن الجماهيري بنظرية بيك الأساسية بالتلميح إلى دور الفنان المنعكس، من خلال علاقته مع المجتمع المحلي, يستجيب الفنان للقضايا الاجتماعية والسياسية المتأصلة التي تؤثر على نمط الحياة، كما وصفها  أنطوني غيدنز في الكتاب ذاته. وهذا يشير إلى أن الفنانين سوف يضعون خططا لخوض قضايا غير عادية متضمنة على نطاق واسع في نسيج مجتمع الخطر.

 

يحاول بيك أن يضع تفسيرا نظريا لتحول العالم الحقيقي الذي نلاحظه في كل مكان حولنا. نحن نشعر بالتأكيد بالتغيير العميق من عالم الحداثة البسيطة الذي عرفناه إلى عالم ما بعد الحداثة للرأسمالية المتأخرة. ولكن مساهمة بيك هي في أنه يشير إلى أن التحول قد حدث بينما كان الناس في مرحلة الحداثة القديمة منخرطين في عملية التفكير العقلاني في المشاكل والحلول بمصطلحات المرحلة الحداثية ذاتها، في الوقت الذي كانت فيه الظروف الحديثة خارج نطاق اختصاصهم تتسارع نحو شيء غير مألوف خارج إطار توقعاتهم وخططهم. وتبعا لذلك أصبحت أساليبهم في التحليل واتخاذ القرار بالية أمام أعينهم، وقبل أن يدركوا ما الذي حل بهم. دمرت الظروف المستجدة وغير المألوفة أسس شرعية المؤسسات الحديثة الرئيسية مثل:"الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، والعلوم، والقانون، والحدود الوطنية، وأخلاقيات المسؤولية الفردية، ونظام الأسرة النووية، وهكذا دواليك".

 

كشف الحجم الكارثي لهذا التدمير بؤس نظرة نقاد الحداثة العليا لمشكلاتها. لقد اعتقدوا بسذاجة أن أوجه قصور تلك الحداثة سوف تنحل من تلقاء نفسها عند حدوث التوازن النهائي بين الثقافة والطبيعة. يرى بيك في (سيطرة القضاء والقدر المتناغمة) هذه تخريفات علم الاجتماع في مرحلة الحداثة البسيطة وإيمانه الفطري الساذج. تقول هذه التخريفات أن مشكلات التصحيح والتجديد لم تنشأ من النظام الصناعي نفسه وان البيئة فائقة السيطرة ستتكفل بحل هذه المشكلات حين يسيطر عليها البشر وبالتالي ستستمر عجلة التقدم في الدوران وإلى الأبد. في صلب الموضوع أيضا, اختفى الاعتقاد المتفائل الذي يقول بان الأبحاث العلمية الصارمة ستخضع ما لم يتم إخضاعه بعد (التفاؤل الذرائعي (instrumental optimism), الأمر الذي عارضته التحديثية المنعكسة جملة وتفصيلا ووضعت على جدول أعمالنا العديد من الحجج التي تثبت أن الحداثة البسيطة لن تتمكن من تحقيق التقدم المطرد كما ادعت.

 

تضمنت تلك الحجج  أن بعض الآثار الجانبية للإنتاج الصناعي أصبحت كونية وخارج السيطرة مثل ثقب الأوزون كما انه لم يعد من الممكن تخريج بعض الآثار الجانبية الأخرى (بمعنى تنفيذها نحو الغلاف الجوي) لأن عواقبها غير المقصودة وآثارها الجانبية باتت ترتد علينا وعلى نظامنا وهذا يحطم إيمان علم الاجتماع بالتحديثية البسيطة. تتعارض التحديثية المنعكسة مع" التفاؤل المزدوج بالسيطرة" إنها تعارض الإيمان بان المشكلات سوف تحل وان التقدم سيتواصل فقط إذا ما تابعنا (1) العلموة الخطية (linear scientization) أي صبغها بالصبغة العلمية أو فرض قوانين علمية تم استخلاصها من النظم الخبيرة، و(2) إذا ما توقعنا أننا سنسيطر على الآثار الجانبية حال حدوثها. وأخيرا فإن الصدمة الجوهرية التي ستقود إليها التحديثية المنعكسة في المجال السياسي هي "واحدة من بين نتاجين تسببت بهما ما بعد الحداثة: القومية الجديدة والفاشية الجديدة، أو إعادة صياغة أهداف وأسس المجتمعات الصناعية الغربية". والتجربة فقط هي الكفيلة بإخبارنا في أي اتجاه سنسير.

 

 

* باحثة ومترجمة فلسطينية حاصلة على ماجستير تكنولوجيا حيوية، ماجستير تربية وعلم نفس، بكالوريوس صيدلة، صدر لها مجموعة أبحاث أبرزها:

1- أفق يتباعد: من الحداثة إلى بعد ما بعد الحداثة، دار نينوى للنشر والتوزيع. دمشق 2014.

2- الإنسان في ما بعد الحداثة، دار يوتوبيا، بغداد، 2014

3- نهايات ما بعد الحداثة: إرهاصات عهد جديد، مكتبة ودار عدنان للنشر 2013.

4- فصل في موسوعة: الفلسفة الغربية المعاصرة: صناعة العقل الغربي من مركزية الحداثة إلى التشفير المزدوج- الجزء الثاني.

 

أضف تعليقك