«تأشيرة: تأملات غير مطمئنة» إصدار جديد لمحمد الفزاري
عمان
صدر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمّان كتاب جديد للباحث والروائي العُماني د. محمد الفزاري حمل عنوان «تأشيرة»، وبعنوان فرعي «تأملات غير مطمئنة»، ويشكّل الجزء الأول من ثلاثية فكرية يعمل عليها المؤلف، موجهة بالدرجة الأولى إلى قراء الفكر المبتدئين الذين يبحثون عن مدخل بسيط إلى أسئلة الفلسفة والواقع العربي المعاصر.
ينطلق الكتاب من فكرة ان «ليس كل التأشيرات تمنح للعبور بين الحدود الجغرافية؛ ثمّة تأشيرات تفك قيود الفكر لا المعابر، وتسمح لك بالانتقال عبر الافكار لا البلدان». ومن هذا التصور يقدم المؤلف كتابه بوصفه «تأشيرتك الخاصة إلى عوالم فكرية متباينة؛ حيث تمتزج الواقعية بسؤال الحرية، والشمولية بسؤال المواطنة، والذكورية بسؤال المرأة، والدين بسؤال العلم، والعبث بسؤال المعنى».
ومع ان المؤلف يقر بأن من يبحث عن «قراءة مريحة» قد لا يجد ضالته هنا، إلا انه يراهن على ان يكون هذا العمل سببا في إضافة سؤال جديد إلى وعي القارئ، او زعزعة قناعة كان يظنها راسخة، او دفعه إلى التأمل في واقع لم يفكر فيه سابقا.ويذكّر المؤلف قارئه بأن «الوجهة النهائية ليست مكتوبة فياي صفحة؛ لأن كل قارئ سيأخذ طريقه الخاص»، فـ»هذا الكتاب هو تأشيرة، لكنه بلا تاريخ صلاحية، ولا وجهة محددة.. أين ستحملك الافكار؟ هذا ما ستقرره أنت».
يقسّم الفزاري كتابه إلى خمس «محطات» رئيسية، تشكّل كل محطة منها مساحة مستقلة للتأمل في سؤال أو إشكالية، وفي الوقت نفسه تتكامل هذه المحطات لتبني خيطًا فكريًا واحدًا يتتبع أزمة الإنسان العربي مع السلطة والدين والمعنى والحرية. في محاولة لفتح حوار هادئ مع القارئ حول العلاقة بين السلطة والفرد، وبين الموروث الديني والقيم الكونية، وبين التجربة الانسانية والاسئلة الوجودية المفتوحة.
في محطة «فلسطين والحرية» يربط الكاتب بين عمل فني (فيلم حياة الماعز) وبين القضية الفلسطينية، ليقارب عبر هذا الربط مفهوم التجريد من الإنسانيةوكيف تتكرر أنماط الاستغلال والقهر في أكثر من سياق عربي، بما في ذلك بلدان الخليج، مع إبراز مركزية سؤال الحرية في كل ذلك، ثم يتطرق إلى مفاهيم عند مقاربته للقضية الفلسطينية مثل الاستعمار والاستشراق والمقاومة. أما «محطة المواطنة والسيطرة»فتتوقف عند تحولات الدولة الحديثة في المنطقة، وحدود فكرة المواطنة في ظل بنى سياسية وأمنيةتقوم على التحكم في الأفراد والسيطرة على المعلومة، وتضيّق المجال العام، وتعيد تعريف العلاقة بين الحاكم والمحكوم عبر الخوف والزبائنية بدل الحقوق والواجبات.
وفي محطة «المرأة والرجل» يذهب الكتاب إلى نقد الصور النمطية المتبادلة بين الجنسين، واستجواب الخطابات السائدة حول «الرجولة» و«الأنوثة»، والاقتراب من النقاشات النسوية من زاوية الحرية والاختيار، بعيدًا عن القوالب الجاهزة التي تسعى إلى قولبة المرأة أو الرجل في نموذج واحد مفروض سلفًا.
بينما تفتح محطة «العقل والدين» نقاشا حول العلاقة المعقدة بين التفكير الديني والعقل النقدي، وتفكك اختزال التدين في الطقوس على حساب منظومة الأخلاق والحقوق والمقاصد، مع مساءلة الخطاب الديني التقليدي الذي يضع الطقس فوق الإنسان، ويتجاهل أسئلة العدالة والكرامة وحرية الضمير.
وتختتم الرحلة بـ محطة «الوجود والعبث» التي تتجه إلى الأسئلة الكبرى حول معنى الحياة، والحرية، والقدر، والقلق، واللايقين. هنا يتوقف الفزاري عند التجربة الوجودية للإنسان المعاصر، وكيف يتأرجح بين البحث عن معنى ثابتوبين الاعتراف بعبث العالم، في محاولة لصياغة موقف أخلاقي وإنساني رغم غياب اليقين.
يعد محمد الفزاري من الأصوات العربية المهتمة بقضايا الحرية والمواطنة والوجود في السياق الخليجي. وهو ناشط وباحث سياسي يحمل شهادة الدكتوراه في السياسة والدراسات الدولية من جامعة، جامعة لندن - SOAS، إلى جانب عمله في الصحافة وانشغاله بقضايا الحقوق والحريات وبناء المجال العام عبر شبكة مواطن الإعلامية التي يديرها ويرأس تحريرها.
يقع الكتاب في 176 صفحة من القطع المتوسط











































