يوم في حياة مقعد موقوف في مركز أمني
الاسم: محمد الملقب بأبو عبدالله
العمر: ستون عاما
الحالة الاجتماعية: متزوج ولديه 4 أبناء جميعهم يعملون في دول الخليج العربي
الوضع الصحي: مقعد بسبب حادث سير وقع معه في العام 1994
تعرض ابو عبدالله للاعتقال والتوقيف مدة يومين على خلفية مطالبات مالية بحقه، قضى خلالها في أحد المراكز الأمنية مدة 24 ساعة وأخرى في مركز آخر مدة 24 ساعة، وهي المدة الأقصى قانونيا في التوقيف بالمركز الأمني الواحد.
داخل مركز أمني في العاصمة عمان، لاقى ما لم يكن في حسبانه، "معاملة مقبولة من قبل بعض الضباط بمجرد وصولي واطلاعهم على وضعي مقعد، تلاشت المعاملة بمجرد رؤيتي للوضع المزري لمكان الحجز، الفرشات معفنة ورائحتها كريهة والحرامات كذلك، فضلا عن معاملة البعض غير الإنسانية بعد ذلك".
الأمر حتى ذلك كان متوقعا لدى أبو عبدالله لكن عدم معرفته السبب الرئيسي لتوقيفه طوال الساعات وإحجام الضباط عن الحديث معه، جعله يعيش أجواء شبهها بالذي ينتظر إعدامه بعد دقائق.
“كنت أنتظر منادتي باسمي حتى أعرف تحديدا ما سبب توقيفي وانا في منطقة الهاشمي الشمالي، خرج صوت أحد الضباط بقوله لي أن علي طلب بالتنفيذ القضائي في شرق عمان، وعندما أصطحبوني الشرطة إلى مركز آخر، وعندا تعرضت للانزلاق بالكرسي المتحرك ما أدى إلى إصابي بجروح"، يقول أبو عبدالله.
في داخل إحدى النظارات في شرق عمان التي وجدها أبو عبدالله بالباردة جدا يقول "شعرت وقتها أنك لو وضعت حمارا سوف لن يقوى على البقاء فيها من شدة البرد ليلا". وأمام هذا سوف يعاني من اكتظاظ في الغرفة بسبب تراكم عشرات الموقوفين فوق بعضهم البعض.
مضى يوم آخر ليصبح يومين من التوقيف داخل المراكز الأمنية في طريقة باتت تعرف ب"الكعب الدوار" نظرا لتجاوزه حد 24 ساعة ونقله إلى مركز آخر ليقضي ساعات إضافية.
أخلُي سبيل أبو عبدالله الذي وجد اليومين معاناة تضاهي حياته المتعبة، ولا يذكر فيها إلا تعذيب نفسي تعرض له على مدى يومين، لن ينساه أبدا.
أبو عبدالله الذي أوفق سندا لقانون أصول المحاكمات الجزائية الذي يسمح بتمديد فترة القبض عن 24 ساعة في الجرائم التي لا تختص محكمة أمن الدولة بها، على أن لا تزيد مدة التوقيف على أسبوع واحد، وبعكس ذلك يترتب بطلان الإجراءات.
وأشار القانون إلى حق كل شخص يقبض عليه بإخطار ذويه وأسرته بأنه مقبوض عليه، وبالمكان المحتجز فيه، ولا يجوز أن يتم تفتيشه بصورة تمس حياءه أو كرامته.
من جانبها، السلطة التنفيذية ترى بضرورة إعادة تفعيل مدة التوقيف 24 ساعة لان هذه الفترة غير كافية لاستكمال الإجراءات القانونية والتحقيقية خصوصا في بعض القضايا الحساسة.
المجتمع المدني يسعى منذ سنوات بإقناع السلطة التنفيذية بعدم جواز إخضاع جرم التعذيب للعفو الخاص أو العام ووقف التنفيذ أو التقادم أو تخفيض العقوبة. فضلا عن إنشاء صندوق لتعويض المتعرضين للتعذيب، والكشف والإعلان عن التعذيب وعدم التذرع بالظروف وبالأوامر وغيره.