هموم المديونية
بعيدا عن الأحداث السياسية المتتالية التي تابعها الشارع الأردني، اختتاما بالانتخابات البلدية واللامركزية، يبقى الشأن الاقتصادي الهم الأكبر الذي لا يقتصر على الغرف الاقتصادية الحكومية، بل يطال مختلف شرائح المجتمع.
الكاتب محمد أبو رمان، لا أن الوضع المالي مطمئنا تماما، فهنالك أزمة حقيقية في إدارة الموازنة العامة، وتأمين الموارد المطلوبة لنفقات الدولة الجارية والرأسمالية.
ويضيف أبو رمان أن "المهمة الأولى للحكومة تبدو في محاولة إقناع صندوق النقد الدولي في تقسيط مبلغ الـ450 مليون دينار التي من المفترض تحصيلها لصالح الموارد هذا العام لتصبح على عامين".
ويلفت الكاتب إلى أن المنح الخارجية العربية، التي كانت دوماً مخرجاً من أزماتنا، أصبحت خارج الحسابات بالكلية، وإن كان ما يزال هنالك أمل على صندوق الاستثمار الأردني- السعودي.
ويطرح أبو رمان ثلاثة رهانات أمام الوضع الاقتصادي الوطني، الرئيسي بينها يتمثل بطريق عمّان- بغداد، التي إن فُتحت فعلياً ومجازياً- سياسياً- ستشكّل فرصة جيدة لإنعاش قطاع الصادرات الأردنية والنقل.
أما الرهان الثاني فيتمثل بنجاح مشروع الهدن العسكرية في سورية، وصعود احتمالات الاستقرار العسكري والأمني، فيما لا يزال الرهان الداخلي بتحسين بيئة الأعمال وإزالة العقبات أمام الاستثمارات، يسير متعثرا.
أما الكاتبة جمانة غنيمات، فتشير إلى اعتراف البنك المركزي بأن نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم في العام الماضي، تبلغ 69.3 %، أي أن 70 % من دخل الفرد يذهب للبنوك لسداد القروض.
ويعني ذلك، بحسب غنيمات، أن المواطن غارق بالدين تماما مثل حكومته، وأن وضع المواطن ليس أفضل حالا من حكومته، فمديونية الأخيرة أيضا مرتفعة جدا، وبلغت نسبة 93 % من الناتج المحلي الإجمالي.
فـ"معدل المداخيل لم يعد يكفي لسداد احتياجات الناس، لذلك تجدهم يتجهون للبنوك من أجل تغطية الفجوة.. وأن مديونيات الأفراد، وصلت حدودا مرتفعةً جدا، بحيث لا يمكّنهم عبء الدين مقارنة بالدخل من اقتراض المزيد".
وتحمل الكاتبة أسباب ارتفاع مديونيتي الحكومة والأفراد، على كاهل الحكومات بشكل مباشر وغير مباشر، إذ أن إنفاقها التفاخري واتساع بند النفقات دون حساب خلال العقد الماضي أوصلنا لهذه النتيجة، كما ساقها لنا تأخر الإصلاح المالي الحقيقي بمعالجة التشوهات المالية مثل التهرب الضريبي، والتلاعب بتقدير الإيرادات الضريبية والجمركية.
فيما يوضح الكاتب فهد الفانك، المقياسين اللذين ينظر بهما إلى المديونية، أولهما يتعلق بإجمالي المديونية بصرف النظر عما يحدث في جانب الودائع الحكومية لدى البنوك، وهو المقياس الذي يتبناه صندوق النقد الدولي، والثاني يتعلق بصافي مديونية الخزينة أي ما يعادل إجمالي المديونية مطروحاً منه الودائع النقدية الحكومية لدى البنوك.
ويلفت الفانك إلى أن المقياسين يعطيان نتائج مختلفة ذلك أن إجمالي المديونية في نهاية النصف الاول من هذه السنة بلغ 26472 مليون دينار في حين أن صافي المديونية بلغ 25021 مليون دينار أي بنقص مقداره 1451 مليون دينار.
و"من الطبيعي أن تتمسك وزارة المالية بالأسلوب الذي يدل على انخفاض نسبة المديونية وتجاهل الأسلوب الذي يدل على ارتفاع النسبة، خاصة وأن هذا ما يفعله الصندوق".
ويعود الفرق بين المبلغين، بحسب الفانك، إلى أن ودائع الحكومة ومؤسساتها انخفضت خلال الفترة بمقدار 5ر562 مليون دينار، أي أن الحكومة غطت عجز الموازنة بالسحب على ودائعها لدى البنوك بدلاً من الاقتراض.
ويخلص الكاتب إلى القول إن "هناك أهمية سياسـية عندما يعلن وزير المالية أن نسبة المديوينة انخفضت ، وبالتالي فإن أهداف البرنامج تتحقق ، وقد يرد عليه نائب أو محلل اقتصادي بان المديونية الصافية ارتفعت خلال النصف الاول من هذه السنة بمقدار 942 مليون دينار أوما يعادل 5ر1% من الناتج المحلي الإجمالي".