نزول الروس إلى الميدان السوري: عسكري أم سياسي؟!
يترقب المحللون تواتر الأنباء حول التدخل الروسي عسكريا في الأزمة السورية، وصولا للقمة الأمريكية الروسية التي لم يستبعد فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توجيه ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في الأراضي السورية.
الكاتب ماهر أبو طير، يرى أن موسكو تعتقد أنها تذهب في نزهة صيف قصيرة إلى سورية، بحيث تقوم بحماية الرئيس السوري بشار الأسد، او الاستعداد للمرحلة التي تليه، مع عنونة هذه "النزهة" بـ"محاربة الإرهاب وتنظيماته".
ويشير أبو طير إلى الانقسام الدولي حاليا حول مصير الأسد، الأول بقيادة واشنطن، يتردد بشأن بقائه من عدمه، والثاني بقيادة موسكو التي تريد بقاء الرئيس السوري أو نظامه، متسائلا حول قدرة المعسكر الثاني "قليل العدد" على محاربة "داعش".
ويضيف الكاتب بأننا أمام "حسابات تركية وأميركية تريد استدراج موسكو إلى سورية، وتجديد سيناريو الأفغنة في وجه الروس مجددا داخل سورية.
ورغم الوجود الروسي في سورية منذ عقود، إلا أن تدخلها في هذا التوقيت وبهذه الطريقة يحمل أكثر من معنى، أبرزها زيادة تحدي واشنطن لدفعها بعيدا عن مناطق نفوذ الروس في العالم، وربما حماية الأسد بشكل دائم أو مؤقت، إضافة إلى الاستعداد لمرحلة مابعد خروج الأسد من السلطة، بحسب أبو طير.
أما الكاتب عريب الرنتاوي، فيلفت إلى المفارقة بين ما يسمى "إعلام المقاومة والممانعة" الذي تلقى القرار الروسي بالنزول إلى الميدان السوري باعتباره انتصارا لمعسكره، مقارنة بحالة "البكائيات" التي عاشها إعلام "الاعتدال العربي".
ويرى الرنتاوي أن موسكو لم تكن يوماً في حلف “المقاومة والممانعة”، كما أنها ليست بوارد دعم المقاومة لإسرائيل، "ولا هي معنية بشرايين الحياة الممتدة من طهران إلى الضاحية الجنوبية"، موضحا بأن تطمينات الرئيس الروسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية مؤخرا، ذهبت في هذا الاتجاه.
ويضيف بأن "روسيا وضعت هدفاً لها يتمثل بمحاربة تنظيم "داعش" وحفظ الدولة والنظام في سوريا، أما “المقاومة والممانعة” فليست من مفردات القاموس السياسي الروسي".
"كما أن عيون موسكو، تتجه صوب دول الخليج العربية، السعودية بخاصة، وبوتين يجري من المكالمات والاتصالات مع القيادة السعودية، أكثر online casino مما يفعل مع طهران"، يكتب الرنتاوي، إضافة إلى المصالح الروسية في إسرائيل.
فـ"روسيا لا تضمر عداءً لمحور “الاعتدال العربي”، بل هي تقيم علاقات وثيقة مع بعض دوله وعواصمه، لكن لموسكو مصالحها وحساباتها التي لن تتنازل عنها لقاء عقد سلاح أو صفقة تجارية"، بحسب الرنتاوي.
فيما يتساءل الكاتب عيسى الشعيبي، عما يمكن لموسكو أن تفعله في منطقة الشرق الأوسط، مع تغيير التوازنات وكسر المعادلات، وإملاء قواعد جديدة للعبة الجارية.
ويشير الشعيبي إلى قدرة روسيا على تقديم الدعم الجوي والإمدادات العسكرية والخدمات اللوجستية لمن وصفه بـ"آخر دكتاتور عربي" حليف لها، "الأمر الذي لن يؤتي نتائج أفضل مما حققته آلاف غارات التحالف الدولي المستمرة منذ نحو عام على تنظيم "داعش".
ويضيف بأن دخول روسيا على الخط لإسناد الأسد في ربع الساعة الأخير داخل معقله الأخير، قد تأخر كثيرا، وأن خطوتها الواسعة هذه سوف تظل ناقصة، إذا لم يتم إتباعها بإنزال بري مثير للتحسبات الدولية.
ويذهب الشعيبي إلى أن تصعيد الحضور الروسي، يعتبر خطوة سياسية مثيرة، أكثر من اعتباره خطوة عسكرية كاسرة للتوازنات، مؤكدا في الوقت ذاته بأنه تصعيد محفز على زيادة التطرف في أوساط المقاتلين المعتدلين، واستقطاب مزيد من الجهاديين.
فـ"من الواقعي تشخيص هذا التطور على أنه تطور قد يبطئ وتيرة الانهيار، إلا أنه لن يستطيع إيقاف دوران العجلة، ولا أن يعكس مسار الاتجاه، بعد نحو خمس سنوات على سقوط أسوار جمهورية الخوف والصمت، وانكشاف كل سوءات منظومة الفساد والاستبداد، وعليه، لن يتمكن العطار الروسي من إصلاح ما أفسده دهر النظام"، يكتب الشعيبي.