معركة "عاصمة زنوبيا" ومصير "داعش"

معركة "عاصمة زنوبيا" ومصير "داعش"

يعتبر استعادة الجيش السوري لمدينة تدمر التاريخية وسط البلاد، من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، تحولا دراماتيكيا في تطورات الأزمة السورية، خاصة بعد انسحاب جزء أساسي من القوات الروسية من قواعدها هناك، بما فتح المجال لقراءات الكتاب حول مصير التنظيم ومستقبل سورية.

 

الكاتب جهاد المنسي، يؤكد أن الجيش السوري، تمكن بهذا التقدم، "إثبات قوة إرادته وعزيمته في كنس فلول تجار الموت الإرهابيين والسوداويين والقتلة من حواضننا، كما دفن كل المؤامرات التي استهدفت لحمة هذا الجيش".

 

ويشير المنسي إلى تراجع تلك "العصابات الإجرامية" من مختلف المناطق في كل من سورية والعراق، بما يطيح بتوقع بعض المراهنين على النيل من نسيج الدولة، حيث "انقلب السحر على الساحر، وبات العالم يعرف أكثر أن "داعش" وأخواتها من "جبهة النصرة"، وكل ما يتفرع عنهما من مسميات، عبارة عن وحدات موت وتخريب متنقلة، قد تضرب في أي مكان.

 

"وحتى لا نذهب لقتل ذنب الأفعى، ونترك رأسها تسرح وتمرح في عقول الناس، تزعزع ضمائرهم، وتهز سكونهم ووداعتهم، وتحفز العالم على الكراهية والحقد، علينا أن نسأل أنفسنا السؤال الأول، ونقول: ترى من علم أولئك القتل والتدمير وسفك الدماء؟ ومن هم شيوخهم الذين يغذونهم بكل فتاوى القتل والعنف والدمار؟"، يتساءل المنسي.

 

ويرجح الكاتب، بعد استعادة تدمر، عودة الرقة ورفع الحصار عن دير الزور، وعودة الموصل حتما، إلا أنه يحذر في الوقت نفسه، من ظهور "داعش" جديد، بشكل مختلف، ربما في اليمن أو ليبيا أو في الجزائر، في تونس، في مصر أو في أي مكان.

 

فـ"مشكلتنا الأساسية لا تكمن في كنس "داعش" من الأرض فحسب، وإنما كنس الفكر الذي يتغذى منه ذاك التيار المنحرف السوداوي القاتل، الذي يؤمن بالقتل وسيلة للحوار، والسبي والسرقة وسيلة للسيطرة وفرض الذات".

 

كما يرى الكاتب فهد الفانك، أن دخول الجيش السوري إلى تدمر، جاء بالتزامن مع اقتراب نظيره العراقي من الموصل، الأمر الذي يعد هذا تطورا هاما، يعني هزيمة "داعش" في موقعين أساسيين أيضا، إضافة إلى وجود خطة لتحرير الرقة.

 

ويضيف الفانك أن "الاتجاه أصبح واضحا، وأن القضاء على دولة داعش أصبح مسألة وقت، وربما كانت داعش قد جنت على نفسها بعملية بروكسل الإرهابية، لأنها أكدت موقعها كبؤرة إرهابية في مواجهة العالم كله".

 

إلا أن الكاتب يوضح بأن "داعش" ليست دولة فقط، بل تيار وفكرة وتوجه، لافتا إلى أن القضاء على الدولة لا يعني بالضرورة القضاء على فكرة الإرهاب والتطرف والتشدد والعنف والكراهية.

 

ويرجح الفانك أن يكون انتهاء دولة داعش خلال هذه السنة، لتخرج من الجغرافيا إلى "مزبلة التاريخ"، على حد تعبيره.

 

"وعندما يدرك قادة داعش وأنصارهم أن النهاية قريبة ، فإن سلوكهم سيصبح أكثر عنفاً وعدوانية ، مما يعني أن مخاطر الإرهاب هذه السنة ستبلغ الأوج"، بحسب الفانك.

 

أما الكاتب محمد خروب، فيؤكد أن من يُقلِّل من أهمية تحرير "عُقدة" المواصلات الاستراتيجية وعاصمة الملكة زنوبيا... تدمر، هم الذين أُسْقِط في أيديهم، بعد أن ظنوا أن "داعش" اخطبوط وديناصور "حيّ" قادر على امتصاص الهجمات والرد على محاولات دحره.

 

ويضيف خروب بأن التنظيم سقط في "أول" اختبار حقيقي، كون مدينة تدمر كانت مُحصّنة وذات خطوط دفاعية وكتائب من الانتحاريين والسيارات المفخخة، فضلاً عن الاحتماء بسكان المدينة دروعاً بشرية.

 

ويلفت الكاتب إلى أن تحرير تدمر هو الخطوة الأولى والأساسية في معركة دحر "داعش" والإطباق عليه، ولن تكون المعارك المُقبِلة أقل ضراوة من تلك التي امتدت لثلاثة أسابيع من المواجهات الأعنف والتي تُوّجت في النهاية باستعادة تدمر.

 

كما أن تحرير المدينة يؤشِر، بحسب خروب، إلى ما وصفه باالنفاق الأميركي وعدم جدية واشنطن في محاربة الإرهاب، كما يكشف بوضوح الكيفية التي يمكن لأي تحالف "جدي" أن يهزم "داعش".

 

فـ"هزيمة داعش لا تحتاج إلى عشر سنوات ولا حتى إلى خمس منها، ومعركة دير الزور الوشيكة، وربما تلك المُتّجهة صوب الرقة، ستكشف كم أن تحالف دمشق – موسكو وباقي القوى الحليفة المنخرطة في معركة دحر الجماعات الارهابية متعددة الولاءات والمرجعيات والتمويل والرعاية، كان جاداً وصادقاً في هذه المواجهة المصيرية"، يقول خروب.

أضف تعليقك