معان مدينة الصخب تعيش الهدوء (صور)

معان مدينة الصخب تعيش الهدوء (صور)
الرابط المختصر

هدوءٌ حذر يعم أرجاء مدينة معان التي استفاقت غضبا بعد دفن اثنين من أبنائها وإصابة الِأخير على وقع فيديو نشر بتاريخ الثامن والعشرين من أيار الماضي اظهر تجمعا لرجالا حول جثتين من المطلوبين وآخر جريحا.

أبناء عشيرة الفناطسة منحوا الحكومة ما أسموه بهدنة إلى حين تقديم المتورطين للعدالة والإفراج عن الجريح الثالث وهو عبد المالك الفناطسة والتعويض المادي والمعنوي لعائلته”، على ما يقول أبو طه الفناطسة أحد أبناء العشيرة.

يظهر شريط الفيديو مجهولين في منطقة مخصصة للكسارات والمقالع بين مدينتي معان والعقبة في محيط جثتين تبين لاحقا أنهما لرجلين هاجما حسب الرواية الأمنية منطقة المقالع لابتزاز أصحابها ماليا قبل حضور الشرطة والدرك وحصول مطاردة بالرصاص انتهت بمقتل الرجلين وإصابة ثالث.

معان: التوتر وليد الحدث

"كان الفيديو زاد من مشاعر احتقان أهالي المدينة التي تعتبر دوما من نقاط التوتر والعنف الاجتماعي، وتجددت الاشتباكات بين العشرات من مسلحي مدينة معان وقوات الدرك فيما أمهل اجتماع عشائري السلطات 48 ساعة للكشف عن هوية أشخاص غامضين ظهروا في شريط فيديو وهم يسيئون التعامل مع جثتين لرجلين قتلا خلال عملية أمنية"، وفق تقرير أعدته المحامية لين خياط لمنظمة العفو الدولية.

جولة قام بها راديو البلد بصحبة اثنين من النشطاء الحقوقيين في زيارة وصفت بالأولى على الصعيد الحقوقي، بانت فيها أثار الصدامات والعنف الذي مرت به تلك المدينة الجنوبية المغرقة في فقرها كما يراها الأهالي هناك.

مصرفان ومقري البريد الأردني ومديرية تربية معان، تعرضت جميعها للحرق على أيد مجهولين. الأمن العام في بيان لاحق من الحادث اعتبر أن ثمة مخربين من داخل المدينة، فيما أصابع الاتهام غير واضحة بعد.

"المخربون هم قد يكونوا من داخل المدينة وبعض المتورطين في الأجهزة الأمنية"، يقول أحد وجهاء المدينة، معتبرا أن ثمة تواطؤ رسمي لبعض من وصفوا بالزعران.

هدوء مشروط

الهدوء الذي تعيشه المدينة الجنوبية، جاء بعد اجتماع مطول عقده وجهاء المحافظة بعد الحدث بيومين مع الأمن العام وكبار ضباط الجنوب. "تأتي مهلة العشائر الجديدة لتضيف المزيد من التعقيدات على منطقة متوترة أمنيا منذ أسابيع بعد مقتل أربعة أشخاص في مدينة معان داخل حرم جامعة الحسين من قبل مجهولين لم يكشف النقاب عنهم بعد”، وفق تقرير المحامية الخياط.

أبلغت مصادر مهمة في دوائر القرار صحيفة القدس العربي اللندنية بأن ما يحصل في مدينة معان وما حصل خلال الساعات القليلة الماضية من الحدث يثير القلق خشية انفلات الأوضاع أمنيا مجددا في المدينة الصحراوية المحاذية للحدود مع السعودية والتي تضع في منطقة سيطرة على الطريق الصحراوي الحيوي الدولي الواصل بين وسط وشمالي المملكة وجنوبها”، وفق الخياط.

الاعتقالات التي طالت عددا من أبناء المحافظة الجنوبية، وصلت إلى 50 أولا ثم إلى 12لاحقا، كان من بينهم طفلين لا يتعدى عمرهما 12 عاما الأمر الذي اعتبره بعض من التقاهم راديو البلد بالتصعيد غير المبرر بحق أبناء المدينة.

اعتقالات عشوائية

الدكتور محمد أبو صالح، أحد نشطاء معان، اعتبر أن ثمة سياسات أمنية خاطئة زادت من احتقان الأهالي، فضلا عن عشوائية الاعتقالات والتي طالت أطفالا لا علاقة لهم بكل التوترات الأمنية.

"أبو طه الفناطسة" في حديثه مع الوفد الحقوقي، لا يرى ما حصل إلا مؤامرة تُحاك ضد أبنائها الذين وصفوا بالثائرين قبل كم من السنوات. "نحن نشعر أن معان مقصد الأمن، فكلما حدثت اشتباكات في اربد أو عمان أو غيرها من المدن، زاد الخناق على معان".

يبدو أن ما يراه أبو طه لاقى تأييدا من عدد من الأهالي الذين كانوا في لقاء للوفد الحقوقي في مقر أهالي عشيرة الفناطسة خلال تلك الجولة التي كانت بتاريخ الحادي عشر من حزيران الجاري.

"قسوة التعامل الأمني غير مبررة، اعتقالات عشوائية زادت من الاحتقان" ذلك ما يراه أكثر من مواطني معاني تحدث لراديو البلد والوفد الحقوقي خلال تلك الجولة.

يدعو المحلل السياسي حسين الرواشدة الدولة إلى مراجعة حساباتها السياسية، ويقول: “لا مكان للماطلة، فعليها إحالة المتهمين إلى المحكمة، وطمأنة الناس هناك على الحالة الأمنية”.

”كشف الحقيقة عن ما جرى في معان"، يقول مدير مركز الشرق للدراسات، جهاد المحسين، "المطلوب حوار وكف المظاهر الأمنية في المدينة الجنوبية".

يتفق المحلل السياسي لبيب قمحاوي مع مطالب الأهالي، ويقول: "المطلوب أن يكون هناك حُكما عادلا وينظر إلى التظلمات التي يقدموها أهل المدينة، غير ذلك فنحن أمام مشكلة تتفاقم، فالحل الأمني قد يقمع أو يسجن البعض لكنه لن يحل المشكلة على الإطلاق”.

“الحل هو تنمية المجتمع هناك وجعله قابل للحياة وجعل أبناء المدينة ينظرون إلى المستقبل بأمل أكثر"، يقول قمحاوي.

عصيان

عصيان مدني دب أرجاء المحافظة في الثاني من حزيران الجاري ولم يستمر لثلاثة أيام، بسبب ما اعتبره الأهالي بالتصعيد الحكومي من خلال حملة اعتقالات طالت مواطنين في معان قوضت الخطوة.

اجتماعات ولقاءات كانت بين الأهالي ومحافظ المدينة وكبار الضباط لأجل تطويق الأزمة التي كانت ستؤثر على السلم المجتمعي بين أبناء المدينة وعشيرة الحويطات التي يرى البعض تورط بعض أبنائها بالحدث.

ينتظر الأهالي من الحكومة اتخاذ ثلاثة خطوات: أولها الإفراج عن عبد المالك الفناطسة وتعويضه وذويه ماديا وثانيا إنصاف الضحايا  والمتضررين وثالثا إعلان المسؤولية عن الحدث وإحالة المتسببين إلى العدالة.