اوقفت الأجهزة الأمنية خلال الفترة الماضية بحسب تقديرات ناشطين في الحراك 13 شخصاً بيننهم نقابيين وأعضاء أحزاب، قبل أن توجه تهماً لعدد منهم وتفرج عن بعضهم بكفالة، وتزامن ذلك مع تضييق "الأجهزة الأمنية الخناق على المتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية والمعروف بـ"داعش"، مما اعتبره ناشطون وحقوقيون "تضييقاً من قبل الحكومة على الحريات في البلاد.
واستهدفت الحملة الأمنية عضوين في نقابة المهندسين، كما استهدفت عضوي جماعة الإخوان المسلمين محمد أبو جعفر وعادل عواد، ولم يسبق أن قامت الحكومة منذ بداية الحراك في الأردن قبل 3 سنوات اعتقال أيً من قيادات الصف الأول في القوى الحزبية أو النقابية، وهو الذي اعتبرته جماعة الإخوان "تصعيداً خطيراً".
كما استغربت نقابة المهندسين من اعتقال عضويها " غسان دوعر ومازن ملصة"، واتهم نقيب المهندسين عبدالله عبيدات الدولة الأردنية بمحاولة "شرعنة" الاعتقالات وتصفية الحسابات في هذه الفترة التي تخوض فيها الدولة الأردنية حرباً ضد "داعش".
والبارز في حملة الاعتقالات الأخيرة أن عضوي النقابة الذين تم اعتقالهم لم توجه لهم تهم إلى الآن، كما أكدت زوجة دوعر تلقيها اتصالا من "جهة أمنية " لم تفصح عن صفتها القانونية، تؤكد أن زوجها موجود لديها، ولم يعرض إلى الآن بجانب زميله ملصة أمام محكمة مختصة، بينا رجحت النقابة أن يكون السبب وراء اعتقالهم هو نشاطهم في ملف القضية الفلسطينية.
وكان من بين الموقوفين في الفترة الأخيرة أيضاً أعضاء من الحراك بينهم الناشط العمالي محمد سنيد والناشط عدنان الغواوشة، ووجهت إلى الموقوفين تهم متعددة من بينها تهمة إطالة اللسان والتقويض والتحريض على نظام الحكم.
المحامي المختص في حقوق الإنسان معاذ المومني وصف حملة الاعتقالات الأخيرة بأنها "تجاوز على الحريات المدنية للمواطنين" التي تضمن حرية التعبير والحق في التظاهر السلمي، ويذكر أن عدداً من المعتقلين" أوقفوا بعد أن القوا خطب أو تظاهروا".
بينما رأت رئيسة لجنة الحريات في نقابة المحامين نور الامام إن الدولة الأردنية تحاول استغلال الحالة الأمنية والتخوفات من التعرض لهجمات إرهابية للتقيد على الحريات في البلاد، وللتضيق على الناشطين السياسيين.
وأضافت امام إنه لا يوجد أي مبرر للتضييق على الحريات في حالات التخوف الأمني، مؤكدةً على أهمية الفصل في التعاطي مع الملفات وضرورة عدم التعدي على الحريات وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي التي وصلتها عين الرقيب في الفترة الأخيرة وباتت منصة مراقبة كبيرة لأصحاب الأفكار التي لا تتلاقى مع الدولة، "مما يستدعي القلق على وضع الحريات في البلاد"، بحسب إمام.
وأكد الملك عبدالله الثاني في خطابه افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة أن الإصلاح في الأردن لن يكون إلا باحترام حقوق المواطن وكرامته وصون حريته.
إلا أن المومني يرى في حملة الاعتقالات الأخيرة ردعاً للإصلاح في البلاد وبخاصة أن الموقوفين ما زالوا يحاكموا أمام محكمة أمن الدولة، ويوجهوا تهماً تتعلق بالإرهاب، بالإضافة إلى تهم تقويض نظام الحكم وإطالة اللسان.
المحلل والكاتب الصحفي في صحيفة الدستور الأردنية إبراهيم القيسي يرى أن الاعتقالات في الفترة الأخيرة سببها بعض "العقليات المتطرفة" داخل الدولة، مؤكداً أنها لا تمثل الدولة الأردنية وبخاصة بعد كلمة الملك التي أكدت على "أن الحالة التي تمر فيها البلاد ليست ذريعة لوقف الإصلاحات أو الاعتداء على الحريات وكرامة المواطن".
إلا أن القيسي لم يخف مخاوفه من التعدي على الحريات في الأردن بسبب الحالة الامنية، مشيراً إلى أن الحراك وناشطيه ضرورة للمعادلة الديمقراطية في البلاد، لأنها تمثل قوة معارضة مهمة يجب الحفاظ عليها وعدم التعدي عليها، لأهميتها كقوى دافعة للإصلاح في البلاد.
وحاولت "عمّان نت" الحصول على تعليق من وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني حول ما إذا وجد تقييد على الحريات والناشطين السياسيين خلال هذه الفترة، إلا أنه لم يتسن ذلك، رغم الاتصالات المتكررة.
ومنذ أن أعلنت الأردن مشاركتها في الحرب على "داعش"، وهي الحرب التي قال عنها الملك في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة "أنها حربنا" أوقفت الدولة الأردنية أكثر من 20 شخصاً من المتعاطفين مع "داعش" إن كان علناً او عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وشرعت بمحاكتهم بتهم تتعلق بالإرهاب، كما شددت رقابتها على مواقع التواصل الاجتماعي وشددت رقابتها على الأخبار المتعقلة بالجيش.