ما بعد "معركة" المهندسين

ما بعد "معركة" المهندسين
الرابط المختصر

شغلت انتخابات نقابة المهندسين التي أغلقت صناديقها يوم السبت الماضي، بفوز قائمة "نمو" التي تمثل تيارات قومية ويسارية ومستقلين، على حساب التيار الإسلامي المسيطر على هذا المعقل النقابي طوال السنوات الماضية، مساحة واسعة بين أعمدة الرأي في الصحف اليومية، وخاصة بعد ما تبعها من مساجلات بين الخصوم السياسيين.

 

الكاتب فهد الخيطان، يرى أن من الطبيعي أن نشهد هذا المستوى من الجدل بعد انتخابات النقابة، فالاعتبارات النقابية والسياسية تحضر بقوة في المشهد، لكن من دون الانزلاق إلى هذا الحد، مشيرا إلى أن خسارة التيار الإسلامي غير المتوقعة، أقوى دليل على تراجع قدراته على الحشد والتعبئة في مرحلة تشهد تقهقرا واسعا لحركات الإسلام السياسي على نطاق عربي.

 

ويضيف الخيطان "يتفهم المرء مشاعر الصدمة عند الإسلاميين بعد الخسارة، لكن ليس إلى الحد الذي يدفع ببعض رموزهم للطعن بشرعية الصناديق التي طالما دافعوا عنها في وجه خصومهم، وكيل الاتهامات المخزية لمنافسيهم بحثا عن أعذار للخسارة".

 

كما يؤكد الكاتب محمد أبو رمان أن "من حقّ أنصار قائمة "نمو" أن يفرحوا بإنجاز تاريخي لهم، تمثّل بكسر احتكار الأغلبية في نقابة المهندسين لقرابة ربع قرن، من قبل التيار الإسلامي.. كما من حقّ الإسلاميين أن يحزنوا لهذه الخسارة. لكن ليس من حقّ أيٍّ من الطرفين وأنصارهما الانزلاق إلى هذا المستوى من الاتهامية والردح المتبادل والخروج على أخلاق الحوار والاختلاف.

 

ويلفت أبو رمان إلى أن الطرفين عملا "على تجيير النتائج وإحالتها إلى ملفات خطيرة، فتيار من الإسلاميين حاول الزجّ بالدولة والأمن ووضع التيار الآخر في مصفوفة معادية للدين، وآخرون اعتبروا الانتصار هزيمة للتيار "الظلامي" و"القوى الرجعية"، وبعضهم اعتبره انتصاراً لنظام الأسد.

 

فـ"ليست الديمقراطية، هي فقط الاحتكام إلى صندوق الانتخاب، بل هي الاحتكام إلى ثقافة التعددية والحوار والتنوع والقبول بالآخر، وإلى عقلية مختلفة تماماً عن عقلية الصراعات الأيديولوجية والحروب الأهلية الرمزية واللغة الأمنية والعسكرية التي نشاهدها بين الخصوم المختلفين"، يضيف أبو رمان.

 

 

ويخلص الكاتب إلى القول إن "هذه الانتخابات كشفت عن هشاشة الثقافة الديمقراطية العميقة، وعكست تجذّر الصراعات الأيديولوجية التاريخية إلى "العظم" في الحياة السياسية، وفضحت فقراً واضحاً في الوعي السياسي لدى القوى جميعاً".

 

الكاتب عريب الرنتاوي، يشير في مقاله إلى أهمية انخراط الإسلاميين والعلمانيين في حوار، ساخن أو بارد، و"لكن شتان بين حوار، هو اشتباك إيجابي في نهاية المطاف، وحفلات الردح وتبادل الشتائم كتلك التي اندلعت في أعقاب انتخابات نقابة المهندسين".

 

ويضيف الرنتاوي بأن مثل هذه التصريحات، تأتي “تطويراً” لمنهج مدمر، رأينا عواقبه في دول عربية عديدة، يقوم على الإقصاء والشيطنة.

 

فـ"هذه “لغة حرب” وليست “لغة حوار”، والأهم أنها تأتي خاوية من أية أفكار أو رؤى يمكن أن تنفع الناس وتبقى في الأرض... وهي بكل تأكيد تأتي بعكس المنهج الذي اختطه الأردن لنفسه في التعامل مع حركات الإسلام السياسي، الإخواني بخاصة، والذي يرفض الإقصائية المدمرة المعمول بها في تجارب وساحات عربية".

 

أما الكاتب جميل النمري، فيذهب إلى أن "ما حدث في نقابة المهندسين يمثل نموذجا لما يكون عليه نظام الثنائية القطبية الذي يختصر جميع الفاعلين في معسكرين اثنين يحقق أحدهما الأغلبية الشرعية ليحكم".

 

ويكتب النمري "لقد كانت عملية ديمقراطية نموذجية تضمنت دروسا باهرة ورسمت طريقا للعمل يمكن البناء عليها ليس في نقابة المهندسين فقط بل في بقية النقابات المهنية وفي البلد".

 

وتتساءل الكاتبة خلود الخطاطبة "هل المهم لأي تيار سياسي سواء كان اسلاميا أو يساريا أو قوميا أو ليبراليا السيطرة على أي جسم منتخب في الأردن أكثر من بحثه عن الإنجاز..  يبدو الأمر كذلك، فلقد أضحت قوة أي تيار سياسي في العالم العربي ومنها الأردن تقاس بمدى تربعه على عرش مؤسسات المجتمع المدني حتى لو وصل الأمر الى ربع قرن".

 

وتوضح الخطاطبة بأن "هناك مبالغة كبيرة في تفسير فشل قائمة «الإنجاز» هذه المرة بانتخابات نقابة المهندسين، فهي لم تأت بحسب ادعاء البعض، في سياق الحرب الدائرة في المنطقة على تيار الإخوان المسلمين والقوى الإسلامية عموما، وهي ليست بأمر مباشر من «الأميركان» للتآمر على الإسلاميين أينما كانوا، انما هي رغبة بالتغيير عند المهندسين استثمرتها الجهة المقابلة".

 

ولم تهدأ بعد، بحسب الكاتب ماجد توبة، ارتدادات ما يمكن وصفه بـ"الزلزال أو العاصفة" التي ضربت نقابة المهندسين، في انتخابات مجلسها الأخيرة.

 

فـ"باستثناء بعض الأصوات النشاز والمثيرة للكراهية التي صدرت خلال الانتخابات النقابية، وبعد إعلان النتائج المفاجئة، فإن التيار العام لدى القائمتين ومؤازريهما يقبل في المحصلة نتائج الاحتكام لصندوق الاقتراع".

 

ويضيف توبة "في تحليل أسباب وظروف ما جرى في انتخابات "المهندسين"، التي بقيت إحدى قلاع الحركة الإسلامية لثلاثة عقود تقريبا، يمكن سرد أسباب وتقديرات عدة، بعضها متعلق بأداء مجلس النقابة وهيئاته القيادية على المستويين المهني والاستثماري".

 

ويدعو الكاتب التيار الإسلامي، إلى مراجعة حقيقية لأدائه السياسي والنقابي ولعلاقته بباقي التيارات والمكونات السياسية والنقابية، مطالبا التيار القومي واليساري والمستقل في النقابة، بالتقدم خطوة للتأسيس لنوع من الشراكة وتوافقات الحد الأدنى مع الجميع، وتجاوز أي سلبيات.

 

أما الكاتب أحمد أبو خليل، فيشير إلى أن "ما جرى في انتخابات المهندسين هو تجربة في عودة العلاقة الطبيعية بين السياسي والنقابي، صيغة تسمح للحزبي النقابي أن ينتقل بين مهمتيه أو دوريه، من دون انتهازية أو بالقليل منها".

 

فت"انتخابات المهندسين تجربة في عودة الممارسة النقابية والسياسية في النقابات إلى حالتها الطبيعية، وهي عودة فرضها جمهور الناخبين قبل أن تكون خياراً عند المرشحين الفائزين، ولكن فضلهم الأساسي أنهم احترموها واستجابوا لها، وهم اليوم أمام اختبار مواصلة الإخلاص لها وإنجاحها"، يقول أبو خليل.