قراءة في نتائج استطلاع أداء الحكومة
قوبلت نتائج استطلاع الأخير حول أداء حكومة عبد الله النسور الصادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بنقد بعض كتّاب الرأي في الصحف اليومية، بعد إظهار تلك النتائج لزيادة شعبية الحكومة، فيما يؤكد آخرون على واقعيتها مع ارتفاع منسوب الاهتمام في الشارع الأردني بالشأن الإقليمي على حساب المحلي.
رئيسة تحرير صحيفة الغد جمانة غنيمات، وصفت نتائج الاستطلاع بالمفاجئة وغير المتوقعة، مشيرة إلى التباين فيما خلص إليه الاستطلاع ما بين زيادة شعبية حكومة النسور، وازدياد نسبة التشاؤم لدى الأردنيين فيما يتعلق بالمسار الذي تسلكه المملكة.
وتلفت غنيمات إلى الأسباب الـ"تاريخية" لضعف تقييم الحكومات دائما، كالمشكلات الاقتصادية "العابرة لمجالس الوزراء، وعلى رأسها الفقر والبطالة، وتكسير الطبقة الوسطى، نتيجة السياسات الاقتصادية".
وتتساءل المحللة الاقتصادية عن كيفية حصول الحكومة على مثل هذا التقييم الإيجابي، فيما تعاني من ضعف الأداء الاقتصادي الذي نتجت عنه علاقة سيئة مع شرائح مختلفة من المكونات الاجتماعية والاقتصادية.
وتخلص غنيمات إلى أن شخصية الرئيس النسور، "مع الانطباعات السابقة عنه كمعارض، ما تزال تسعفه حتى اللحظة، حتى لو انقلب على كل ما كان يقول".
توقيت حاسم بعد انتهاء الدورة البرلمانية
أما الكاتب عمر كلاب، فيرى أن نتائج الاستطلاع جاءت في توقيت حاسم بعد انتهاء الدورة البرلمانية العادية الثانية.
ورغم استهجان الكثيرين من "النخبة" لارتفاع شعبية النسور، إلا أن المتفاعل مع المكونات الاجتماعية، بحسب كلاب، لا يستغرب الارتفاع بالشعبية، "كون سؤال الأمن والاستقرار سؤال مقدم على كل الأسئلة".
ويشير كلاب إلى سبب آخر ساهم في ارتفاع الثقة وهوالاستقرار الذي شاب الرئاسات الأساسية والذي عكس نفسه على الاستقرار الحكومي.
إلا أن "الحالة المستقرة على المستوى السياسي لا يقابلها استقرار على المستوى الاقتصادي الذي بات واقعه مجال انتقاد حيوي للحكومة تحديدا في ملفي الطاقة وجذب الاستثمار، فأسعار الطاقة لم تنعكس على معيشة المواطن ايجابا رغم انخفاض فاتورة الطاقة ، بل على العكس ارتفعت الاسعار وارتفع التضخم وارتفعت المديونية ، وبقي حجم البطالة على حاله".
كما شهد ملف الفساد كمونا، رغم عدم ظهور ملفات جديدة ، لكن الملفات القديمة بقيت على حالها، فما رشح من تقرير ديوان المحاسبة يؤشر بأن النهج الاداري بقي على حاله، والتعيينات في المراكز العليا ما زالت محكومة بالعلاقات الشخصية وليست للامتحانات والمنافسة، يقول كلاب.
ويختتم كلاب مقاله بالقول إن "تقديم المواطن لمسألتي الامن والاستقرار رفعتا من شعبية الحكومة ، لكن ذلك لا يعني البقاء في دائرة الاسترخاء وعدم الاجابة عن اسئلة الاقتصاد والاصلاح السياسي ، التي يمكن ان تنفجر مجددا ، اذا ما استمر الواقع الاقتصادي بالسير على نفس الخطى من تراجع في الاستثمار وغياب للتشغيل وبقيت الحالة السياسية على كمونها دون انتاج واقع جديد يبعث على الامل للاجيال الشابة".
أما مدير مركز الدراسات الاستراتيجية معدّ الاستطلاع موسى شتيوي، فيؤكد أن نتائج الاستطلاع لم تكن مفاجئة، سواء المتعلقة بتقييم الرئيس والحكومة، أو المتعلقة بالاتجاهات نحو قضايا الإرهاب والتطرف والقضايا الإقليمية.
ويوضح شتيوي بأن الرأي العام له منطق ومزاج قد لا يتناسبان دائماً مع مطالعة أو قراءة موضوعية للواقع الاقتصادي أو السياسي، أو كما يراه النقاد أو المعارضة، أي إنه ليس تقييما موضوعياً للحكومة، ولكنه مؤشر مهم لانعكاس مجمل السياسات العامة والحكومة ورئيسها على الرأي العام.
ويشير إلى أن الثقة التي منحها الأردنيون للحكومة كانت تقييما عاما بقدرة الحكومة والرئيس على تحمل مسؤوليات المرحلة، موضحا بأن أغلب تحديات المرحلة الحالية، انتقلت من المستوى الوطني المحلي إلى المستوى الإقليمي الخارجي، وهو ما يشير إلى تراجع التحديات الداخلية، وتعاظم التحديات الخارجية أو الإقليمية، وعلى رأسها الإرهاب.
أما الثقة الـ"معقولة" بالحكومة، فلا تدعو الفريق الوزاري، بحسب شتيوي، إلى الشعور بالراحة، فهي ليست "شيكا على بياض بل سلفة لقادم الأيام"، وتخطئ الحكومة إذا ما اعتبرتها تفويضت جديدت لها، فـ"التحديات الاقتصادية التي برزت في الاستطلاع تحتاج جهودا استثنائية لمعالجتها، وهي أحياناً بحاجة للتفكير خارج الصندوق للتعامل معها".