قراءة في "صفقة" الحكومة والمجلس الدائم للنواب
تتميز مناقشات مجلس النواب لملفات الحكومة الاقتصادية بـ"السخونة" التي تصل إلى التلويح بطرح الثقة، والتي كان آخرها مناقشة النواب لقرار الحكومة الأخير برفع نسب ترخيص المركبات وسعر اسطوانة الغاز المنزلي، بما أتاح مجالا للنقاش حول العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
الكاتب فهد الخيطان، يرى أن التسوية النيابية مكنت الحكومية من تخطي العاصفة، مشيرا في الوقت ذاته إلى انحسار هامش المناورة وممارسة السلطة إلى حدوده الدنيا أمام الحكومة.
فلم يعد تحت قبة البرلمان أو في أوساط النخبة العامة من رجال الدولة، أنصار للحكومة على استعداد للدفاع عنها وحمايتها، لتقف الحكومة "عارية" من أي دعم، بحسب الخيطان، الذي يلفت إلى غياب غطاء الدعم الذي كانت تتخذه الحكومة الذي مكنها من اتخاذ القرارات وتمريرها دون حاجة لإدارة نقاش عام حولها.
ويخلص الخيطان إلى "أن الأشهر، وفي أحسن الأحوال السنة المتبقية من عمر حكومة عبد الله النسور، لا تتيح لها اتخاذ قرارات استراتيجية من دون توافق مسبق مع البرلمان، وتفاعل جدي مع الرأي العام، مشيرا إلى أنها ستكون فترة انتقالية في البلاد، تستدعي صيغة توافقية في إدارة الشأن العام.
أما الكاتب حسين الرواشدة، فيستشهد بتعليق الناطق باسم الحكومة محمد المومني على "الصفقة"، والتي أكد فيها بأن الحكومة لم تتراجع عن قراراتها وإنما جرى تعديل عليها، ليشير إلى أن الحكومة لم تتراجع فعلا عن منطق فرض المزيد من الضرائب، إلا أنها تراجعت "تكتيكيا" تحت الاحساس بغضب الشارع وضغوط بعض النواب، خطوتين للوراء.
وبعيدا عن تفاصيل "الصفقة" وحسابات الخسارة والربح فيها، يلفت الرواشدة إلى أن ما فعلته الحكومة حين تراجعت عن “نصف” مقرراتها لم يكن ليحدث لولا حركة المجتمع وارتفاع صوته، ومع ان هذه الحركة لم تتجاوز الفضائين الالكتروني والاعلامي.
كما "أن ما حدث فتح أعيننا مجددا على مجلس النواب، وعلى قانون الانتخاب تحديدا، صحيح أن هذا المجلس تحرك تحت الإحساس بالحرج وحاول أن “يلمّ” الطابق، ووضع للحكومة “جسرا” إلى الوصول لطمأنة الناس بأقل الخسائر، لكن الصحيح أن أداء هذا المجلس (دعك من بعض الأصوات الشجاعة) كان أقل من المطلوب.
فيما تصف الكاتبة جمانة غنيمات تعامل الحكومة مع الموقف الشعبي الرافض لخطوة رفع سعر اسطوانة الغاز بـ"الدهاء الشديد"؛ فهي تراجعت ولم تتراجع!
وتوضح غنيمات بأن "إلغاء" زيادة "النصف دينار" لن يكون له هناك خسائر مالية، بل ربما يكون الإيراد قد زاد باحتساب الضرائب على المشتقات الأخرى التي توزعت عليها الزيادة الملغاة، إلا أن ما خسرته الحكومة أكبر بالقيمة المعنوية وليس المالية، بعد أن بدا، ولو شكليا، أنها تتراجع عن قراراتها.
وترجع الكاتبة تشكيك المواطن بحديث الحكومة حول سعر الغاز، إلى عدة أسباب أبرزها الثقة المفقودة التي لم تستطع الحكومة الحالية استعادتها رغم محاولاتها المتكررة لذلك.
كما "أن شرائح واسعة من المجتمع، تشكل ما يزيد على 75 % من المواطنين، بالكاد تكفيها مداخيلها لتغطية كلف عيشها. ولذا، صارت ردود أفعالها غاضبة حيال أي قرار يمس هذا الدخل".
فيما استغل نواب الجو الشعبي الساخط، حيث سعوا إلى تصعيده أكثر، طالما أن الأمر حملة شعبية مضمونة في الربع الأخير من عمر مجلس النواب، بحسب غنيمات.