قانون الانتخاب في "المطبخ" التشريعي
تواصل الغرفة التشريعية الأولى تحت قبة البرلمان، مناقشة مشروع قانون الانتخاب، وسط جدل نيابي يعكس المطالبات الحزبية والنسوية حول "القائمة الوطنية"، وتوسعة التمثيل النسائي في نظام القانون.
الكاتب فهد الخيطان، يرى أن الجدل النيابي الساخن الذي دار في مستهل نقاش المجلس لمشروع القانون، ليس بلا معنى أو قيمة، حيث أننا بصدد تشريع مفصلي في حياتنا السياسية، سيقرر إلى حد كبير هوية الحياة البرلمانية ونوعية الحكومة التي ستنبثق منها للسنوات الأربع المقبلة.
ويضيف الخيطان أن التعديلات المقترحة برلمانيا وحزبيا ونسويا ليست شيطانية أبدا، متسائلا "من منا لا يريد تمثيلا أوسع للنساء ينبغي أن لا يقل عن النصف في المستقبل؟ ومن يرفض نظاما انتخابيا يوحد الأردنيين خلف قوائم تمثل الوطن بكل أطيافه الحزبية والاجتماعية؟ ومن لا يطمح إلى برلمان يفرز حكومة أغلبية وتخضع لمساءلة المعارضة تحت القبة؟".
إلا أن الكاتب يلفت إلى أن عملية الإصلاح محكومة بالإرادة المستندة إلى الواقع، لا إلى الرغبات والتمنيات، مشيرا إلى أن مشروع قانون الانتخاب المعروض على النواب يعد خطوة محسوبة إلى الأمام، تفتح الباب لخطوات أكبر في المستقبل.
"ومع إدراك الجميع لأهمية قانون الانتخاب، إلا أنه يبقى بلا قيمة مهما كان متطورا إذا لم نعمل على تهيئة البيئة العامة لإفراز أفضل النواب للمجلس المقبل".. فـ"قانون الانتخاب بصيغته الحالية، والتي يتوقع إقرارها قريبا، ليست نهاية المطاف؛ إنما جولة أولى من الإصلاح يمكن البناء عليها؛ فما هو غير مقبول اليوم يصبح ممكنا بعد أربع سنوات، وهكذا تدور عجلة الإصلاحات"، بحسب الخيطان.
أما الكاتب ماجد توبة، فلا يتوقع أن تطول مناقشة وإقرار النواب لمشروع القانون، وقد لا تتجاوز المدة المتوقعة لذلك نهاية الأسبوع الحالي، أو الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.
فـ"التقديرات والمؤشرات التي يمكن ملاحظتها في هذا السياق، تشير إلى أن مشروع القانون، بمحاوره الرئيسة التي جاءت من الحكومة، سيمر وسينال إقرار مجلس النواب، حتى لو تم إدخال بعض التعديلات هنا أو هناك، حيث لا يتوقع أن تمس مثل هذه التعديلات جوهر القانون ونظامه الانتخابي"، يقول توبة.
ويشير الكاتب إلى عدم تطرق اللجنة القانونية النيابية لأبرز تحفظات قوى سياسية وحزبية على مشروع القانون، والمتعلقة بالمطالبة بقائمة وطنية، واعتماد عتبة حسم للقائمة على مستوى المحافظة، إلا أن المؤشرات لا تذهب في هذا المنحى.
"أما في موضوعة تقسيمات الدوائر الانتخابية، فلا أعتقد أن إقرار ما أدخلته اللجنة القانونية من عدمه سيمس جوهر القانون والنظام الانتخابي، فيما يمكن لمجلس النواب أيضا أن يستجيب لمطالب الفاعليات النسائية والمدنية برفع حصة "كوتا" المرأة في القانون إلى مقعد لكل دائرة انتخابية، بدلا من مقعد لكل محافظة إضافة لدوائر البدو الثلاث"، بحسب الكاتب.
وينتهي توبة إلى القول "قد لا يكون مشروع القانون الحالي ملبيا لطموحات الطيف الواسع من القوى السياسية، ولا شك أن ثمة ما هو أكثر تطورا وتمثيلا ديمقراطيا لإرادة الناخبين، لكنه بلا شك حقق نوعا من التقدم عن سابقه، ربما لم يتوقعه الكثيرون، ما يفتح الباب مستقبلا لتطويره، والبناء على ما تحقق من تقدم".
ويصف الكاتب إبراهيم القيسي، قانون الانتخاب بـ"قانون القوانين"، "وهو المقياس الحقيقي لمدى التقدم على سلم الإصلاح السياسي، وكلما قدم القانون مساحات أكبر للمشاركة الشعبية، وحافظ على «توازنات» تتعلق بخصوصية أردنية، كلما كان أكثر مواءمة وقبولا".
ويضيف القيسي بأن "أهم قانون في الإصلاح السياسي لأية دولة هو قانون الانتخاب، فهو الأب الشرعي للديمقراطية في هذه الدولة، وهو الذي يفرز نخبة سياسية ويمنحها سلطة التشريع والرقابة"، مشيرا إلى أن الأيام القليلة القادمة ستشهد تفاعلات فكرية وسياسية واجتماعية مهمة، يتحول معها الإعلام إلى الجبهة الداخلية، ولن تبقى مساحة للحدث الخارجي.
ويذهب الكاتب رمضان الرواشدة، إلى أن القانون بصيغته التي قدمتها الحكومة هو من أفضل القوانين، حيث يعتمد القائمة النسبية على مستوى المحافظة.
أما المسألة الإيجابية الثانية، بحسب الرواشدة، فتتمثل بعدم وجود قوائم وطنية لأنه ثبت بالمطلق فشلها في تحقيق تقدم لصالح الأحزاب السياسية، خاصة الصغيرة منها، معربا عن استغرابه ز من بعض الأحزاب مطالبة بالقائمة الوطنية التي "تضر بمصالحها".
كما أن وجود "عتبة" للأصوات كنسبة معينة لتمثيل القوائم لا تراعي مصالح الأحزاب السياسية بل تضر بها، فالأحزاب من صالحها عدم وجود "عتبة" لوزن الصوت لأنه لا يمكنها من نسج التحالفات الانتخابية، يقول الرواشدة.
ويؤكد الكاتب أن القانون برمته قانون عصري وتقدمي، معربا عن أمله بأن يدرك النواب أهميته وأن يقروه كما ورد من الحكومة باستثناء بعض التعديلات الإجرائية التي يحتاجها القانون للتسهيل على المواطن وعلى عملية الانتخاب نفسها، وأن لا يدخلوا مسألة تقسيم الدوائر في القانون ويتركوها لنظام تقره الحكومة حتى لا يحصل تضارب في المصالح.