"فضيحة" الدجاج.. وتساؤلات المحاسبة
عشرات الأطنان من الدجاج الفاسد والتي كانت تتجه إلى أفواه الفقراء في عدد من محافظات المملكة، كانت مثار اهتمام الشارع الأردني خلال الأسبوع الماضي، وسط تبادل للاتهامات بأسباب الحادث، ومدى محاسبة المسؤولين عنها.
الكاتب حسين الرواشدة، يقول إن "فضيحة" الدجاج التي انفجرت الأسبوع الماضي، ابتدأت برفع الأسعار بشكل غير مفهوم ثم وصلت الى محاولة توزيع عشرات الأطنان الفاسدة على الفقراء، حيث اكتشف المواطنون ذلك وأبلغوا الجهات الرسمية، وكان من المتوقع ان يخرج بيان رسمي لتوضيح القضية، لكن ما حصل ان كل جهة وجهت الاتهام للجهة الأخرى، حتى تفاجأنا بإحالة ثلاثة اشخاص الى التحقيق: سائقين وموزع، وبالتالي طويت الصفحة بعد ان دفع هؤلاء الثلاثة ثمن “الفساد”.
ويضيف الرواشدة "حين ندقق فيما حدث نجد أن الفساد أصبح “اوقح” مما كنا نتصور، فقد وصل إلى “الدجاج” الذي كان يفترض به أن يبقى “طعاماً” محمياً، كما نجد أن العمل الخيري الذي هو في الأصل وسيلة للتقرب من الله وزكاة للنفس من الأثرياء للفقراء والمحتاجين قد تعرض أيضا للإصابة بهذه العدوى القاتلة.
وبالتدقيق أكثر، "نجد أن الجدية في مواجهة “الفساد” تراجعت وأن المقبوض عليهم من “الفاسدين” هم من صنف “الصغار” الذين تتراوح أفعالهم ما بين أخذ رشوة بمئات أو عشرات الدنانير، أو سرقة مواد بسيطة بحكم تولي وظيفة ما، فيما بقيت ملفات الفساد الكبرى ومعها “الحيتان” بعيدة عن مجرد الاتهام ناهيك عن المساءلة والمحاسبة"، بحسب الرواشدة.
ويتساءل الكاتب فهد الخيطان: "هل كان علينا أن ننتظر لحين ظهور الدواجن الفاسدة في السوق لنكتشف أن هناك أطنانا مخزنة في المستودعات منتهية الصلاحية، ومثلها يقال إنها تسربت لبطون الناس؟.. لماذا لا تخضع مخازن مرخصة ومعروفة العنوان للرقابة الدورية مثلما يحصل مع مسالخ ومستودعات الشركات الكبرى".
ويضيف الخيطان "كان يمكن لفضيحة كهذه أن تودي بسمعة شركة معروفة في السوق الأردني، لولا أن البيانات الموثقة كشفت أن الكميات المضبوطة بيعت قبل خمسة أشهر لموزع فرعي أودعها مخازن يفترض أن تتوفر فيها شروط التخزين الصحية".
ويصاب المرء بالدوار أحيانا، بحسب الكاتب، وهو يستمع من مسؤولين في مؤسسات رقابية لحجم التجاوزرات المسكوت عنها في قطاعات حيوية تمس حياة الناس بشكل مباشر... وليس صحيحا أبدا أن المسؤولين لا يعلمون بها، لكنها ثقافة التستر فعلت فعلها في الإدارة الأردنية، حتى بات المعنيون في الميدان لا يبالون بما ترصد عيونهم من مخالفات وتجاوزات، ولا تتحرك ضمائرهم لتطبيق القانون كما ينبغي.
ويلفت الكاتب محمد داودية، إلى أن أسبابا عديدة، تؤدي إلى إنتاج دجاج لاحم مشوه مريض، أبرزها زيادةُ المضادات الحيوية أو الهرمونات، التي تقدم للدجاج.
ويعرض داودية عدة عمليات غش وخداع وتضليل، تجري لتزيين الدجاج المشوه المريض، الذي يجب ان يحرق، او يقذف الى الحاويات ومكبات النفايات، ومن أمثلتها: تقطيع الدجاج المشوه المريض وتتبيله وإغراقه بالسوائل التي تخفي حجمه وشكله، وتسحيب الدجاج المشوه المريض،وإضافة المحسنات للدجاج الذي يباع لبعض مصانع المرتديلا، وغيرها من الطرق لبيع الدجاج المريض.
ويتهافت التجار الفاسدون على شراء هذا الدجاج المشوه المريض، عندما يتوفر في مزارع تربية الدجاج اللاحم بـ 12 أو15 أو18 أو20 أو22 قرشا للكيلوغرام الواحد!! ويبيعونه بأكثر من 260 قرشا للكيلوغرام الواحد، بحسب داودية.
و"هذا غش يدر ملايين الدنانير، وهناك اشكال احتيال وفساد أخرى تدر أقل واكثر، ولن يتوقف الفاسدون عن الربح والهبش واللهط والشفط، بشتمهم. بل بفضحهم ونبذهم، ومحاسبتهم حسابا قانونيا عسيرا، وحساب رأي عام، عسيرا أيضا، على هذه الجنايات التي تقارف بحق شعبنا.
ويؤكد الكاتب أحمد الحسبان، أن ما حدث ليس جديدا، فقد سبق أن وزعت مواد غذائية منتهية الصلاحية في حملات مشابهة ـ ولكن ليس بمثل هذه الكمية الضخمة ـ.
وينتهي الحسبان إلى القول إن "التطورات المثيرة في هذا القطاع تتمثل باتساع دائرة النشاط الخيري في ظل زيادة اعداد اللاجئين الذين اموا المملكة واقاموا فيها. فقد انتشرت ظاهرة تأسيس الجمعيات الخيرية، وبما يعطي انطباعا بان تلك الجمعيات عبارة عن « دكاكين استرزاق»، حيث اصبح طبيعيا عندما تسال عن مهنة شخص معين ان يكون الجواب» عنده جمعية خيرية»!