عمّان والثلجة الكبيرة

عمّان والثلجة الكبيرة

تنتظر العاصمة عمان مرور "الزائر الأبيض"، رغم ما ساد الشارع الأردني من ترقب لتغير الخرائط الجوية وتأجيل هذه الزيارة، وسط إعلان حالات الطوارئ  على مختلف مستوياتها، فيما كان له مساحته بين أعمدة كتاب الصحف اليومية.

 

الكاتب علاء الدين أبو زينة، يستذكر عمان أيام السبعينيات من القرن الماضي، لافتا إلى أنه لا يتذكر أحوالاً تشبه الطوارئ الحالية في شتاءات عمان القديمة غالبا، وصولا إلى "شتوة" أواخر الثمانينات، حين فاضت شوارع وسط البلد، واستغلها الحمالون الذين لديهم عربات خشبية بعجلات "بيليا" الصغيرة، لنقل المارة بين الرصيفين ببضعة قروش.

 

وبعد كل هذه السنوات، يقول أبو زينة، "كبرنا وكبرت عمان وتمددت وتنوعَّت. واهتمامات أبنائها تغيَّرت وخياراتهم تعددت، ولم يعد قلب المدينة هو الذي يعرض كل أشيائها التي كانت بسيطة، أمام منافسة الضواحي البراقة. والثلج أيضاً، أصبح طبقياً، يزور غرب عمان الميسور، وينحاز عن شرقها المكتفي بدفئه الذي لا مثيل له، في أحضان بيوته المتعانقة البسيطة التي لا يشبه وداعتها شيء".

 

ما يرى الكاتب جمال شاهين، بعد سرد لمختلف الاستعدادات لمختلف الأجهزة المعنية لاستقبال المنخفض الجوي، "أن الأيام الخوالي التي كانت تعلن فيها حالات الطوارئ بسبب الحروب كانت الإجراءات برمتها أسهل بكثير وأقل كلفة حتى في عدد المصابين"، متسائلا عن مكمن المشكلة على وجه الدقة.

 

فيما يشير الكاتب طلعت شناعة إلى حالة المنافسة بين "المرجعية الجوية"، في ظل حديث الناس عن الطقس والتوقعات الجويّة، بتساقط الثلوج، باهتمام ودهشة مبالغ فيها، واصفة تلك المنافسة بلقاء الكلاسيكو بين برشلونة "موقع طقس العرب"، وريال مدريد "الأرصاد الجوية".

 

"والناس يا حرام مساكين، يحتارون من يصدقون، "طقس العرب"، الخاص، أم "الأرصاد الجوية"، الحكومية، الناس مُنشغلون، كأنهم لأول مرة، يواجهون برودة الطقس، او كأن الثلج، كائن غريب عنا، يحتاج الى استنزاف طاقاتنا وتجميع قواتنا، للتعامل معه، كأحسن ما يكون التعامل"، يقول شناعة.

 

ويرى الكاتب أن الناس في الأردن، ينتظرون الثلج ليس لأنهم يريدون التمتع ببياضه، بل لكي يحصلوا على إجازة مجانية، تكون بمثابة "هبة ربانية"، خاصة وهم معذورون، فلا الشوارع مهيأة لـ "شمّات الهوا" ولا سياراتهم، إلاّ ما ندر، جاهزة للتعامل مع الظروف الجوية.

 

أما الكاتب الساخر كامل النصيرات، فقد كتب مقاله وهو لا يعلم كم من الثلج قد هطل، أو قد لا يكون هناك ثلج إلاّ في فريزرات ثلاجاتكم، مشيرا إلى انشغال الشارع الأردني طوال الأسبوع الماضي بسيرة الثلج والعطلة، حيث أصبح إعطاء المواعيد عندنا مرتبطاً بالثلج.

 

ويضيف النصيرات "الجميل في الشعب الأردني؛ أنه يريد الخروج من الأزمة الاقتصادية سريعاً ولكنه يركض نحو العطلة أسرع، كل شيء مرتبط بالعطلة، إذا زخّت الدنيا (رذاذاً) تصايح جمع كبير: الدنيا كب من الرب والحياة صعبة ؛ لازم نعطّل".

 

ويضطر الكاتب "تحت كل هذا الرعب الذي أفاضته علينا مختلف وسائل الإعلام الأردنية"،  لمغادرة عمّان ؛ هارباً من ثلجها الذي يملأ عمان بالعيوب إلى قريته "الكرامة" حيث لا ثلج ولا جيران لا تعرف بعضها.

 

أضف تعليقك